بعد أن تمكن الذهب من الثبات فوق مستوى الدعم عند 2,600 دولار في بداية شهر أكتوبر، تعرض مرة أخرى لضغوط بيع قوية خلال تعاملات أمس، حيث لم يستطع الحفاظ على مكاسبه فوق مستوى 2,800 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى في تاريخه.
والآن يتساءل المستثمرون عما إذا كان هذا هو التصحيح المنتظر منذ فترة طويلة أم مجرد انخفاض طفيف سيتم تعويضه بسرعة.
تأثير البيانات الاقتصادية على الذهب
يشير بعض المحللين إلى أن البيانات الاقتصادية الأفضل من المتوقع هذا الأسبوع قد تشكل ضغطاً على الذهب في المدى القريب، حيث ستكون البيانات الرئيسية يوم الجمعة عند إصدار تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر أكتوبر.
أظهرت بيانات التوظيف في القطاع الخاص نمواً قوياً في عدد الوظائف الشهر الماضي، وعلى الرغم من أن تقرير ADP لا يتطابق دوماً مع أرقام الحكومة، إلا أن بعض المحللين أشاروا إلى احتمال وجود مخاطر إيجابية في سوق العمل لشهر أكتوبر.
وقال ريكاردو إيفانجليستا، كبير المحللين في ActivTrades: "قد تؤثر هذه الأرقام على توجهات السوق نحو الذهب؛ فبيانات قوية تقلل من احتمالية خفض معدلات الفائدة من قِبل الفيدرالي، مما قد يؤدي إلى بيع سندات الخزانة، وارتفاع العائدات، وزيادة الطلب على الدولار".
مؤشرات فنية تشير إلى تشبع الشراء
ليست البيانات الاقتصادية وحدها من يؤثر على سوق الذهب، فقد أشار أليكس كوبتسيفيتش، كبير المحللين في FxPro، إلى أن مؤشرات الزخم في الذهب وصلت إلى مستويات التشبع. وقال: "على أساس أسبوعي، تجاوز مؤشر القوة النسبية (RSI) حاجز 80، وهذا حدث للمرة السادسة فقط خلال الخمسة عشر عاماً الماضية. وعادة ما يتبع هذه الحالة تصحيحات، حيث كانت أدنى نسبة تصحيح 5% في أبريل الماضي، وفي حالات أخرى تتراوح نسبة التصحيح بين 8% و20%".
مع ذلك، أضاف كوبتسيفيتش أنه لا يزال هناك شرط أساسي واحد بالنسبة للذهب قبل أن يبدأ التصحيح. وأوضح قائلاً: "إشارة التصحيح تبدأ عندما يعود الأصل من منطقة التشبع؛ قبل هذا النقطة، من الصعب السير عكس الاتجاه، حيث يمكن أن تكون تغييرات الأسعار متقلبة للغاية بسبب موجات التصفية للصفقات القصيرة".
حركة الذهب الحالية وتوقعات المحللين
يرى بعض المحللين أن التصحيحات الأخيرة للذهب منذ الصيف كانت سطحية نسبياً. فقد دفع البيع الأخير في أكتوبر الذهب للانخفاض بمقدار 80 دولاراً، قبل أن يعاود الارتفاع إلى مستوى 2,800 دولار.
وعلى الرغم من زيادة المخاطر في السوق، يعتقد ديفيد موريسون، كبير المحللين في Trade Nation، أن سوق الذهب قد لا يكون مستعداً بعد للتصحيح. وقال موريسون: "الذهب بحاجة إلى تصحيح، أو على الأقل فترة استقرار. فقد ارتفع بنسبة 40% منذ منتصف فبراير، من 1,990 إلى 2,790 دولار بشكل مباشر".
مستوى 3,000 دولار كنقطة تحول نفسية
فيما يعتقد بعض المحللين أنه من غير المتوقع حدوث تصحيح كبير في أسعار الذهب حتى تصل الأسعار إلى 3,000 دولار للأونصة، وهو مستوى يمثل قيمة تاريخية معدلة للتضخم ويعتبر مستوى نفسي مهم.
في حين من المتوقع أن يشهد الذهب تقلبات في المدى القريب، يرى العديد من المحللين أن أي انخفاض في الأسعار يمثل فرصة للشراء، معتمدين على أن سوق الذهب لا يزال مدعوماً بأساسيات قوية في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 4% في أكتوبر/تشرين الأول وسط تدفقات الملاذ الآمن التي حفزتها التوترات في الشرق الأوسط وعدم اليقين بشأن الانتخابات الأمريكية.
وقال المحلل إدوارد ماير من ماريكس: "لا يزال المستثمرون يشترون الانخفاضات وستظل هذه الاستراتيجية صامدة خلال الانتخابات الأمريكية، وربما بعد ذلك لأنه سيكون هناك الكثير من الاضطرابات".
ويظل العديد من المحللين متفائلين تجاه الذهب مع بدء الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف جديدة. وعلى الرغم من البيانات الاقتصادية القوية هذا الأسبوع، يتوقع السوق أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماعين المقبلين وخلال معظم عام 2025.