بقلم: محمد العريان
يمكن أن تقدم السلع بعض أهم الفرص الملهمة فى عام 2016، بعد أن كانت مخيبة لآمال المستثمرين خلال العام الماضى.
ومن المرجح أن تزداد جاذبية القطاع مع التقدم فى العام الجديد، وأن يقدم مداخل متعددة لأرباح جذابة على المدى المتوسط، واستغلال تلك الفرص يتطلب التركيز على هيكل المحفظة بجانب اختيار الآلية الاستثمارية المناسبة، والحذر فى اختيار الأصول.
وإذا قلنا إن 2015 كان عاماً صعباً على السلع، فسيكون ذلك تقليلاً لما حدث بالفعل، فرغم سيطرة البترول على عناوين الأخبار الرئيسية بسبب تراجع سعره لأدنى مستوى فى سبع سنوات، فإن الضرر كان واسع النطاق، وطال النحاس، والذرة، والبلاتين، والسكر، الذين انخفضت أسعارها بشدة أيضاً.
وحتى الذهب، الذى تراجع لأدنى مستوى فى عدة سنوات فاقداً 10% من قيمته، فشل فى جذب المشترين المعتادين فى موجات الاضطرابات العنيفة فى أسواق الأسهم، والصدمات الجيوسياسية، وتحركات سوق السندات غير المتوقعة، والارتباط غير المتوقع فى تحركات بعض فئات الأصول، وتباين الآراء بشأن سياسات البنوك المركزية.
وسيبدو نهج الاستثمار عبر صناديق المؤشرات، وغيرها من المنتجات التى تتبع مؤشرات، جاذبة بشكل خاص بعد عام من الانحدار الحاد فى أسعار السلع، إلا أننى أرجح أنه سيكون متقلب للغاية ومربك للعديد من المستثمرين.
أما الفرص الاستثمارية المذهلة ستكون لدى الشركات الفردية والسلع التى ستتلاشى لديها العوامل التقنية التى تسببت فى إنهاكها عندما تتغير القوى فى السوق، وبالتالى ستبدأ مرحلة التعافى التى قد تأخذ سنوات متعددة، وتقبع العائدات الأعلى بشكل خاص فى الشركات التى أجبرت على تقليل مديونياتها، مستخدمة آليات استثمارية موضوعة بعناية.
وللتوضيح، انظر إلى ما يحدث فى قطاع التعدين، فالعديد من الأصول هناك، بدءاً من مناجم الذهب إلى النحاس فى حاجة ماسة وشديدة للسيولة، وفى الوقت نفسه، هم لم يقوموا فحسب بتكوين مديونيات ضخمة خلال الأوقات الجيدة، بل أيضاً كانوا بطيئين فى تخفيض معدلات إنفاقهم، بل أن البعض، رغم هذه الظروف، رفع مديونيته على أمل أن يكون التراجع المبدئى فى الأسعار مؤقتًا وسريع الانعكاس.
وانظر أيضًا إلى قطاع الطاقة، فبجانب معاناته من معروض جديد ووفير من مصادر غير تقليدية، ومن انخفاض فى الطلب، واجه صفعة أخرى من خلال قرار «الأوبك» المفهومة أسبابه منذ أكثر من عام بالتخلى عن دور المنتج المتحكم فى الأسعار فى أوقات التراجع.
والآن، وفى ظل توقف استقرار الأسعار على قوى السوق بطيئة التطور، شديدة الضجيج، ستبقى التقلبات الكبيرة عنوان للعبة فى قطاع أخذه التغير الكبير فى بيئة العمل على حين غره، وسيدفع الخليط الناتج من انهيار الأسعار، والتقلبات اليومية الكبيرة الكثير من الشركات غير التقليدية المتعطشة للنقدية فى السوق.
وأفضل طريقة للمستثمرين لاستغلال هذه الفرص المحتملة هى استخدام أذرع مصممة بوضوح لتخصيص «رأسمال صبور» يتم توظيفه مع الوقت فى هذه الشركات اليائسة، مع وجود استراتيجية خروج محددة على المدى المتوسط.
ويمكن تمويل هذه الأذرع من خلال رأسمال طويل الأجل لمدة لا تقل عن 5 إلى 7 سنوات، وأن تأتى غالبيته من مزودين لديهم القدرة على زيادة التمويل مع الوقت عند ظهور فرص أخرى.
وينبغى أن تركز هذه الأذرع الاستثمارية إلى حد كبير على الفرص فى فئة أصول واحدة إما التعدين أو أجزاء الطاقة غير التقليدية، بهدف تجميعها فى محفظة متنوعة من الممتلكات، وهذا من شأنه تخفيف مخاطر الخسارة فى دولة واحدة.
وهذا التركيز على الأصول المتعطشة للسيولة سيساعد قطاع السلع ككل على الاستقرار تدريجياً، وسيوفر نقاط دخول للمستثمرين الذين إما غير قادرين أو غير راغبين على استخدام الأذرع الأقل سيولة.
وكلما يمر الوقت فى عام 2016، سيقدم قطاع السلع فرصاً استثمارية مذهلة، ولكن بدلاً من الاندفاع، أنصح المستثمرين باتباع نهج متوسط الأجل، والذى سيجذب المزيد من الانتباه للأذرع الاستثمارية، فى الوقت الذى ستكشف فيه عن الفرص الفردية.
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»