الذهب تحت المجهر: هل يواصل الصعود أم يواجه ضغوط التصحيح؟

تم النشر 10/03/2025, 10:01

شهدت أسواق الذهب العالمية ارتفاعًا محدودًا ولكن ملحوظًا خلال جلسة التداول يوم الاثنين الموافق 10 مارس 2025، حيث عززت مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن. وبلغ سعر الذهب الفوري ارتفاعًا بنسبة 0.1% ليصل إلى 2,912.79 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.2% مسجلة 2,919.40 دولارًا. هذا الارتفاع جاء في ظل بيئة اقتصادية عالمية متقلبة، حيث تتصاعد التوترات الجيوسياسية وتتعاظم المخاوف بشأن مستقبل السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى، لا سيما مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

العوامل الدافعة لارتفاع الذهب

أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في ارتفاع أسعار الذهب هو تراجع قيمة الدولار الأمريكي، الذي وصل إلى أدنى مستوياته في أربعة أشهر. هذا الانخفاض جعل الذهب، الذي يتم تسعيره بالدولار، أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى، حيث أصبح المعدن النفيس أقل تكلفة نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، أدت المخاوف المتزايدة من فرض رسوم جمركية جديدة من قبل الولايات المتحدة على شركائها التجاريين، مثل الصين والمكسيك وكندا، إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق المالية. هذه الإجراءات التجارية، التي تأتي في إطار سياسات حمائية، تهدد بتعطيل سلاسل التوريد العالمية وزيادة التكاليف على الشركات، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول آمنة مثل الذهب.

كما أن التوقعات المتعلقة بالسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تلعب دورًا محوريًا في تحركات أسعار الذهب. فمع ترقب صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الحالي، يتطلع المستثمرون إلى الحصول على مؤشرات حول مسار التضخم وتأثير ذلك على قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. أي إشارات إلى تباطؤ التضخم قد تعزز التوقعات ببدء تخفيف السياسة النقدية، مما قد يدعم أسعار الذهب بشكل أكبر.

التحليل الفني لمستويات الذهب

من الناحية الفنية، تشير التحليلات إلى أن الذهب يحافظ على زخمه الصعودي ضمن نطاق تداول محدد. وتُظهر الرسوم البيانية أن مستوى الدعم الرئيسي يقع عند 2,899 دولارًا للأوقية، وهو مستوى قد يحول دون حدوث مزيد من التراجع. يليه مستوى دعم ثانوي عند 2,878 دولارًا، ثم مستوى حاسم عند 2,864 دولارًا، حيث قد يؤدي اختراقه إلى تسارع في الاتجاه الهبوطي. على الجانب الآخر، تواجه أسعار الذهب مقاومة أولية عند 2,921 دولارًا، تليها مقاومة أقوى عند 2,942 دولارًا، ثم مستوى 2,946 دولارًا الذي يُعتبر حاجزًا رئيسيًا قد يحدد المسار المستقبلي للأسعار.

التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب

في الأيام المقبلة، من المتوقع أن يظل الذهب محافظًا على زخمه الصعودي في ظل استمرار ضعف الدولار الأمريكي وتصاعد المخاوف الاقتصادية. ومع ذلك، قد تشهد الأسعار تقلبات ملحوظة مع صدور بيانات التضخم الأمريكية، والتي ستلعب دورًا محوريًا في تشكيل توقعات المستثمرين. في حال استمرار الضغوط الصعودية، قد يتجه الذهب نحو اختراق مستوى 2,946 دولارًا، مما قد يفتح الباب أمام مكاسب إضافية. على العكس من ذلك، فإن أي ضغوط بيعية قد تدفع الأسعار نحو اختراق مستوى 2,899 دولارًا، مع احتمالية اختبار مستويات أدنى في حال استمرار الضغوط.

العوامل الاقتصادية والسياسية المؤثرة

بالإضافة إلى العوامل المذكورة، هناك عدة عوامل أخرى قد تؤثر على أسعار الذهب في الفترة المقبلة. أولاً، تصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، قد يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن. ثانيًا، التطورات في أسواق الطاقة، خاصة مع تقلبات أسعار النفط، قد تؤثر على التوقعات التضخمية وبالتالي على أسعار الذهب. ثالثًا، أي تغييرات في السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى، مثل البنك المركزي الأوروبي أو بنك إنجلترا، قد يكون لها تأثير غير مباشر على أسعار الذهب.

نصائح للمستثمرين

في ظل هذه الظروف المتقلبة، يُنصح المستثمرون بمراقبة مستويات الدعم والمقاومة عن كثب، مع التركيز على البيانات الاقتصادية القادمة، لا سيما مؤشر أسعار المستهلكين، لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. كما يُوصى باعتماد استراتيجيات فعالة لإدارة المخاطر، مثل استخدام أوامر وقف الخسارة (Stop-Loss) وأوامر جني الأرباح (Take-Profit)، لمواجهة التقلبات المحتملة في الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الحكمة تنويع المحفظة الاستثمارية لتشمل أصولًا أخرى مثل الفضة أو العملات الرقمية، والتي قد توفر فرصًا إضافية في ظل الظروف الحالية.

بشكل عام، يُظهر الذهب مرونة وقوة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية، مدعومًا بعوامل مثل ضعف الدولار وزيادة الطلب على الأصول الآمنة. ومع ذلك، فإن التقلبات المحتملة في الأسواق تتطلب من المستثمرين البقاء في حالة تأهب ومراقبة دقيقة للعوامل الاقتصادية والسياسية التي قد تؤثر على الأسعار. في النهاية، يظل الذهب أحد أهم الأصول التي يمكن الاعتماد عليها في أوقات عدم اليقين، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا للمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق الاستقرار في محافظهم الاستثمارية.

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.