عقب أسابيع من التخمينات الكثيفة، نفذ البنك المركزي الأوروبي الوعد الذي قطعه في الثامن من مايو واتّخذ خطوات سياسة ملموسة. مع ذلك، كانت تداعيات تلك التدابير محدودة على اليورو، الأمر الذي يدفعنا لطرح السؤال الآتي: هل قام البنك المركزي الأوروبي بما يكفي؟ أنهى اليورو الأسبوع على تراجع مقابل ثلاثة عملات رئيسية فقط، في حين حقق المكاسب مقابل أربعة منها. على ما يبدو، تعتبر السوق خطوات البنك المركزي الأوروبي كدليل على رغبته بالقيام بما يلزم لتحفيز الإقراض وبالتالي النمو في المنطقة؛ ولكن ليس بالضرورة لإضعاف اليورو.
كان نطاق خطوات البنك المركزي الأوروبي واسعًا وإن لم يدخل العديد من التغييرات على الأصعدة المختلفة لبرنامج السياسة النقدية الحالي. فقد صحّت جميع التوقعات التي برزت في الأسابيع التي تسبق اجتماع يونيو. سنستعرض في ما يلي أهمّ التغييرات:
تخفيض المعدّلات: تمّ تخفيض معدّل الفائدة الرئيسي بمقدار 10 نقاط رئيسية وصولاً الى 0.15%؛ تمّ تقليص معدّل الودائع بمقدار 10 نقاط أساسية وصولاً الى -0.10%؛ وتخفيض معدّل الإقراض الهامشي بمقدار 35 نقطة أساسية وصولاً الى 0.40%. تطابقت تخفيضات المعدّلات مع التوقعات، بما أنّ المناقشات كانت تدور حول المعدّلات السلبية في الأسابيع القليلة الماضية. من المحتمل أن تبقي تلك التدابير معدّلات الإقراض ما بين البنوك EONIA دون 0.40%.
السيولة: لا مزيد من عمليات إعادة التمويل البعيدة الأجل لشهر واحد، ولكنّ سيتمّ إيقاف تعقيم الحيازات المشتراة بواسطة برنامج أسواق الأوراق المالية بعد مزاد العاشر من يونيو. سيعزّز هذا الأمر السيولة الزائدة في منطقة اليورو بحوالى 160 مليار يورو.
التوجيه: تخفيض توقعات الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014 من +1.25 الى +1.0%، ولكن رفع تقديرات العام 2015 من +1.55 الى +1.7%؛ الحفاظ على ترجيحات العام 2016 عند +1.8%؛ تقليص توقعات التضخم من +1.0% الى +0.7%؛ تخفيض توقعات التضخم للعام 2015 من +1.3% الى +1.1%، وتلك العائدة للعام 2016 تقلّصت من +1.5% الى +1.4%؛ تمّت مناقشة برنامج شراء الأصول المدعومة بواسطة السندات.
شملت المساعي التي بذلها البنك المركزي الأوروبي الأصعدة كافة، اعتبارًا من خطوات التيسير التقليدية وصولاً الى التدابير غير المعيارية. مع ذلك، كانت هنالك خطوتان أساسيتان لربّما تشكّلان السبب الكامن وراء عدم تراجع اليورو بشكل أكبر قبيل اجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس. أوّلاً، عمد البنك المركزي الأوروبي الى تحديث معدّلات صرف اليورو/دولار المتوقعة خلال الأجل المنظور الى 1.3800$ من 1.3600$. ثانيًا، أفاد الحاكم ماريو دراغي أنّ معدّلات البنك المركزي الأوروبي كانت أساسًا "عند الحدود السفلى".
في الوقت الراهن واستنادًا الى المعطيات المتوافرة، من المستبعد أن يعمد البنك المركزي الأوروبي الى تخفيض المعدّلات أكثر. علاوة على ذلك، يعني ذلك أنّ اليورو/دولار (المتواجد عند 1.3641$ في نهاية الأسبوع) هو دون معدّلات الصرف المتوقعة من قبل المصرف المركزي. بالتطلّع قدمًا، ستولي الأسواق اهتمامًا اقل بالبنك المركزي الأوروبي لتركّز على البيانات الاقتصادية التي تصدر عن ساحة منطقة اليورو.