يسود شعور بالقلق لدي الخبراء في المغرب من انعكاس الأزمة المستقبلية في منطقة أوروبا على الاقتصاد الوطني، الذي يرتبط نشاطه بشكل كبير بهذه المنطقة ويضع أصحاب عدد من المقاولات المحلية، التي يوجه معظم إنتاجها نحو الأسواق الأوروبية أيديهم على قلوبهم، خوفا من تكبدهم خسائر جديدة، علما أنهم لم يتجاوزا بعد تداعيات الأزمة المالية العالمية. وستستأثر هذه الأزمة المستقبلية باهتمام الحكومة المقبلة، التي ستعمل على وضع سيناريوهات لطرق مواجهة هذا التحدي الصعب.
ويؤكد الخبيرالاقتصادي عبد السلام أديب أن الآثار الناجمة عن هذه الأزمة ما زالت بعيدة عن المغرب، مشيرا إلى أن الدول الأوروبية تعمل حاليا على احتواء تداعياتها, وتنبأ عبد السلام أديب، عدم تأثر المملكة بشكل كبير بالأزمة"، مبرزا أنها "إذا استمرت لفترة طويلة فإن اقتصاد المغرب سيتضرر كثيرا.
ورجح المحلل الاقتصادي أن يتأثر الاقتصادي الوطني على مستويين، الأول يتمثل في نقص الطلب، ما سيترتب عنه تراجع تصدير المنتوجات المحلية، إلى جانب تسجيل اختلالات نقدية، أما المستوى الثاني فيتجلى في عودة العمال المهاجرين نتيجة تقلص فرص الشغل، وانخفاض مداخليهم، علما أنهم يشكلون أكبر مصدر للعملة الصعبة وأضاف أديب أن هذا يؤثر على ميزان الأداءات للمملكة، ثم الإنتاج، الذي لا يتعمد على السوق الداخلي، مضيفا أن التأثير ما زال في بدايته، لكن مع استمرار الأزمة فإن المغرب سيعاني بشكل كبير.
ومن ناحيته ذكر محمد دهبي، المنسق الجهوي للاتحاد العام للمقاولات والمهن، إن المقاولات الكبرى هي التي ستتأثر أكثر من الأزمة المرتقبة في أوروبا، موضحا ا أن بعض الشركات تأثرت منذ الآن وتابع محمد دهبي، ان المقاولات الصغرى، التي تمثل 85 في المائة من النسيج الاقتصادي للمملكة، تعمل وليس لديها إشكال، لكونها لا ترتبط، بالدرجة الأولى، بالخارج، بل بالاقتصاد الوطني.
وجاء هذا في وقت أفادت هيئة الإحصاء للاتحاد الأوروبي "يوروستات" أن التحويلات المالية للمهاجرين المقيمين بالاتحاد الأوروبي إلى بلدانهم الأصلية ارتفعت بنسبة 3 في المائة سنة 2010، لتبلغ 31 مليارا و200 مليون أورو وارتفعت المبالغ المحولة من طرف المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، والتي يطلق عليها اسم "التحويلات المالية للعمال المغتربين"، بشكل مطرد إلى غاية سنة 2008، حيث بلغت 32.8 مليار أورو، إلا أنها عرفت تراجعا بسبب الأزمة الاقتصادية سنة 2009.
ويشهد الاقتصاد المغربي، خلال الفصل الثاني، تباطؤا طفيفا في نموه، إثر تراجع وتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية (+4.2 في المائة) مقارنة مع الفصل السابق (+4.7 في المائة). ويرجع هذا التحول في الأساس إلى تباطؤ إنتاج التعدين، وتقلص أنشطة السياحة والقطاعات المرتبطة بها (ـ3.7 في المائة)، مقابل (+7.5 في المائة) في الفصل الثاني، حسب ما كشفت عنه المندوبية السامية للتخطيط أما القطاعات الأخرى، بما في ذلك الصناعة والبناء، فقد حققت تطورا ايجابيا نسبيا.
www.nuqudy.com/نقودي.كوم