ان المتابع لتعليقات كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي يستغرب فعلاً ماهية قدرة هذه المؤسسة المالية العريقة بالحكم على أداء الاقتصاد العالمي ومستويات النمو المتوقعة. أشارت لاجارد يوم أمس الى أن الاقتصاد العالمي لن يحقق معدلات النمو المتوقعة والتي ستكون بالتالي أقل من مستويت العام الفائت هي نفسها من قال قبل فترة بأن التوقعات ستكون ايجابية وسيكون بمقدور الاقتصاد العالمي الاستمرار بنفس الزخم او على الأقل بمستويات جيدة. قد لا نملك نفس الأدوات والقدرة للوصول الى الأرقام والبيانات الاقتصادية والحكومية كما يفعل صندوق النقد الدولي ’ ولكن اذا كان بمقدور هذه المؤسسة أن تلتمس عدم رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي ’ فهذا معناه فشل السياسات النقدية والمالية والاقتصادية لهذه المؤسسة التي يبدو أنها باتت تعتمد على سياسات البنوك المركزية أكثر من تركيزها على معايير وأساسيات النمو الحقيقي واجراء الاصلاحات الاقتصادية الفعلية وتحقيق فعالية معايير الحوكمة وليس فقط تقديم قروض بمليارات الدولارات لهذه الاقتصاديات . هي مؤسسة مالية وعريقة ’ ولكن هناك الكثير من المعايير السياسية التي تحكم عملها في كثير من الأوقات .
من الواضح أن السياسات التحفيزية للبنوك المركزية لم تحقق الكثير من الأهداف التي تم البناء عليها, تحققت معدلات نمو وخرج الاقتصاد العالمي من أسوء أزمة مالية خلال قرن كامل تقريباً ولكن الأهم الآن هو الحفاظ على هذه المستويات التي يبدو أنه من الصعب البقاء عندها. اذا نظرنا الى مايجري حالياً لوجدنا أن العالم يعوم على تريليونات الدولارات من السيولة والتي فشلت أصلاً في رفع معدلات التضخم وتحقيق نمو مستدام في جميع القطاعات , وحتى سوق العمل الأمريكي الذي بلا شك حقق نمواً جيداً بات يبحث الآن عن أجور أعلى ونوعية عمل أفضل , اذا أنه من غير المعقول أن يكون الجميع عاملاً عند مكدونالدز أو وول مارت أو أمازون مثلاً !! قد لايجلب الربع الأخير من هذا العام أخباراً جيدة لكريستين لاجارد وعليه يبدو أن صندوق النقد الدولي سيكون عاجزاً متفرجاً دون تغيير حقيقي في السياسات النقدية والاقتصادية التي يساهم في رسمها مع كبار صناع السوق وصناع السياسات النقدية في العالم .