يضرب اليوم الثلاثاء نحو 100 ألف ممرض وممرضة في المملكة المتحدة، مطالبين الحكومة بزيادة الأجور وسط أزمة تضخم لم تشهد البلاد مثلها منذ عقود. وهذا هو الإضراب الثاني للممرضين بعد إضراب أول نفذوه في الـ15 من الشهر الحالي، كما أنه يشكل الإضراب الأشمل والأوسع منذ 106 أعوام بحسب مسؤولين بريطانيين.
ومع أن رواتب العاملين في القطاع الطبي ارتفعت في المملكة المتحدة شكلياً بين 2010 و2019 إلا أنها، في واقع الأمر، تراجعت 6 بالمئة بفعل التضخم، بحسب بيانات جديدة نشرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وشهدت بلدان أوروبية أخرى إضرابات مشابهة لأسباب مشابهة: في إسبانيا أضرب عمال القطاع الصحي والطوارئ في تشرين الثاني-نوفمبر مطالبين برفع أجورهم وبسدّ النقص عبر توظيف الآلاف الجدد من زملائهم. وفي فرنسا تظاهر الممرضون في حزيران-يونيو لأسباب مشابهة، بينما أضرب الأطباء في ألمانيا عن العمل في آذار-مارس.
تركيا أيضاً التي تمرّ بأزمة تضخم خانقة شهدت إضرابات مشابهة للأسباب نفسها في آذار-مارس، كما تظاهر العاملون في القطاع الطبي في تموز-يوليو مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات إضافية تحميهم من العنف، بعد مقتل طبيب على يد فرد من أسرة أحد المرضى. وزاد سفر الأطباء الأتراك إلى الخارج، خصوصاً إلى الاتحاد الأوروبي، بحثاً عن عمل وموقع أفضل، الطين بلّة.
كلّ تلك الإضرابات والمظاهرات التي يمكن القول إنها معيشية بالدرجة الأولى، تأتي بعد فترة ضغط شديد تعرض له القطاع الطبي، واستمرت لنحو سنتين في تلك البلدان، بسبب جائحة كوفيد-19. فكيف هو أجر الممرضين والممرضات في الاتحاد الأوروبي، وأي بلدان تدفع أفضل الرواتب وأسوأها وكيف تغيّرت رواتب الممرضين في العقد الأخير؟
الإحصائيات أدناه هي الوحيدة الرسمية المتوفرة حالياً وهي تعود للعام 2020 وهي صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتحدد معدّل الراتب السنوي للممرضين بحسب الدول الأوروبية، باليورو. وتبدو دوقية اللكسمبورغ في الصدارة براتب سنوي قدره 100 ألف و151 يورو.
أقل من معدل الأجور في فرنسا
تعد نسبة رواتب الممرضين إلى متوسط الأجور في كل بلد مؤشراً مفيداً أيضاً. يعتمد متوسط الأجر في بلد ما على إجمالي الأجور المدفوعة ومتوسط عدد الموظفين في الاقتصاد الكلي.
وفي عام 2020 ، تباينت نسبة رواتب الممرضين إلى متوسط الأجر من 0.88 في ليتوانيا إلى 1.58 في بلجيكا. هذا يعني أن الممرضات في بلجيكا يتقاضين 1.58 مرة أكثر من متوسط الأجر في البلاد. وبلغت النسبة 1.2 في المتوسط لـ 20 دولة في الاتحاد الأوروبي.
في فنلندا ولاتفيا وفرنسا وسويسرا وليتوانيا، تقاضى الممرضون أجوراً أقل من متوسط الأجر في البلاد. وبلغت نسبة راتب الممرضة إلى متوسط الأجر 0.91 في فرنسا و 0.88 في سويسرا. وكانت النسب أعلى في إسبانيا (1.5) وجمهورية التشيك (1.42) وبولندا (1.36).
كيف تغيّرت أجور الممرضين خلال العقد الأخير؟
التغيير الأكبر الذي طرأ على الراتب السنوي الاسمي للمرضين بين 2010 و2020 كان في آيسلندا، حيث ارتفعت الرواتب بنسبة 123 بالمئة. ولكن التغيّر هذا يبقى اسمياً إذ لا يأخذ بعين الاعتبار عوامل اقتصادية أخرى أبرزها التضخم.
وتحسنت الرواتب الاسمية أيضاً في المجر (104 بالمئة) وإستونيا (94 بالمئة) وجمهورية التشيك (92 بالمئة) وسلوفاكيا (91 بالمئة). ولم تتحسن تلك الرواتب إلا بنسبة 10 بالمئة في فرنسا و9 بالمئة في بريطانيا التي تشهد حالة من التضخم بلغت 11 بالمئة حالياً.
ولكن في واقع الأمر، إن الظروف الاقتصادية الشاملة تظهر هذه التحسنات بأرقام مختلفة. ففي المجر، إن الزيادة الحقيقة على الرواتب لم تبلغ 104 بالمئة إنما 84 بالمئة، وفي سلوفاكيا 71 بالمئة لا 91 كما ورد أعلاه. وفيما لم تتحسن الرواتب الحقيقية في فرنسا ولم تتراجع، فإنها سجلت تراجعاً بنسبة 6 بالمئة في المملكة المتحدة.