ها نحن عزيزي القارئ بصدد افتتاح جلسة أمريكية جديدة في خضم البيانات المنتظرة عن القطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الأكبر في العالم - قطاع العمالة - حيث أن الاقتصاد الأمريكي شهد تباطؤا في أنشطته الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة إثر الضغوطات التي تقع على عاتقه كمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني.
مشيرين إلى أن تقرير ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص سيصدر اليوم عن قطاع العمالة الذي لا يزال يستحوذ التركيز الأكبر من قبل الاقتصاد الأمريكي ككل من مستثمرين وحكومة وحتى البنك الفدرالي نفسه، إذ من المتوقع أن يشير التقرير إلى وظائف مضافة خلال أيلول تصل إلى 20 ألف وظيفة مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 10 آلاف وظيفة مفقودة.
واضعين بعين الاعتبار أن المستثمرين قد ينظرون إلى بيانات اليوم كمؤشر أو دليل على ما سيأتي به تقرير العمالة الذي سيصدر بعد يومين الجمعة، في حين لا تزال العقبات تواجه الاقتصاد الأمريكي متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني التي واصلت الإلقاء بظلالها السلبية على النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يؤكد بأن قطاع العمالة بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي بشكل عام يشهدان تراخيا في الأداء.
ويجب أن نشير هنا بأن التوقعات تنصب في أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 5 آلاف وظيفة خلال أيلول مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت خلال آب 54 ألف وظيفة مفقودة، وذلك وفقا لتقرير العمالة الذي سيصدر بعد يومين، أضف إلى ذلك عزيزي القارئ أن معدلات البطالة قد ترتفع خلال الشهر نفسه إلى 9.7% مقابل 9.6%، مما يشير بأن الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي ستبقى على ما هي عليه لفترة من الوقت.
ومع بقاء معدلات البطالة ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن فإن الاقتصاد الأمريكي سيواجه الصعوبات والتحديات ليتقدم في أنشطته الاقتصادية، حيث أن البطالة تحد من مستويات الدخل والإنفاق مما ينعكس بالسلب على نمو الاقتصاد الأمريكي، وذلك باعتبار أن إنفاق المستهلكين يمثل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وعلاوة على ذلك فإن هناك عقبات أخرى تقف أمام الاقتصاد الأمريكي عدا عن معدلات البطالة والتي تتمثل في أوضاع التشديد الائتماني والتي تحد من قابلية وسهولة حصول أصحاب الشركات أو المستهلكين حتى على قروض جديدة، الأمر الذي يقف حاجزا أمام مستويات الإنفاق أيضا، هذا إلى جانب مسألة انقضاء البرامج والخطط التحفيزية التي كانت قد دعمت مستويات الإنفاق في السابق.
ومن هذا المنطلق يجب علينا الإشارة بأنه يتوجب على الاقتصاد الأمريكي الاعتماد على نفسه في المرحلة الحالية والقادمة لتخطي هذه العقبات، دون الحاجة إلى أية مساعدات من قبل الحكومة أو حتى من صانعي السياسة النقدية في الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن مسألة إطلاق برامج تحفيزية جديدة تمثل سلاحا ذو حدين، حيث على الرغم من الدعم الذي قد تقدمه تلك البرامج إلا أنها ستعمل أيضا على ارتفاع العرض النقدي في الأسواق وستقود إلى توسع العجز في الميزانية، مع العلم أن هذه المسألة تعد خطيرة في حال تخطيها الحدود المسموح بها.
مشيرين إلى أن السيد بن برنانكي كان قد أشار منذ يومين في اجتماع له بأن قطاع العمالة الأمريكي بات يواجه وقتا عصيبا في المرحلة الراهنة، معربا عن قلقه إزاء توسع الميزانية الأمريكية، مشيرا إلى أنه يعد تهديدا حقيقيا ومتصاعدا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.
ولكن يجب الإشارة بالمقابل أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يسير على خطى التعافي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن باتت عجلة التعافي تأخذ وتيرة أكثر اعتدالا وبطئاً مما سبق، حيث سيلزم الاقتصاد مزيدا من الوقت ليحقق التعافي التام، والذي لن يحدث قبل النصف الثاني من العام 2011 على الأقل...