لندن، 8 مايو/آيار (إفي): بعرضين مثيرين من المحافظين والعمال، يواجه الحزب الليبرالي الديمقراطي وزعيمه نيك كليج مهمة اتخاذ قرار تاريخي قد يفتح أمامه أبواب الحكومة لأول مرة منذ إعادة تأسيسه في 1988.
وأمام تأكد غياب الأغلبية المطلقة في البرلمان البريطاني عقب الانتخابات العامة التي أجريت أول أمس الخميس، فإنه بإمكان كليج ترجيح كافة المحافظين أو العمال اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات، ليمسك أحدهما بمقاليد الحكومة الجديدة.
جدير بالذكر أن الحزب المحافظ برئاسة ديفيد كاميرون هو الفائز دون تحقيق الأغلبية في الانتخابات البريطانية بحصوله على 306 مقاعد، أمام 258 لحزب العمال و57 لليبراليين، من إجمالي 650 مقعدا بالبرلمان يتبقى منها مقعد سيجرى التصويت عليه في 27 من الشهر الجاري بعد وفاة مرشحه.
وعلى الرغم من تمتع المحافظين بأصوات الاتحاديين في أيرلندا الشمالية وأحزاب أخرى صغيرة، إلا أن الحزب لم يصل إلى 326 مقعدا لمنحه الأغلبية في مجلس العموم البريطاني.
وتكرر نفس الأمر بالنسبة لحزب العمال الذي يحتاج إلى تأييد كليج ومقعد أخر بالأحزاب القومية في أسكتلندا وويلز، للبقاء في الحكم.
وهكذا، أصبحت مجريات الأمر في يد الحزب الليبرالي الديمقراطي ليضمن استقرار برلمان البلاد، على الرغم من تراجع نتيجته في الانتخابات بأقل مما كان متوقعا بخسارة خمسة مقاعد، حيث كانت شعبية زعيمه قد شهدت ارتفاعا خلال المناظرات الانتخابية.
ووفقا للعرف السياسي في بريطانيا، فإن رئيس الوزراء الحاكم، وهو جوردون براون في هذه الحالة، لديه الأفضلية، على الرغم من عدم فوزه بالانتخابات، ليشكل الحكومة ما لم توجد أغلبية واضحة في البرلمان، وذلك لضمان استقرار البلاد.
ولهذا، اقترح براون الجمعة على الليبراليين الديمقراطيين بدء المفاوضات بناء على القضايا التي يتفق عليها الحزبان، وهي في رأيه إدارة الأزمة الاقتصادية وإصلاح النظام الانتخابي، وهو ما يطالب به الليبراليون منذ زمن بعيد.
وعلى الرغم من ذلك، اعترف رئيس الوزراء بحق كليج في الحديث أولا مع الفائز بأعلى الأصوات وأكبر عدد للمقاعد في البرلمان وهو ديفيد كاميرون.
وبعد أن كشف براون أوراقه، قام كاميرون على التو بتقديم عرض مفصل لليبراليين الديمقراطيين سيتعين عليهم النظر فيه على الرغم من المخاطر السياسية الواضحة التي ينطوي عليها.
وأوضح الزعيم المحافظ أنه لن يتنازل عن موقفه فيما يخص العلاقات مع أوروبا، قائلا إنه لا ينبغي على أية حكومة إعطاء المزيد من السلطة للاتحاد الأوروبي في مجالي الهجرة، رافضا الاقتراح الليبرالي بتقنين أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، والدفاع حيث أبدى استبعاده لمقترح كليج بحفظ التجديد المنتظر لبرنامج "ترايدنت" النووي.
وعلى الرغم من هذه البنود التي لن يتم التفاوض فيها والمحورية في الوقت نفسه ضمن البرنامج الانتخابي لليبراليين الديمقراطيين، إلا أن كاميرون رأى "مواقف مشتركة" في موضوعات أخرى تكفي في رأيه لتشكيل "حكومة مستقرة"، وهي الرغبة في تحسين فرص التعليم وإنشاء اقتصاد يعنى بالبيئة "أخضر".
كما اقترح كاميرون إنشاء لجنة لبحث إمكانية إصلاح النظام الانتخابي.
وهكذا، يبدو أمام كليج، الذي لم يتعاف بعد من الإحباط الذي أصيب به بعد خسارته في الانتخابات على الرغم من حصوله على 23% من الأصوات، عرضان مثيران ولكنهما ينطويان على مجازفة سياسية عالية. (إفي)