أنهى الدولار الأسبوع على ارتفاع مقابل معظم العملات الرئيسية وبرز أداءًا متفوّقًا على وجه الخصوص على صعيد اليورو/دولار والدولار/ين. وفي حين من المحتمل أن يعزى جزء من الإرتفاع الى الرياح العابرة، ابتكر الأخضر محفزه الخاصّ من خلال توقعات التيسير الكمّي واتّجاهات المخاطر. هذا الأسبوع، سنرى ما إذا كان الإرتفاع المطّرد للتذبذبات بإمكانه في النهاية إشعال المسائل الأساسية الكامنة.
نظرًا الى الحدث المحفوف بالمخاطر الذي تبلور في الأسبوع السابق، يتجسّد المحفز الأهمّ بالنسبة الى الدولار الأميركي- والأسواق المالية بشكل عام- بتجدّد التخمينات المحيطة بتوقيت بدء بنك الاحتياطي الفدرالي بتقليص التيسير الكمّي. منذ شهر، قوّض المصرف المخاوف المحيطة بالحدّ من الحوافز عندما تحدّى التوقعات وأجّل موعد التقليص (تخفيض القيمة الشهرية لشراء الأصول البالغة قيمتها 85 مليار دولار) في اجتماع 18 سبتمبر. وفي حين أدّى الشلل الذي أصاب الحكومة الأميركية الى تقدير انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في الفصل الرابع وتأخير صدور بعض البيانات الرئيسية، يبدو تأجيل سحب الخطر المعنوي واضحًا. ووفقًا لمسح أجرته وكالة بلومبرغ، كان من المرجّح أن لا يظهر أي تقليص قبل اجتماع 18 مارس 2014. مع ذلك، تبدّد التفاؤل بالدعم الخارجي (التيسير الكمّي) بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية... والدولار بات مستعدًا للإستفادة من ذلك.
وفي البيان المرافق لقرار فائدة شهر أكتوبر، قاوم المصرف المركزي بشكل ملحوظ توقعات اعتماد موقف حذر يرمي الى موازنة التوترات المالية الأخيرة. بالعكس، أشارت المجموعة الى المزيد من التحسّن الاقتصادي. في الأسبوع المنصرم، صدرت بيانات تبدّد عقلية "إلقاء التيسير الكمّي للأبد". فالقراءة الأفضل من المتوقع التي أظهرت اكتساب الناتج المحلي الإجمالي 2.8% في الفصل الثالث كانت عنصر داعم. كما فاق تقرير الوظائف المتوافرة خارج القطاع الزراعي التقديرات على الرغم من الأزمة الحكومية في تلك الفترة. فقد اكتسبت الوظائف غير الزراعية 204000 على الرغم من ارتفاع معدّل البطالة الى 7.3%. في هذا الصدد، ثمّة العديد من الشكوك حول "مصداقية" هذه الأرقام، بيد أنّ بيان بنك الاحتياطي الفدرالي اعتبرها إيجابية وداعمة.
من دون مسح شامل يبيّن لنا التغييرات التي طرأت على توقعات المستثمرين والخبراء الاقتصاديين أزاء موعد التقليص، يجب علينا الإعتماد على السوق. في هذا الإطار، سجّلت عائدات سندات الخزانة المستحقّة في عشرة أعوام أكبر تسارع صعودي لها في أربعة أشهر يوم الجمعة لتبلغ من جديد 2.748%.
انطلاقًا من هذه التغييرات وغيرها، ثمّة تحوّل ملحوظ في توقعات التقليص من اجتماع 18 مارس الى 29 يناير أو حتّى لقاء 18 ديسمبر- وهو من الأحداث الفصلية التي توفر التوقعات المحدّثة ويعقد فيها الرئيس مؤتمرًا صحفيًا. مع ذلك، يعتمد مدى تأثير ذلك على الأسواق على أهمّية تغيير مماثل على ثقة المستثمرين. بتعبير آخر، ينبغي علينا رؤية ما إذا كانت تقديرات التقليص المبكر للتيسير الكمّي ستوقف تسارع الدولار الصعودي.
ثمّة طريقتان توجّهان الأخضر: من خلال ردود فعل المضاربة و/أو قناة "أموال الإحتياطيات". الجانب الخطر واضح ومباشر. ونظرًا الى موقع بنك الاحتياطي الفدرالي البارز في تعزيز النظام المالي العالمي والاقتصاد عبر نظام الحوافز المبكر والتوسّعي، من المحتمل أن يولّد سحبه مخاطر حرجة. وفي التهافت العالمي على الأمان، سيلعب أكبر اقتصاد في العالم وعملة الإحتياطي دورهما.
من منظور آخر، من المحتمل أن يؤثّر تطبيق سحب الحوافز أكثر على توقعات المعدّلات. اكتسب هذا الصعيد المزيد من الزخم جرّاء التحوّل الحذر الذي طرأ مؤخرًا على موقف البنك المركزي الأوروبي. أدّى تخفيض معدّلات الفائدة والتعهّد بضخّ السيولة في القطاع المصرفي الى تعثّر الثقة واستقرار تدفقات الاحتياطيات. في النهاية، الفوركس هو دائمًا سوق "نسبية".