يعتبر الإقتصاد الصيني من ضمن أقوى إقتصاديات العالم حيث يعتبر ثاني أكبر إقتصاد بعد أمريكا بعد أن سبقت اليابان في عام 2010 م، ومرشح لأن ليفوق اقتصاد الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الخمسة المقبلة.نتيجة لنمو اقتصاد الصين بسرعة وإستدامة خلال ال30 سنة الماضية، أما المستوى الاقتصادي للفرد في الصين فلا يزال يحتاج الى جهد عظيم، وقد ساهم العدد السكاني الصيني في هذا النمو، حيث يبلغ عدد سكان الصين حوالي أكثر من 1.35 مليار نسمة وساعد هذا العدد الضخم في الفوز بمكانة رائدة في العالم بسرعة، حيث أن الصين تملك 11 أضعاف من عدد سكان اليابان،فأصبح إجمالي الناتج المحلي الصيني تتجاوز الياباني.
التحديات التي تواجه إقتصاد الصين:
1- عدد السكان: كما أن عدد السكان في الصين سبباً في النمو إلا أنه يحمل بعض السلبيات والتحديات لأقتصاد الصين، وحاولت الحكومة مواجهة هذه المشكلة من خلال سياسة تحديد النسل، وبالرغم من أن هذه السياسة ساهمت بشكل كبير في تقليض النمو السكاني إلا أنها زادت من عدد المسنين وكبار السن وهو ما سيزيد المشكلة أكثر عند نقص الأيدي العاملة.
2- الناتج المحلي للفرد: صحيح أن إجمالي الناتج المحلي للصين مرتفع واصبح أكبر من الناتج المحلي الياباني إلا أن نصيب الفرد الواحد من الناتج المحلي قليل نسبياً نظراً لعدد السكان الكبير.
3- الحالة الإجتماعية: تعرف الصين تفاوتاً كبيراً في الحياة الإجتماعية بين السكان، ترتبت عن هذا التفاوت نتائج سلبية: مثل التفاوت بين سكان البوادي والمدن من حيث معدل الأمية والدخل الفردي ونسبة الفقر، وأيضاً بالرغم من النمو الاقتصادي الذي عرفته الصين الا أنه لا يزال مستوى التنمية البشرية متوسط ومتفاوت بين المدن والقرى الصينية.
4- النقص في الموارد جعلها ترتبط بالعالم الخارجي أكثر: تشهد الصين إحتياجاً كبيراً من المواد الأولية والطاقة التي تتاسب مع النمو الإقتصادي المرتفع لها، لذا فلجأت الصين إلى عقد اتفاقيات مع دول أجنبية، وهذا ما يجعل الاقتصاد الصيني مرتبط بالخارج وبالتالي يتأثر بشكل كبير بعدم استقرار الأسوق العالمية.
5- سياسة الإدخار لدي المواطنين: يتبع الشعب الصيني سياسة الإدخار مما جعل الإقتصاد الصيني يعتمد على الطلب العالمي أكثر من الطلب الداخلي وبذلك عند حدوث أي أزمة إقتصادية خارجية يكون هناك تأثير مباشر على الإقتصاد الصيني، لذا يجب أن يتم زيادة نسبة الإستهلاك الداخلى والإعتماد على الطلب الداخلي أيضاً في النمو.
6- إنخفاض قيمة العملة في أوروبا واليابان: ساهم أيضاً إنخفاض عملات كلاً من البلدان الأوروبية واليابان أمام الدولار إلي زيادة قيمة اليوان الذي ساهم في تأكل الطلب على الصادرات.
7- إنخفاض الصادرات والواردات: كان من المتوقع زيادة الصادرات بمايزيد عن 8% وأن تنخفض الواردات بنسبة تزيد عن 11%، إلا أنه حدث إنخفاض في الواردات بنسبة 12.3% ، كما نمى الإقتصاد بمعدل 7.4% خلال عام 2014 وهو أقل معدل نمو خلال 25 سنة، مما ساهم ذلك في خفض الفائض التجاري للصين.
8- تراجع مؤشر شنغهاي بعد أن أثارت بيانات ضعيفة بشأن الأداء الاقتصادي المخاوف بشأن سلامة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما تراجعت أرباح الشركات الصناعية في الصين 0.3 في المئة في يونيو/ حزيران مقابل العام الماضي، وجاء ذلك بعد أن أشارت بيانات إلى أن النشاط الصناعي في يوليو/ تموز شهد أسوأ أداء له منذ 15 شهرا، إن بيانات التصنيع الضعيفة المثيرة للدهشة “تضيف إلى المخاوف بأنه قد يكون هناك المزيد من الأداء الضعيف في الاقتصاد الصيني بعد أن أظهرت سلسلة البيانات الاقتصادية مؤخرا بوادر على الاستقرار”.
وبعد مناقشة التحديات التي تواجه الإقتصاد الصيني، يأتي السؤال بعد مرور 30 سنة من النمو السريع للاقتصاد هل انهيار البورصة الصينية بداية أزمة إقتصادية عالمية؟
بدأت الأزمة الصينية قبل شهر من الآن، حين بدأت المؤشرات المالية في الانخفاض تدريجياً يوماً بعد يوم والمخاوف التي ظهرت لدى المستثمرين مع تعليق بعد الشركات تداول أسهمها للهروب من الإضطرابات.، فأعراض أزمة اقتصادية ظهرت بالفعل في الصين التي تملك ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن مؤشرات تلك الأزمة لا تقتصر على الهبوط الكبير مؤخرا في أسعار أسهم بورصة شنغهاي، فهناك تراجعات اقتصادية في القطاع العقاري وغيره من القطاعات، وتغذي أزمة قروض وائتمان هذه التراجعات، وما يجري في الصين في الأشهر الأخيرة يشبه مقدمات الكساد الكبير الذي شهده العالم في نهاية عشرينات القرن الماضي.
محاولات السيطرة على الموقف من جانب الحكومة الصينية
الصين لديها إحتياطي هائل من العملات الأجنبية التي يمكن ان تستخدمها في دعم الأقتصاد وخاصة الصادرات.
وما قام به بنك الشعب الصيني هذا الأسبوع من خفض السعر المرجعي لليوان مقابل الدولار هو احد هذه الوسائل التحفيزية التي من المتوقع ان تستمر في المرحلة القادمة. وقد قامت الحكومة الصينية بإتخاذ قرارات أخرى نذكر اهمها:
1- زيادة الدعم المقدم لشركات الوساطة المالية التي قرر الاستعانة بها لدفع الأسهم للارتفاع.
2- أصدرت هيئة البورصة قراراً يمنع كل من يملك أكثر من 5% من أسهم أي شركة (كبار المساهمين) من بيع حصصهم من الأسهم في الشركات المدرجة في البورصة لمدة 6 أشهر.
3- أصدرت الهيئة قراراً بإيقاف جميع عمليات الطرح الأول والاكتتاب مؤقتاً إلى أن تهدأ الأوضاع. كما أوقفت المضاربات على العقود.
4- أعلنت أكثر من 1300 شركة مدرجة في البورصات الصينية تعليق التداول على أسهمها.
5- فرض حظر استخدام الوسطاء أدوات تساعد العملاء على التهرب من قيود التداول بالهامش.
فمن الواضح ان الحكومة الصينية لن تجلس مكفوفة الإيدي للحول دون تفاقم تباصؤ النمو التي تشهده حتى وان لاقت انتقادات دولية خاصة من الولايات المتحدة انها تشن حرب عملات.
علي حمودي
@AHamoudi1