Investing.com - عاد الفيدرالي من جديد ليتحكم بمزاج السوق العالمي بمختلف قطاعاته فبعد أن سيطر سؤال إلى أي مدى يرفع الفيدرالي الفائدة على الساحة لشهور عديدة، آن الأوان ليصبح السؤال الأهم هو متى يتحوّل الفيدرالي ويبدأ خفض الفائدة وعملية التيسير النقدي من جديد؟
ترجع البيانات الأخيرة من الناتج المحلي الأمريكي وبيانات التوظيف والتضخم أن الفيدرالي بات قريبًا من تحقيق وعده للأسواق بخفض التضخم دون إيذاء الاقتصاد الأمريكي أو ما درج تسميته الهبوط الناعم Soft Landing. ونتيجة للجدل الدائر الآن قامت سي إن بي سي بعمل استبيان أراء للكشف عن توقعات توقيت البدء في عملية التحوّل الاقتصادي من جانب الفيدرالي وخفض الفائدة الأمريكية.
كم نقطة ستنخفض الفائدة في 2024؟
كشفت بيانات سي إن بي سي أن متوسط التوقعات رأت أن الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بـ 85 نقطة أساس في عام 2024، وهو يقارب توقعات الخفض بـ 25 نقطة أساس في كل ربع إلا أنه بعيد جدًا عن تسعير الأسواق التي تتوقع خفضًا يصل إلى 125 نقطة أساس في 2024 حسبما تكشف أسواق العقود الآجلة.
وقال جون ريدينج في رده على استبيان سي إن بي سي: "على الفيدرالي أن يصدر خارطة طريقه للآونة القادمة وخفض أسعار الفائدة، التي لن تعني بطبيعة الحال تيسيير نقدي لإن التضخم يهبط ويؤثر بطبيعة الحال على الفائدة الفعلية مما يعني أن على الفيدرالي المواكبة في الخفض لأن الخفض فقط لا يعني التيسير إذا ما ظل التضخم هبوطيًا."
على الجانب الآخر قال رئيس الاقتصاديين في ناشن وايد، كاثي بوستاجينيتش، أن الأسواق تسعر خفضًا للفائدة في الربع الأول من 2024، إلا أنها نرى أن بعض إشارات ارتداد التضخم ستؤخر عملية خفض الفائدة في 2024."
انقسام الفيدرالي..انقسام الاقتصاديين
مثل الاحتياطي الفيدرالي نفسه، ينقسم الردَّ على الاستبيان البالغ عددهم 35، بما في ذلك الاقتصاديين والخبراء الاستراتيجيين والمحللين، إلى صقور وحمائم بشأن قضية خفض الفائدة في العام المقبل.
وقال بيتر بوكفار، رئيس قسم الاستثمار في بليكلي المالية: "ما زلت أعتقد أن (باول) لديه ذكريات السبعينيات في ذهنه وسيظل أكثر عنادًا في الحفاظ على السياسة النقدية مشددة لفترة أطول مما ترغب الأسواق في أن يكون عليها".
على العكس من ذلك قال مايكل إنجلاند من أكشن إيكونوميكس يكتب: "ستتراجع مؤشرات التضخم السنوي للولايات المتحدة بشكل حاد في بداية عام 2024 بفضل ضعف أسعار الطاقة والمقارنات الأسهل، مما يترك للفيدرالي مساحة كبيرة للبدء في التشديد حتى إذا استمرت معدلات التضخم الأساسية على مدار السنة عند مستوياتها الثابتة".
فرص الهبوط الناعم
عزز المشاركون في الاستبيان احتمالات حدوث هبوط ناعم إلى 47%، بزيادة 5 نقاط عن استبيان أكتوبر. وخفضوا احتمال حدوث ركود في العام القادم بمقدار 8 نقاط إلى 41%، وهو أدنى مستوى منذ ربيع عام 2022.
ومع ذلك، يرى المشاركون في المتوسط أن معدل البطالة سيارتفع إلى 4.5% العام المقبل والناتج المحلي الإجمالي سيكون قريبًا جدًا من 1%، أو نصف الإمكانيات، مما يظهر أن كل شيء ليس ورديًا في التوقعات وأن هناك تباطؤا اقتصاديا يظل السيناريو الأساسي للمجموعة.
"تلميحات عن تراجع في التوظيف ونمو الدخل والثقة تشير جميعها إلى تقليل الإنفاق من قبل المستهلكين والشركات"، يقول جويل ناروف من مستشاري ناروف.
توقعات حركة الأسواق
كما يعرف الجميع أن التشديد النقدي لا يتمثل فقط في صورة ارتفاع أسعار الفائدة ولكن كذلك خفض ميزانية الفيدرالي المستمر منذ بدء حملة التشديد النقدي. وفي حال قام الفيدرالي بإنهاء التشديد الكمي الذي خفض فيه ميزانيته العمومية لتشديد السياسة النقدية من خلال السماح للسندات في ميزانيته العمومية بالنضج دون استبدالها، إلا أن التوقعات تذهب ألا يقوم الفيدرالي بالتوقيف عن خفض ميزانيته إلا في نوفمبر 2024.
ويتوقع الاستبيان أن الاحتياطي الفيدرالي سيتوقف عن سياسة تقليل الإجمالي الفعال لمحفظته عند 6.2 تريليون دولار، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 7.7 تريليون دولار، مع انخفاض الاحتياطات البنكية إلى 2.6 تريليون دولار، مقابل المستوى الحالي البالغ 3.4 تريليون دولار. بمعدل 95 مليار دولار شهرياً في سياسة التشديد، يشير ذلك إلى ثمانية أو تسعة أشهر إضافية من تقليل الاحتياطات البنكية إلى المستوى المتوقع.
لم يحدد مسؤولو الاحتياطي مستوى محددًا، ولكن المشاركين يعتقدون أنهم قد يعلنون عن نهاية سياسة خفض الميزانية بحلول أغسطس ومن المرجح أن يقللوا تدريجياً منها، أو يقللوا تدريجياً من حجم التقليل، قبل إنهائها. عندما يعلن الاحتياطي عن نهاية سياسة التقليل، يعتقد 56% أنه سيعلن أيضًا عن قرار السماح بانتهاء جميع الرهون العقارية والأوراق المدعومة من الوكالات من محفظته، يقول 15% إنه لن يفعل ذلك ويقول 29% إنهم لا يعلمون.
ويتوقع المشاركين في الاستبيان أن يرتفع مؤشر إس آند بي 500 بتواضع في 2024، مع توقع أن يتداول أعلى 5000 للمرة الأولى في 2025. ويرى 47% أن الأسهم مبالغ في تسعيرها إذا كان هناك هبوط ناعم، مقارنة بـ 91% الذين يقولون إن الأسهم مبالغ في تسعيرها إذا كان هناك ركود.
وقا سوبود كومار، رئيس سوبود كومار وشركاه، أن السوق تعمها في حالة من التردد، فهي غير قادرة على الاندفاع في أي اتجاه: ويوضح: "تظهر أسواق الأسهم عاجزة عن تحقيق أعلى مستوياتها التي تم تحديدها في نهاية عام 2021 ولا تبدو على استعداد للحفاظ على تصحيح كلاسيكي".