Investing.com - منذ بدايتها، تم اعتبار العملات الافتراضية مبهرة من الناحية الفنية ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل أساسي في الحياة الواقعية، فأولئك الذين استثمروا مايعادل 10 جنيه استرليني في البيتكوين منذ ثمان سنوات سيصبح لديهم الآن 1.6 مليون جنيه استرليني، وهو تقلب ضخم يزعزع فكرة أن العملة الرقمية هي مخزن ثابت للقيمة.
ومع أول ظهور للعملات الافتراضية، تم التعامل معها على إنها لعبة، ثم بدأ النظر إليها كتهديد وأداة يستخدمها المجرمين لشراء المخدرات والبنادق، ورفضت بعض الجهات مثل بنك لويدز تنفيذ أي معاملات بالعملات الافتراضية خاصة بعملائها، ولكن استمرت شعبية العملات الرقمية في التزايد، وفي الأسبوع الجاري استطاعت تحقيق قفزة كبيرة نحو تبنيها من قبل التيار السائد.
فبدلا من حظر البيتكوين، قالت بورصة نيويورك إنها تطور منصة تداول تسمح للمستثمرين بشراء العملات الافتراضية وحفظها بسهولة أكبر. وبالتالي أصبح من الواضح أن الفكرة المأخوذة عن العملات الافتراضية كملاذ للمجرمين والمحتالين مبالغ فيها إلى حد كبير، إذ أثبتت البيتكوين أنها ليست مخبأ للمجرمين أمثال روس أولبرايت، مبتكر سوق "سيلك رود" للمخدرات والذي سجن مدى الحياة في عام 2015.
وتستند التكنولوجيا الخاصة بالعملات الافتراضية على تقنية البلوكتشين، التي سمحت بأن تشكل البيتكوين تهديدا للنظام المالي العالمي الحالي، وخطورة فقدان الحكومات احتكارها للقدرة على طباعة النقود.
وصرح محافظ بنك انجلترا، مارك كارني، أن تذبذب العملات الافتراضية في العام الماضي بلغ 25 ضعف تذبذب الأسهم، ومع ذلك فإن حقيقة أن سلعة أو عملة تظهر كسلعة تعد مضاربة غير منطقية، ليست في حد ذاتها سببا لحظرها أو السيطرة عليها من قبل الحكومات.
وضرب كارني مثلا بالسكك الحديدية، إذلم تحظر الحكومات السكك الحديدية خلال سنوات "هوس السكك الحديدية" في أربعينيات القرن التاسع عشر، أو نبات الخزامى أثناء هوس به في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. كما أنهم لم يحاولوا حظر الإنترنت على أساس أنه سيكون السبب في خسارة مالية لكثير من المستثمرين.
ومن جانبها، لا يمكن للبنوك المركزية أن تقرر فيما إذا كان عليها قمع العملات الافتراضية أو الانضمام إليها، بفضل تصريحات كارني عن التقنين، واقتراح الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين وجود عملة رقمية رسمية.
ويكمن سبب تردد البنوك المركزية عن تقبل العملات الافتراضية في حبها لقدرتها على التحكم في العرض والطلب الخاص بالعملات التقليدية. إذ اقترح العديد من محافظي البنوك المركزية، مثل كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، آندي هالدين ، فكرة استخدام أسعار فائدة سلبية من أجل تحفيز الاقتصاد ، ما يعني معاقبة المدخرين من خلال إجبارهم على إنفاق مدخراتهم من أجل تحمل الركود الذي تسبب فيه المقترضين.
ويستند هذا التفكير إلى فرضية مفادها أن المال العام تحت سيطرة الحكومة، ولكن إذا اختار المدخرون والمستثمرون تخزين ثرواتهم بعملات افتراضية سيعارض الفرضية السائدة.
وبشكل عام لا يجب أن يعارض السياسيون العملات الافتراضية، بل عليهم دراسة إمكانية أن يضيف هذا النوع من العملات التنوع والاستقرار إلى النظام المالي العالمي، خاصة في ظل وصول القيمة المخزنة في هذه العملات إلى 200 مليار دولار.