كارال (بيرو) ،أول نوفمبر/تشرين ثان (إفي): احتفلت مدينة كارال، التى تعتبر أقدم مدينة في أمريكا اللاتينية، بعامها الخامس عشر منذ أن أخرجت البحوث الجيولوجية إلى النور بقايا حضارة عاصرت الحضارتين المصرية والسومرية بتاريخها الذى يرجع إلى 5 آلاف عام.
وتلقى هذا الموقع الآثري، الذى يضم ستة أهرام مدرجة وميدانين، من بين أكثر الآثار جذبا للسياح، في يونيو/حزيران الماضي تقديرا دوليا لدى إدارجه ضمن قائمة تراث البشرية من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وقد قام علماء الآثار بحفريات في خمس مدن بوادي نهر سوبي، الواقع على بعد 180 كلم شمال العاصمة ليما، تم بنائها في الفترة ما بين 3000 و 1800 قبل الميلاد رغم علمهم بأن هناك إجمالي 20 مستوطنة بشرية حول هذا الوادي.
وتوضح رئيسة "مشروع كارال" روث شادي والمنسقة لكافة أعمال المشروع الأثري الجاري العمل به خلال 15 عاما، أنه نظرا لأن مدينة كارال هى التى تضم أكبر عدد من القطع الاثرية أطلق أسمها على حضارة امتدت على مساحة 300x400 كلم.
ويقطع هذا الوادي الصحرواي، الذى تجتاحه الرياح، نهر سوبي الذى تمتد على ضفافه منطقة خضراء واضحة شهدت نشأت حضارة لا يزال علماء الآثار، بعد 15 عاما من الأبحاث، يجهلون عنها أكثر مما يعرفون.
وأوضح عالم الآثار ماركو بيثاريث أن أبناء هذه الحضارة كانوا يرزعون الذرة والقطن ويستبدلونهما بالأسماك مع شعوب ساحل المحيط الهادىء، الذى يبعد حوالي 20 كلم، ولم يعرفوا المعدن أو السيراميك.
وبسبب عدم وجود مثل هذه المواد التى كانت تمثل مطمعا لسارقي المقابر، لم تعان بقايا آثار مدينة كارال من عمليات السلب والنهب التى تعرضت لها مواقع أثرية آخرى في بيرو ولكن على الجانب الآخر أدى افتقار هذه الحضارة إلى هذه المواد إلى نقص المعلومات التى يمكن أن تجعلنا نكتشف بشكل أكبر أسلوب الحياة في هذه الحضارة.
ويعتقد أن حضارة كاراك كانت منقسمة إلى ثلاث طبقات اجتماعية، طبقة الزعماء ورجال الدين وآخرى للإداريين- الذين كانوا يسكنون المناطق المتاخمة للأهرام- طبقة ثالثة تضم الشعب البسيط، وفقا لما أفاده بيثاريث لوكالة (إفي) السبت.
وأضاف بيثاريث أن علماء الآثار يصرون على الطابع العمراني لهذه الحضارة بإشارتهم إلى وجود تصميمات معمارية وتخطيطات قبل بناء الآثار. وتعاصر أهرام مدينة كارال تقريبا هرم سقارة المدرج في مصر ولكنها لا تبلغ نفس الهجم الهائل وليس لها نفس الوظيفة الجنائزية بل كانت تستخدم في إقامة طقوس على قمتها تحتل فيها النيران العنصر الرئيسي.
ولأسباب مجهولة كانت أهرام كارال تغطي كل 100 أو 150 عاما بالطين والقش والحجارة مما تسبب في زيادة ارتفاعها. ومن بين العناصر المميزة لحضارة كارال استخدام "شيكرا" وهو عنصر معماري مكون من حزم من الخيزران مربوطة فيما بينها ومملوئة بالأحجار تستخدم كطوب للبناء يمكن حتى الان رؤيتها بوضوح بين جدار أسوار منشأتها.
وبالإضافة إلى الأهرام يبرز أيضا ميدانان دائريان كانت تقام فيها طقوس "الترابط الاجتماعي" كما عثر على ألات موسيقية ( 32 مزمارا و 38 بوقا) بالإضافة إلى بقايا أضحية بشرية ولا يعلم إذا كان ذلك أمرا معتادا في هذه الحضارة أم لا.
ومن بين الاكتشافات الأخيرة في مدينة كارال ما يطلق عليه اسم "قصر كينشا" وهو اسم تقنية بناء تطلق على الجدران المبنية بجزوع شجر الصفصاف المربوطة فيما بينها والمغطاة فيما بعد بالحجارة والطمي مما يميزها بمقاومة الهزات الأرضية.
ومع ذلك، يبدو أن الزلازل، التى صاحبت فترة من الأمطار الغزيرة هى التى أدت إلى نهاية حضارة لا تزال حتى الأن تخفي الكثير من الألغاز.(إفي)غ ض /م ع