طوكيو، 27 ديسمبر/كانون أول (إفي): شيجيرو بان.. إسم يصعب نطقه للوهلة الأولى، ولكن معرفة الدور الذي لعبه هذا المهندس المعماري الياباني في تخفيف معاناة آلاف من الذين أذلتهم الكوارث الطبيعية ربما يجعله يثبت في الذاكرة بسهولة.
ويتمتع شيجيرو بسمعة وهيبة كبيرة في مجاله فكان عضوا في لجنة تحكيم جوائز (برايتزكر) لفن المعمار، التي توازي نوبل في هذا المجال، لمدة ثلاث سنوات بين 2006 و2009.
يقول البعض أن "الفن يعكس الواقع"، ولكن شيجيرو استغل قدراته المعمارية الفذة ليجعل "الفن يواجه الواقع"، ولم يكن هنالك واقع مؤلم في 2010 أكثر من الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي وهز قلوب المجتمع الدولي بأكمله، حينما تعرضت في 12 يناير/كانون ثان الماضي لزلزال بقوة سبع درجات بمقياس ريختر، تسبب في سقوط ما يزيد على 222 ألف قتيل وتضرر 1.5 مليون شخص، إلى جانب خسائر مادية فادحة.
الورق.. ربما يعتبره البعض من أضعف المواد ذات الهيئة الصلبة، ولكن هذا المهندس الياباني استغله لـ"يرتجل" في انشاء حوالي 50 منزلا مؤقتا لعائلات بور أو برنس التي تهدمت منازلها عقب كارثة الزلزال.
واعتمدت تقنية شيجيرو على استخدام إسطوانات من الورق المقوى المعالج بمادة معينة تجعله يتحول إلى قاعدة صلبة لاقامة الملاجئ أو المساكن المؤقتة بأقل تكلفة.
ويقول شيجيرو بان لـ(إفي) "التحدي الرئيسي في هايتي كان لوجيستيا في المقام الأول، لأن الشعب لم يكن قد خرج بعد من أضرار الزلزال وبمساعدة 25 طالبا من جمهورية الدمينيكان نجحنا هذا الصيف في اقامة عدد من المنازل المؤقتة"، التي بدأ الضحايا يسكنوها منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
ولم تكن مساهمة المهندس الياباني التضامنية في هايتي هي أول ظهور له في منطقة حلت بها كارثة، حيث عرض في 1994 على وكالة الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تقديم المشورة بخصوص أوضاع النازحين في رواندا.
وبدأ خلال 1995 في العمل داخل البلد الأفريقي لتوفير الملاجئ والمساكن للمحتاجين وبأقل تكلفة عن طريق مواد اعتيادية وذات استخدام يومي، أبرزها الورق المقوى.
وتكررت مشاركات شيجيرو الإنسانية في كوبي (اليابان) عقب زلزال 1995 وتركيا في 1999 والهند في 2001 وسومطرة في 2004 وسيشوان (الصين) في 2008 ولاكويلا (إيطاليا) 2009.
وأوضح المهندس الياباني لـ(إفي) أن من ضمن أهدافه المستقبلية تشييد مصنع لانتاج "المنازل المؤقتة" وذلك لتوفيرها في أسرع وقت للمتضررين عقب حدوث الكوارث الطبيعية.
وتنبع تصرفات شيجيرو من إيمانه بأن فن المعمار يجب أن يتم استغلاله لتحسين المجتمع وليس "لاظهار السلطة وثروة الطبقة الغنية عن طريق بنايات ضخمة". (إفي).