بقلم باراني كريشنان
Investing.com – جلب الأسبوع الأول من إدارة بايدن حظوظاً متباينة للسلع، ومتباينة هو أفضل وصف لها. فلقد ارتفع الذهب والمعادن الثمينة الأخرى للمرة الأولى منذ أسبوع عيد الميلاد، بينما انخفض النفط ومعظم أسواق الطاقة الأخرى.
وفي حين أن فئات الأصول المختلفة بدت وكأنها تسير في الاتجاه الصحيح (أي في اتجاه دفع البيت الأبيض نحو المزيد من التحفيز الذي يرفع من سعر الذهب، وإغلاقات الوباء الجديدة في الصين التي تلقي بثقلها على النفط، كانت النسب المئوية للتحركات الأسبوعية متواضعة، بل حتى ضئيلة، مع الأخذ بالاعتبار ما كان على حافة الخطر.
فكبداية، فكر في فاتورة قانون إنفاق الرئيس جو بايدن الوبائي والذي سيبدأ بـ 1.9 تريليون دولار.
هذا ليس شيئًا يجب التعامل معه بلا مبالاة، نظراً لأن عجز الميزانية الفيدرالية الأمريكية نفسها يبلغ بالفعل 4.5 تريليون دولار أو نحو ذلك، بعد إضافة 3 تريليونات دولار هي كلفة حزمة التحفيز الأولى التي أقرتها إدارة الرئيس السابق ترامب العام الماضي، عندما بدأ الوباء ينتشر في البلاد. وفي غضون ذلك، يقترب الدين الوطني من 28 تريليون دولار، وتبلغ نسبة إجمالي الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 146٪.
وقد قال بايدن مراراً وتكراراً إن 1.9 تريليون دولار هي مجرد بداية. فبحلول الوقت الذي تكون فيه إدارته قد انتهت من محاربة الوباء، يمكن أن يكون عجز الميزانية الفيدرالية بالتريليونات قد بلغ خانتين. يمكن للمرء أن يتخيل كمية السقوط التي سيتعرض لها الدولار حينها.
وهذا ليس كل شيء. فالتوسع النقدي قادم أيضاً. وبينما يبدو أن الولايات المتحدة في المراحل المبكرة نسبياً من دورة التوسع النقدي، فإن القاعدة النقدية M2 يمكن أن تستمر في التوسع بشكل كبير ويمكن أن تهيئ البلاد للعودة إلى أيام الأزمة المالية 2008/2009.
ومع تسهيل النظام النقدي الذي ستتسبب به السياسة النقدية، سيكون من المؤكد أن يرتفع التضخم. وعلى المدى الطويل، ترتبط أسعار الذهب ارتباطاً وثيقاً بتوسع القاعدة النقدية.
ومع ذلك، سُمح للدببة بمهاجمة أسعار الذهب في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، ثم مرة أخرى في الأسبوع الأول من هذا العام، بمثل هذه الضراوة التي تُكذب أي تفكير منطقي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المعدن الأصفر كان بمثابة التحوط القديم ضد كل من ضعف الدولار، والتضخم.
وتم إلقاء اللوم في تراجع الذهب في تلك الفترة بشكل مباشر على ارتفاع عائدات السندات، وتحديداً عائد سندات الـ 10 سنوات التي تصدرها الخزينة الأمريكية. كانت الحجة أن سوق السندات يخشى أن ترتفع أسعار الفائدة القريبة من الصفر فجأة إذا أدت تريليونات الدولارات من التحفيز إلى تعزيز الاقتصاد بشكل أسرع مما كان يعتقد. استمرت الفكرة على الرغم من الحجج المضادة بقوة، التي تضمنتها تصريحات أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي.
لكن الشيء الذي خطف الأنظار أكثر كان تحويل المؤسسات الاستثمارية لأموالها من الذهب إلى بيتكوين، والتي تعرضت فجأة لهوس شبيه بالهوس بسهم تسلا (NASDAQ:TSLA) في الأسابيع الأخيرة وسط ارتفاع تداولات الخوف من فوات الفرصة، أو اختصاراً FOMO. تم غمر بعض هذا الجنون في الأسبوعين الماضيين حيث خسرت بيتكوين 20٪ بعد ان سقطت من أعلى مستوياته القياسية التاريخية التي سجلتها فوق حاجز الـ 40 ألف دولار. ومن المحتمل أن يعود جنون العملات المشفرة لأن الحماقة والأسواق لا يمكن فصلهما إلى الأبد.
وفي حين أن الكثيرين قد لا يدركون ذلك الآن، إلا أن التحوط الذي يوفره الذهب في أوقات الاضطرابات، الاقتصادية منها والسياسية، هو تحوط حقيقي. صحيح أن الذهب لا يدر عائدا على عكس السندات، ولكنه يقدم تأميناً قوياً ضد انخفاض قيمة العملة.
ارتفع الذهب بنسبة 1.4٪ الأسبوع الماضي. لقد كان هذا أقل من نصف الـ 3.5٪ التي خسرها في الأسبوعين السابقين. وعند إغلاق يوم الجمعة، الذي كان فوق مستوى الـ 1,856 دولار بقليل، بقي الذهب بعيداً بأقل من 100 دولار أمريكي عن قمة شهر يناير وبأكثر من 230 دولار عن أعلى مستوياته القياسية التي سجلها في أغسطس.
وبغض النظر عن عائدات السندات، فإن الشيء الآخر الذي يثقل كاهل الذهب هو القلق من أن بايدن قد يواجه مشكلة في الحصول على بعض حزم التحفيز التي يرديها، في حال وجود مقاومة من طرف مجلس الشيوخ، بالنظر إلى الأغلبية الضئيلة للغاية التي يمتلكها الديمقراطيون المتحالفون معه.
سيكون الحل الوسط بعد ذلك عبارة عن سلسلة من قوانين التحفيز متوسطة الحجم، بدلاً من دفعات ضخمة بقيمة تريليون دولار وأكثر. قد يعني هذا ارتفاعاً أبطأ في أسعار الذهب بدلاً من ارتفاع سريع كما كان يعتقد الكثيرون سابقاً.
أما بالنسبة للنفط، فلقد انخفضت أسعار الخام بأكبر قدر في خمسة أيام بعد أول زيادة للخام الأمريكي منذ الأسبوع المنتهي في 7 ديسمبر، حسبما ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA. لقد كان الارتفاع متوافقاً مع نقص طلب التجزئة على الوقود وسط استمرار وباء كورونا.
وعلى الرغم من انخفاض يوم الجمعة، بالكاد تراجعت أسعار النفط الخام خلال الأسبوع، حيث قاومت الأسواق أي تحرك حاد إلى الجانب السلبي على أساس فكرة أن تخفيضات إنتاج أوبك في فبراير ومارس بقيادة السعوديين ستدعم السوق.
وكلن ما يتجاهله المتداولون هو تكثيف الصين لعمليات الإغلاق بعد تسجيل أكبر عدد من حالات الإصابة اليومية في البلاد منذ أكثر من 10 أشهر. الشيء الآخر الذي قد يضر السوق في المستقبل القريب هو زيادة الإنتاج من قبل إيران، الآن بعد أن غادر ترامب الحازم البيت الأبيض، ولم يعد من المتوقع أن يتم فرض عقوبات صارم في ظل إدارة بايدن.
مراجعة أسعار الذهب وتحركات أسواقه
في بورصة كومكس التجارية في نيويورك، تداول عقد ذهب فبراير الآجل لأخر مرة عند 1,855.30 دولار للأونصة، بعد أن كان قد أنهى تداولات الجمعة رسمياً عند 1,856.20 دولار للأونصة، لترتفع هذه العقود بـ 9.70 دولار، أو 0.5٪ خلال اليوم.
أما على أساس أسبوعي، فلقد قفزت هذه العقود بـ 26.30 دولار، او ما يعادل 1.4٪. مقارنة بخسارة قدرها 3.5٪، خلال الاسبوعين الماضيين.
يقول إريك سكولز، المحلل الاستراتيجي للسوق في بلولاين فيوتشرز في شيكاغو: "أعتقد أن الذهب يجمع الزخم ومن المرجح أن يتخذ خطوة قوية في المستقبل، على المدى القريب إلى المتوسط". ولكن في أي اتجاه؟ إنه غير متأكد.
وهذه مشكلة سكولز، وكذلك مشكلة العديد من المحللين.
يشير سكولز إلى رسم الساعة البياني للذهب، والذي أظهر تحركاً محدود النطاق في الغالب، 1,828 دولار و 1,875 دولارًا منذ 8 يناير. وهذا يشير إلى أن السوق في حالة تماسك قبل التحرك التالي الأكبر.
ويضيف: "في رأيي، يبدو الهبوط بعض الشيء على كل من الرسم البياني اليومي والرسم البياني. ومع ذلك، هناك إشارة صعودية ملحوظة على الرسم البياني الأسبوعي تظهر انعكاساً إيجابياً. لكني أتجه نحو الانخفاض إلى حد ما حتى يكون هناك تحول أكثر أهمية في الأساسيات".
يتفق إد مويا، كبير المحللين في شركة أواندا مع هذا الرأي.
يقول مويا: "تبقى الرهانات ضد العملة الأمريكية مبالغ فيها، وقد يحتاج انتعاش الدولار إلى الاستمرار قبل استئناف ضعف الدولار. يبدو أن الذهب في طريقه للتماسك، ولكن التوقعات الصاعدة طويلة الأجل يجب أن تبقى كما هي مع تضخم العجز ومع ارتفاع الضغوط التضخمية".
مراجعة أسعار النفط وتحركات أسواقه
تداوت عقود أهم أنواع النفط الأمريكية، وهي عقود خام غرب تكساس الوسيط التي تتم تعاملاتها في نيويورك، لأخر مرة عند 51.99 دولار للبرميل، وذلك بعد أن كانت قد أغلقت جلسة الجمعة رسمياً عند 52.27 دولار للبرميل. وبذلك تراجعت هذه العقود بـ 86 سنتاً، وهو ما يعادل 1.6٪ خلال اليوم.
أما على أساس أسبوعي، فلقد تراجعت هذه العقود بشكل طفيف وبنسبة 0.2٪.
وبالنسبة لعقود خام برنت، المتداولة في لندن، والتي تُعتبر المقياس في عالم أسعار النفط، فلقد تداولت لأخر مرة عند 55.08 دولار، بعد أن كانت قد أغلقت الجلسة رسمياً عند 55.41 دولار للبرميل، لتتراجع بـ 69 سنتاً، أو ما يعادل 1.2٪. أما على أساس أسبوعي، فلقد ارتفع برنت بـ 31 سنتاً للبرميل، وهو ما يعادل 0.6٪.
وعلى صعيد مخزونات النفط، فلقد أفادت إدارة معلومات الطاقة عن زيادة قدرها 4.35 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 15 يناير. وكانت هذه أول زيادة لمخزون النفط الخام الأمريكي منذ الأسبوع المنتهي في 7 ديسمبر. وخالفت هذه البيانات توقعات السوق لتراجع قدره 1.17 مليون برميل.
من بين الأمور التي تساهم في ارتفاع مخزون النفط الخام، هنالك الانخفاض الكبير في الصادرات الأمريكية، التي تراجعت بنحو 750 ألف برميل يومياً. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أنه لتعويض بعض الركود في الصادرات، استوردت الولايات المتحدة أيضاً واردات أقل الأسبوع الماضي، بلغت 194 ألف برميل يومياً.
وعلى صعيد منتجات الوقود المكررة، سجل البنزين تراجعاً يزيد قليلاً عن ربع مليون برميل، على العكس من الزيادة التي كانت متوقعة وبواقع 2.8 مليون. جاء ذلك بعد ارتفاع إجمالي بلغ 9 ملايين برميل خلال الأسبوعين الماضيين.
وبالنسبة إلى نواتج التقطير، وعلى رأسها الديزل، فلقد بلغ الارتفاع أقل من نصف مليون برميل، مقابل توقعات بارتفاع قدره 1.2 مليون برميل. وعلى مدى الأربعة أسابيع الأخيرة، ارتفعت مخزونات نواتج التقطير بـ 14.5 مليون برميل.
وإلى جانب اخبار النفط القادمة من الولايات المتحدة، كانت توقعات النفط مقلقة على الصعيد الدولي أيضاً.
فخلال الأسبوع الماضي، فرضت الصين إجراءات تقييد الحركة على حوالي 28 مليون شخص، بعد أول حالة وفاة بفايروس كورونا في البر الرئيسي للبلاد، منذ شهر مايو.
أما في إيران، فلقد أفاد مسؤولون يوم الجمعة أنهم عززوا الإنتاج مع انتهاء العقوبات الاقتصادية الشديدة التي فرضتها على طهران، إدارة الرئيس السابق ترامب، بكل حزم.
في الماضي، كانت إيران ترسل يومياً، أكثر من 3 ملايين برميل من نفطها إلى مختلف الدول حول العالم، وعلى الرغم من أن شحنات النفط الخام أقل من ذلك بكثير الآن، إلا أنه بإمكان الدولة النفطية أن تستعيد زخمها التصديري بسرعة كبيرة. يجب مراقبة ذلك بعناية، نظراً للتأثير الذي يمكن أن يكون لطهران على الإنتاج على المسرح العالمي الذي يديره تحالف أوبك+ الذي يصم 23 دولة، وبالتالي التأثير الأوسع على أسعار النفط.
أجندة الطاقة الأسبوعية
الإثنين 25 يناير
ستصدر جينسكيب تقديراتها الخاصة (غير الرسمية) لمخزونات النفط في نقطة تسليم كوشينغ
الثلاثاء 26 يناير
سيصدر معهد النفط الأمريكي تقريره الأسبوعي المعتاد عن مخزونات النفط الخام (تقديري/غير رسمي)
الأربعاء 27 يناير
ستصدر إدارة معلومات الطاقة التقرير الأسبوعي الرسمي لمخزونات النفط الخام
ستصدر إدارة معلومات الطاقة التقرير الأسبوعي الرسمي لمخزونات البنزين
ستصدر إدارة معلومات الطاقة التقرير الأسبوعي الرسمي لمخزونات نواتج التقطير
ستصدر إدارة معلومات الطاقة التقرير الأسبوعي الرسمي لمخزونات النفط الخام في نقطة تسليم كوشينغ بولاية أوكلاهوما
الخميس 28 يناير
ستصدر إدارة معلومات الطاقة التقرير الأسبوعي الرسمي لمخزونات الغاز الطبيعي
الجمعة 29 يناير
ستصدر شركة بيكر هيوز (NYSE:BKR) تقريرها الأسبوعي حول عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة
إخلاء المسئولية: يستخدم باراني كريشنان مجموعة من الآراء، من خارج نطاق رؤيته، لإضفاء التنوع على تحليله لأي سوق. وهو لا يمتلك عمليات تداول أو مراكز مضاربة على السلع أو الأوراق المالية التي يكتب عنها.