السياسة المالية تحتل موقع الصدارة في أوروبا. في ظل استسلام البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية وإعلانه عن المزيد والمزيد من التيسير، تحول الاهتمام إلى السياسة المالية في منطقة اليورو. ويذكر أن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي قد دخل هذا النقاش يوم الجمعة عندما قال في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر جاكسون هول إن السياسة المالية أمامها دور أساسي لتلعبه من أجل إعادة إحياء النشاط الاقتصادي لخفض البطالة. وأعقب ذلك قيام الرئيس الفرنسي هولاند أمس بإقالة الحكومة بعد الانتقادات التي وجهها وزير الاقتصاد ارنو مونتبور لسياسات التقشف النقدي بوصفها بأنها طريقة خاطئة لتعزيز النمو في الاقتصاد. وإذا لم تحظى الحركة المناهضة للتقشف بالقبول فإنه من الصعب القول بمدى التأثير الذي سيحدث على اليورو.
ومن المرجح أن يؤدي النمو السريع وارتفاع العائدات إلى التأثير الإيجابي على اليورو ولكن ارتفاع مستويات الديون وانخفاض التصنيف الائتماني سيؤدي إلى تأثير سلبي. وبالتأكيد فإن المزج بين سياسات نقدية ومالية أكثر توسعًا لم يحدث تأثيرًا في مساعدة الين في الآونة الأخيرة. وأعتقد أن استخدام سياسة مالية أكثر توسعًا من المرجح أن يؤثر بالسلب على اليورو، على الأقل في بداية تطبيق هذه السياسة حيث سينتاب المستثمرين القلق بشأن فقدان النظام حتى يقنعهم ارتفاع النمو في نهاية المطاف بعكس ذلك. وعلى أي حال، يبقى أن نرى ما إذا كان يمكن لدول منطقة اليورو المتعثرة إقناع ألمانيا بأن التقشف يمكن أن يكون له نتائج عكسية. وحتى هذه اللحظة فإنه يبدو أن حججهم لم تفلح في إقناع الألمان، ولكن الحال في أزمة منطقة اليورو النمط حتى الآن بالنسبة لألمانيا هو المقاومة ثم المقاومة حتى تستسلم في النهاية وتوافق على كل شيء.
السوق تواصل تعديل توقعاتها لأسعار الفائدة الأمريكية. ارتفعت العقود الآجلة للأموال الفيدرالية بواقع نقطتين ونصف، في حين نجد أن هناك استواء في منحنى عائد سندات الخزانة حيث تنخفض العائدات للسندات طويلة الأجل وترتفع العائدات للسندات قصيرة الأجل. ويحدث هذا النمط الكلاسيكي عند توقع تشديد السياسة النقدية. وهذه علامة جيدة للدولار الأمريكي. فمن المرجح أن تؤدي توقعات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية إلى دعم الدولار الأمريكي والذي سجل في الماضي بوجه عام مكاسب قوية قبل مدة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر من بدء دورة التشديد.
وفي ظل ضعف اليورو، تراجع زوج اليورو/الفرنك السويسري إلى قاع 1.2072 يوم أمس قبل أن يرتفع قليلا بعد ذلك. ويعتبر هذا المستوى هو أدنى مستوى يصل إليه الزوج منذ نهاية عام 2012. وإنني لم أسمع أي شيء يفيد بأن البنك المركزي السويسري قام بتغيير التزامه بالحد الأدنى لسعر الصرف عند 1.20 وإنني لا أتوقع حدوث ذلك. ويعني ذلك أن نسبة المخاطرة/العائد لمراكز شراء زوج اليورو/الفرنك السويسري هي تقريبًا نفس النسبة الآن. ويمكن أن تنخفض هذه النسبة إلى حد ما ضمن الإطار الحالي، وبالطبع فإن البنك المركزي السويسري غير مطالب بأن يخبر المستثمرين قبل تغيير سياسته ولكن ما حدث في السابق– وإن كان لا يضمن ما سيحدث في المستقبل – لا يوحي بأن البنك سيبقي على سعر الصرف فوق 1.20.