إذا صح أن نطلق لقباً على الأسبوع الماضي، فيصح أن نسميه أسبوع سوق العمل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لزخم البيانات التي صدرت حول أداء القطاع خلال الفترة الماضية، ناهيك عزيزي القارئ عن بيانات قطاع الصناعة، إلى جانب بيانات قطاع المنازل، والذي كان السبب في انطلاق الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن الأنظار طوال الأسبوع الماضي بقيت متوجهة نحو آخر أيام الأسبوع -يوم الجمعة- في ترقب واضح لبيانات تقرير الوظائف الأمريكي.
وقد استهل الاقتصاد الأمريكي بيانات الأسبوع الماضي بإصدار تقرير الدخل، والذي جاء ببيانات جيدة بعض الشيء، إلا أنه أكد على استمرار ضعف مستويات الدخل والإنفاق على الرغم من ارتفاعها، حيث صدر التقرير عن وزارة التجارة الأمريكية في قراءته الخاصة بشهر تموز/يوليو الماضي، لنشهد ارتفاع مستويات الدخل وبتطابق من التوقعات، في حين ارتفعت مستويات الإنفاق بأعلى من التوقعات خلال الفترة ذاتها، وبهذا فإن خير ما يمكننا وصف مستويات الدخل والإنفاق به في الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تزال "ضعيفة"، ولا ترتقي إلى المستويات المطلوبة، الأمر الذي يؤكد فعلاً على أن أنشطة الاقتصاد الأمريكي تنمو بوتيرة معتدلة أو لربما تشهد تباطؤَ ملحوظاً خلال الوقت الراهن.
حيث أكد التقرير الصادر على ارتفاع الدخل الشخصي خلال تموز/يوليو وبنسبة بلغت 0.3 بالمئة، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 0.3 بالمئة، وبتطابق مع التوقعات، في حين أظهرت مستويات الإنفاق الشخصي نمواً خلال الشهر ذاته بنسبة بلغت 0.8 بالمئة فقط، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.2% وبأعلى من التوقعات التي بلغت 0.5 بالمئة، علماً بأن مستويات الإنفاق تشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن الناحية الأخرى فلا بد لنا من تسليط بعض الضوء على موضوع التضخم، والذي لا يزال تحت السيطرة، حيث أشار تقرير الدخل وعن طريق مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري - المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي - بأن مستويات التضخم لن تشكل أية تهديدات على المدى القريب على الأقل، وهذا ما أكده البنك الفدرالي مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة، بأن معدلات التضخم تقبع تحت بند الاعتدال، وسط تراجع الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات الرئيسية، الأمر الذي لا يزال يلقي بضغوطاته على النشاطات، ومن ناحية أخرى فإن انخفاض أسعار النفط لعب دوره في بقاء معدلات التضخم على تلك الحالة.
وفي ما يتعلق بمحضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة، فقد أكدت اللجنة على أن أعضائها تباحثوا في موضوع "شراء-الأصول"، حيث أشار بعض أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة إلى إحتمالية القيام بالمزيد من عمليات "شراء الأصول"، لدعم الاقتصاد الأمريكي، والذي يمر بمرحلة تباطؤ ملحوظة، علماً بأن رئيس البنك الفدرالي الأمريكي بن برنانكي أكد في آخر خطاب له على أنه لا يزال يحتفظ بنظرة "متفائلة" حيال مستقبل الاقتصاد الأمريكي، ولم يلمح إلى إقرار أي خطط تحفيزية من شأنها دعم مستويات النمو.
يذكر بأن بعض أعضاء اللجنة الفدرالية المفتوحة أكدوا على أن إقرار خطط تحفيزية جديدة أمر لا بد منه في الاجتماع المقبل.
وقد شهدنا خلال الأسبوع الماضي صدور بيانات عن قطاع الصناعة الأمريكي، تمثلت في معهد التزويد الصناعي، حيث صدر مؤشر معهد التزويد الصناعي في قراءته الخاصة بشهر آب/أغسطس عند 50.6 بالمقارنة في قراءة شهر تموز/يوليو والمسجلة عند 50.9 وبأعلى من توقعات الأسواق والتي بلغت 48.5، علماً بأن أية قراءة للمؤشر فوق مستويات 50.0 تعتبر توسعاً في أنشطة القطاع.
وقد حمل لنا بيانات تتعلق بأداء قطاع المنازل، ذلك القطاع الذي بدأ الأزمة المالية الأسوء منذ سبعة عقود -قطاع المنازل-، لتؤكد تلك البيانات "مبيعات المنازل قيد الانتظار" على أن القطاع لا يزال ضعيفاً، حيث أصدر الاقتصاد الأمريكي بيانات قطاع المنازل الخاصة بشهر تموز/يوليو الماضي، في حين أشار محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة والذي تحدثنا عنه في الأسطر القليلة الماضية على أن أنشطة قطاع المنازل لا تزال ضعيفة، وتقبع ضمن مستويات مخيبة للآمال.
وقد مهد مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص الطريق أمام تقرير الوظائف الأمريكي والذي صدر يوم الجمعة، حيث صدر في البداية مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص، والذي أظهر نجاح القطاع الخاص في توفير 91 ألف فرصة عمل جديدة خلال آب/أغسطس، إلا أن تقرير الوظائف الأمريكية والذي صدر يوم الجمعة جاء ببيانات غير ذلك، من خلال الإعلان عن بيانات سيئة ومخيبة للآمال.
يوم الجمعة، أو اليوم المشهود بالنسبة للمستثمرين والأسواق، حمل لنا بيانات سيئة ومخيبة للآمال، حيث شهدنا فشل الاقتصاد الأمريكي في توفير أي فرص عمل جديدة خلال شهر آب/أغسطس، في حين ثبتت معدلات البطالة في الولايات المتحدة خلال الشهر ذاته عند مستويات 9.1 بالمئة.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن بيانات تقرير الوظائف الصادرة يوم الجمعة أشارت إلى أن سوق العمل الأمريكي لا يزال يعاني من الضعف الشديد، الأمر الذي أظهره الاقتصاد الأمريكي مؤخراً في كافة القطاعات تقريباً، تحت تأثير الضغوطات التي تقع على عاتقه، الأمر الذي قاد أرباب العمل إلى التخوف من توظيف أيدي عاملة جديدة، بل وعلى العكس ربما قاموا بالاستغناء عن بعض الوظائف في مسعى منهم لخفض التكاليف، في ظل ضعف مستويات الطلب في الداخل والخارج.