Investing.com - يحذر صانعو السياسة الفيدرالية وبعض استراتيجيي سوق السندات من التفاسير التشاؤمية لانعكاس منحنى العائد الحالية، ولكن إن كان الاقتصاد ضعيف فهذا الانقلاب قد يعني ركودًا لا محالة، بينما إن كان الاقتصاد قويًا ربما جاء ركودًا وربما اكتفى بأن يمثل مؤشر شديد التشاؤم فقط.
منذ سنوات قالت رئيسة الفيدرالي جانيت يلين السابقة إن التاريخ يشير إلى أنه عندما ينقلب منحنى العائد، فإن ذلك إشارة قوية على ركود اقتصادي قريب، ولكن هذه المرة ربما تكون هذه الإشارة خاطئة، لأن الاقتصاد الأميركي قوي بما يكفي لدرء الركود.
ما الذي يعنيه هذا الحدث الذي تفاجأت به الأسواق الأسبوع الماضي؟ ولم لفت أنظار الخبراء والمحللين، هل بالفعل الاقتصاد الأمريكي مقبل على حالة من الركود؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه حالة من التباطؤ الاقتصادي فقط؟
ركود قادم
غالبًا ما تتجه منحنيات العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أعلى، وإن حدث الانقلاب مقابل السندات لأجل عامين فهذا يعني أن المستثمرين أكثر تشاؤماً بشأن الآفاق طويلة الأجل ويتوقعون ركوداً قريباً.
يقول محللون أن سوق السندات تومض بإشارة تحذيرية باحتمال اقتراب ركود، حيث أنها تشير إلى ما يسمى بـ"منحنى العائد المقلوب" في سوق السندات وهو غالبًا ما يحدث قبل فترات الركود في الولايات المتحدة.
يحدث هذا عندما تتجاوز عوائد السندات قصيرة الأجل عوائد السندات طويلة الأجل، وهذا يعني أن المستثمرين قلقون بشأن الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل.
يعتبر العائد لمدة عامين مقابل 10 سنوات على سندات الخزانة الأمريكية هو الأكثر مشاهدة بشكل عام من قبل الاقتصاديين
ما هو منحنى العائد المقلوب؟
عندما يكون سوق السندات سليمًا، تكون العوائد أعلى للسندات ذات الوقت الأطول حتى تاريخ الاستحقاق، على سبيل المثال سيكون لسند الخزانة لمدة 10 سنوات عائد أعلى (أو معدل فائدة) أعلى من عائد الخزانة لمدة عام واحد.
وبعبارة أخرى ، فإن العوائد قصيرة الأجل أقل من العائدات طويلة الأجل، ويتوقع المستثمرون مكافأة أكبر على إقراض أموالهم لفترة أطول، مما يعطي "منحنى العائد" شكلاً منحدرًا إلى الأعلى.
ولكن عندما ينعكس المنحنى، وأن تدفع السندات قصيرة الأجل عائدًا أعلى من السندات طويلة الأجل، هذها يشير إلى حدوث تشويه في السوق.
ماذا يعني؟
يُعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على السندات في وقت بعينه تمتلك فيها جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها مختلفة في الاستحقاق، بمعنى فارق الفائدة بين السندات لأجل عامين ولأجل عشر سنوات، ويجري الاحتفاظ بالسند لفترات أطول في مواجهة مخاطر التضخم أو عدم اليقين.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاهاً صعودياً، ولكن عندما ينقلب بأن يكون العائد على السندات الأقصر أجلاً أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلاً، يسود القلق الأسواق لعدة أسباب.
من بين الأسباب أن العائد على السندات القصيرة الأجل يرتفع لأن السياسة النقدية تتسبب في إبطاء نمو الاقتصاد أو لوجود مخاوف لدى المستثمرين بشأن مستقبل النمو أو لاندفاع المستثمرين نحو السندات الطويلة الأجل مما يدفع العائد عليها نحو الانخفاض.
ماذا حدث؟
في الأسبوع الماضي وتحديدًا يوما الثلاثاء هبط العائد الأمريكي على سندات أجل 10 سنوات لفترة وجيزة دون مكافئه لأجل عامين للمرة الأولى منذ 2019، متجاوزاً مستويات 2.39%.
قالت إيرين براون، مديرة صندوق في باسيفيك إنفستمنت مانجمنت:"يأتي الانقلاب الأخير الأحدث في مجموعة من الانقلابات منذ أكتوبر عندما تجاوزت عائدات سندات أجل 20 عاماً تلك ذات الـ 30 عاما".
وقالت بروان "لدينا أسباب للاعتقاد أنه لن يحدث هذه المرة انقلاب منحنى العائد مؤشراً بنفس القدر من الجودة كالماضي، خصوصاً بالنظر إلى الكم الهائل من التيسير الكمي الذي تطبقه البنوك المركزية العالمية".
عاجل: ماسك يفجر مفاجأة من العيار الثقيل
تحول مثير
تقول مديرة صندوق في باسيفيك إنفستمنت مانجمنت:"تحول الفارق أيضاً بين عائد سندات الخزانة لأجل الخمسة والثلاثين عاماً إلى المنطقة السلبية الأسبوع الجاري، وهو شيء لم يحدث منذ 2006".
يعد منحنى العائد مقياسا رئيسيا تراقبه الأسواق، ويمكن أن يكون له تأثير في مجموعة من أسعار الأصول، وكان تاريخياً إشارة للتوقعات الاقتصادية.
أضافت براون: "قد يكون الأمر الأكثر أهمية هو النظر حقاً في سبب انعكاس منحنى العائد وفي بعض السمات المميزة حول انعكاس منحنى العائد مقارنة بالفترات السابقة".
تشديد الفيدرالي
تقول بروان:" على غرار الانقلاب الكبير في منحنى العائد في عام 2019، يتزايد القلق من أن تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية سيؤثر في إنفاق المستهلكين والنشاط التجاري.
وعلى عكس ما حدث في آخر مرة، فإن البنك المركزي يكافح أعلى مستويات التضخم في جيل كامل، وهو ما يؤجج التكهنات بأن الظروف ستتطلب تعديلاً أكثر شدة في الفائدة الرسمية، مع عواقب أكثر ضرراً.
يقول الرئيس التنفيذي لشركة دابل لاين كابيتال Double Line Capital جيفري جوندلاش، من الأفضل للمستثمرين أن ينتبهوا للإشارات التي تصدرها منحنيات العائد على السندات.
وأضاف خلال كل فترة من الفترات السبع التي تعرض فيها الاقتصاد الأميركي للركود، انقلب منحنى العائد على السندات لأجل عامين ولأجل عشرة أعوام، وكان آخرها في فترة الركود بين 2007 و2009.
تحذير
قالت ستيفاني روث ، كبيرة الاقتصاديين في الأسواق لإدارة الثروات العالمية في جي بي مورجان (NYSE:JPM): "بشكل عام ، يجب أن يكون الأمر عكس ذلك".
تقول روث : "لا يؤدي الانعكاس في منحنى العائد إلى حدوث ركود في كل الأحوال، ولكنه قد إنه يشير بدلا من ذلك إلى أن مستثمري السندات قلقون بشأن آفاق الاقتصاد على المدى الطويل".
وأضافت روث:" إن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل خمس سنوات و 30 عامًا انقلبت يوم الاثنين الماضي ، وهي المرة الأولى منذ عام 2006 ، قبل الركود الكبير".
وقالت كبيرة الاقتصاديين في الأسواق لإدارة الثروات العالمية في جي بي (CA:AUTO) مورجان الانقلابات: "هذا لا يعني أن الركود قادم، إنه يعكس فقط المخاوف بشأن الاقتصاد المستقبلي."
إنذار كاذب
وفقًا لروث فإن منحنيات عائد سندات الخزانة لمدة عامين و 10 أعوام انقلبت قبل فترات الركود السبعة الأخيرة منذ عام 1970.
تقول روث: "من غير المرجح أن يكون الركود وشيكًا استغرق الأمر 17 شهرًا بعد انعكاس سوق السندات ليبدأ الانكماش في المتوسط".
قالت إنه كان هناك إنذار كاذب واحد في عام 1998، كان هناك أيضًا انعكاس قبل جائحة Covid-19 ، لكن روث قالت إنه يمكن أيضًا اعتبار الانقلاب الأخير إنذارًا كاذبًا ، نظرًا لأن مستثمري السندات لم يكن بإمكانهم توقع تلك الأزمة الصحية.
حركة الفيدرالي
قال بريان لوك ، رئيس الدخل الثابت في S&P Dow Jones Indices: "لا يعمل هذا التنبؤ طوال الوقت ، ولكن معدل نجاحه مرتفع للتنبؤ بركود في المستقبل".
وقال لوك إن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي (أي سعر الفائدة القياسي) لها تأثير مباشر أكبر بشكل عام على عوائد السندات قصيرة الأجل مقارنة بعوائد السندات طويلة الأجل.
وأضاف لوك بدلاً من ذلك ، فإن توقعات المستثمرين لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية سيكون لها تأثير أكبر على السندات طويلة الأجل.
وقال لا تتحرك السندات طويلة الأجل بالضرورة جنبًا إلى جنب مع معيار الاحتياطي الفيدرالي (المسمى سعر الأموال الفيدرالية).
قلق
يقول بريستون كالدويل رئيس قسم الاقتصاد بالولايات المتحدة في MORNINGSTAR يبدو أن المستثمرين قلقون بشأن ما يسمى الهبوط الحاد أو انقلاب المنحنى.
ويضيف كالدويل قد يحدث هذا إذا قام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بقوة كبيرة لترويض التضخم وتسبب بطريق الخطأ في حدوث ركود.
رفع البنك المركزي الأمريكي سعر الفائدة القياسي في مارس لتهدئة الاقتصاد وكبح جماح التضخم ، الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عامًاو من المتوقع أن يحدث ذلك مرات عديدة هذا العام.