سيصدر عن الولايات المتحدة الأمريكية بيانات وأخبار إقتصادية غاية في الأهمية خلال الأسبوع المقبل قبيل عطلة عيد الميلاد المجيد، حيث سيصدر عن أكبر إقتصاد في العالم القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي إلى جانب تقرير الدخل، حيث تعد هذه البيانات من أهم البيانات الإقتصادية الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي نشهد فيه استمرار التحسن في الإقتصاد الأمريكي، فعلى ما يبدو فإننا نقف على مشارف نهاية أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية.
بداية الأسبوع ستكون مع إصدار القراءة الثالثة والنهائية لإجمالي الناتج المحلي في الربع الثالث من العام 2009 ، حيث من المتوقع أن تبقى القراءة دون أي تغيير بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي أظهرت توسع الإقتصاد الأمريكي بنسبة 2.8% نظراً للتوقعات التي تشير إلى عدم تغيير مستويات الإنفاق الشخصي عن القراءة السابقة والبالغة 2.9% حيث الانتعاش الكبير الذي تشهده مستويات الإنفاق نتيجة خطط التحفيز المالية أظهرت استمرار عجلة النمو الإقتصادي.
وقد بدأ الإقتصاد الأمريكي بالنمو خلال الربع الثالث من العام الحالي 2009 ، كنتيجة الدعم الحكومي المتواصل جراء خطط التحفيز المالية، بالإضافة إلى التحسن الأخير في النشاط الإقتصادي، ومع ذلك فما زال من المتوقع أن يبقى الإقتصاد الأمريكي ضعيفاً خلال الفترة المقبلة، حيث لا يزال الإقتصاد الأمريكي يواجه العديد من التحديات أهمها مستويات البطالة المرتفعة.
وعلى صعيد آخر فسيصدر مؤشر مبيعات المنازل القائمة عن شهر تشرين الثاني خلال الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع مبيعات المنازل القائمة بنسبة 2.5% وبمعدل سنوي يصل إلى 6.25 مليون وحدة سكنية، كما وسيصدر عن الإقتصاد الأمريكي مؤشر مبيعات المنازل الجديدة، والذي من المتوقع أن يظهر ارتفاعاً في وتيرة الأنشطة الإقتصادية داخل القطاع، لترتفع مبيعات المنازل الجديدة بنسبة 1.9% بمعدل سنوي 439 ألف وحدة سكنية، مما يظهر بأن قطاع المنازل يواصل إظهار بوادر التعافي والانتعاش من تبعات أسوأ ركود منذ الكساد العظيم، نتيجة إظهار العديد من المؤشرات ضمن قطاع المنازل استقرار الأنشطة الإقتصادية داخل القطاع أو حتى ارتفاع وتيرتها في بعض المناطق.
يذكر بأن قطاع المنازل الأمريكي تمكن من الانتعاش من تبعات الركود، حيث يبدو جلياً الآن بأن قطاع المنازل وصل إلى القاع ليبدأ بالتحسن بعد ذلك، ولكن وعلى الرغم من ذلك فلا ينبغي لنا توقع انتعاشاً قوياً في أنشطة قطاع المنازل، نظراً لاستمرار ارتفاع قيم الحبس العقاري وتشديد الشروط الإئتمانية، الأمر الذي سيحد من مستويات الطلب على المنازل، في حين أن ارتفاع معدلات البطالة في البلاد ستلعب دوراً في الحد من مستويات الطلب أيضاً، كما وستسهم في تدمير الأنشطة الإقتصادية في قطاع المنازل.
ومن جهة أخرى فمن المتوقع أن يظهر تقرير الدخل ارتفاع الدخل الشخصي بنسبة 0.5% خلال تشرين الثاني حيث ما زالت معدلات البطالة ترتفع، ولكن على ما يبدو بأن موسم الأعياد والعطلات شكل دعماً للدخول خلال شهر تشرين الثاني، نظراً لقيام الشركات والمصانع بتوظيف المزيد من الأيدي العاملة خلال موسم الأعياد، جراء ارتفاع مستويات الطلب على السلع خلال هذه الفترة من العام.
وبالتزامن مع ذلك فمن المتوقع أن نشهد ارتفاع انفاق المستهلكين بنسبة 0.7% خلال تشرين الثاني، حيث تقوم الشركات في العادة بتخفيض أسعارها بشكل كبير خلال هذا الوقت من العام، للعمل على جذب المستهلكين للقيام بالتسوق خلال موسم الأعياد والمناسبات، مع الأخذ بعين الإعتبار الدعم الحكومي المتواصل والذي يسهم في مستويات الإنفاق وبالتالي دعم النمو الإقتصادي.
وقد أشار البنك الفدرالي الأمريكي خلال الفترة الماضية بأن التضخم لن يشكل خطراً على الأقل في المدى القصير، فقد توقع الفدرالي الأمريكي بأن معدلات التضخم ستبقى تحت السيطرة بسبب الضعف المتواصل في النشاط الإقتصادي والذي سيعمل على مواصلة الاستقرار في معدلات التضخم، حيث توقع البنك الفدرالي الأمريكي أن يبقى التضخم تحت مستويات 2% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وبالتعمق أكثر في بيانات الأسبوع المقبل، فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي والذي يعد المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي الأمريكي لقياس التضخم، حيث من المتوقع أن يرتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري بنسبة 0.1% خلال تشرين الثاني، بينما بالمقارنة مع العام الماضي، فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري ليصل غلى 1.5% من 1.4% ، حيث سيبقى التضخم تحت المستويات المحددة من قبل الفدرالي الأمريكي، ولكن النظرة المستقبلية للتضخم ما زالت غير واضحة، نظراً للارتفاع الكبير في العرض النقدي والذي من المحتمل أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير.
وفي سياق منفصل فسيصدر عن الإقتصاد الأمريكي أيضاً القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن شهر كانون الأول، حيث من المتوقع أن ترتفع ثقة المستهلكين بشكل طفيف لتصل غلى 74.0 مقابل 73.4 خلال شهر تشرين الثاني، حيث بدأ التحسن في الأوضاع الإقتصادية ينعكس على المستهلكين، على الرغم من أن ثقة المستهلكين ما زالت ضعيفة وقد تستغرق بعض الوقت قبل أن تتعافى بشكل تام، نظراً لأن المواطنين الأمريكيين ما زالوا يشعرون بحرارة ارتفاع مستويات البطالة وتشديد الشروط الإئتمانية.
أما طلبات الإعانة الأسبوعية فمن المتوقع أن تواصل إظهار تباطؤ وتيرة تسريح العمال في الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من عدم قيام الشركات بتعيين موظفين جدد، ومع ذلك فقد انخفضت وتيرة الإستغناء عن الوظائف بالفعل على مدى الأشهم القليلة الماضية بشكل ملحوظ، حيث أظهر تقرير العمالة خلال تشرين الثاني بأن 11 ألف موظف فقط فقدوا وظائفهم.
وفي النهاية فمن المتوقع أن تظهر طلبات البضائع المعمرة انتعاشاً خلال تشرين الثاني، في ظل ارتفاع طلبات البضائع المعمرة بنسبة 0.5% بالمقابل مع الانخفاض السابق المسجل عند 0.6% خلال تشرين الأول، في حين من المتوقع ارتفاع طلبات البضائع المعمرة عدا المواصلات بنسبة 1.0% بالمقارنة مع الانخفاض السابق المسجل عند 1.3% ، لذا فمن المتوقع أن يرتفع المؤشر ولكن لا يمكننا تعليق المزيد من الآمال، حيث تعد طلبات البضائع المعمرة شديدة التحرك.
وعلى ما يبدو فإن الإقتصاد الأمريكي يتحسن من أسوأ أومة مالية منذ الكساد العظيم، ولكن التعافي يجري بوتيرة بطيئة على ما يبدو، لذا فمن غير الممكن أن نتوقع حلولاً سحرية لتكون قادرة على انتشال الإقتصاد والعودة به إلى تحقيق الإزدهار، وتبعاً لذلك فلا يمكننا توقع أن يحقق الإقتصاد الأمريكي النمو المنشود على المدى البعيد في وقت قريب، فمن المرجح أن يستغرق ذلك وقتاً طويلاً ...