Arabictrader.com - من المقرر أن تتابع العملات باهتمام شديد صدور قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وذلك في ظل تأثيرها القوي المتوقع على تحركات الأسواق وبخاصة على الدولار والذهب وأسواق الأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية، وفيما يلي نظرة على كيفية ملابسات هذا القرار، وكيف يؤثر على الأسواق:
أولا: البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرارات الفيدرالي الأمريكي:
منذ اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال يوليو الماضي، صدرت العديد من البيانات الاقتصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بتثبيت رفع الفائدة خلال اجتماع سبتمبر الجاري.
وفي هذا الإطار، أفادت بيانات الإحصاء في الولايات المتحدة، بإيجابية بيانات التضخم الأمريكي خلال شهر أغسطس الماضي، فعلى أساس سنوي، تسارع نمو مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي مسجلا 3.7%، بأعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاعه إلى 3.6%، كما جاء أعلى من القراءة السابقة للمؤشر التي سجلت 3.2% فقط خلال يوليو الماضي. وفي نفس الإطار الزمني، تباطأ معدل التضخم الأمريكي الأساسي - والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء - إلى 4.3% على أساس سنوي بنهاية أغسطس الماضي، بما توافق مع توقعات الأسواق، علما بأن القراءة السابقة للمؤشر قد استقرت عند 4.7% في يوليو الماضي.
وأيضا، أوضحت البيانات الصادرة بالولايات المتحدة، تباين بيانات سوق العمل الأمريكي خلال أغسطس الماضي، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 187 ألف وظيفة فقط، وذلك بأكثر من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاعه بنحو 169 ألف وظيفة، وكانت القراءة السابقة قد أظهرت إضافة الاقتصاد لحوالي 157 ألف وظيفة خلال يوليو الماضي، بعدما تمت مراجعتها على نحو منخفض من 187 ألف طلب. بينما، سجل معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعا إلى 3.8% خلال نفس الشهر، وهو ما جاء أسوأ من التوقعات التي كانت قد أشارت إلى بقاء المؤشر عند مستوى 3.5%، بعدما كانت القراءة السابقة قد سجلت انخفاضا إلى 3.5% بيوليو الماضي.
وفي ضوء صدور بيانات التضخم وسوق العمل الأمريكي، فإن الفيدرالي الأمريكي قد لا يتسرع في رفع الفائدة مجددا وقد ينتظر صدور المزيد من البيانات قبل اتخاذ قرار جديد برفع الفائدة.
ثانيا: أبرز تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي الأخيرة:
خلال الفترة الماضية، صدرت العديد من التصريحات من قبل أعضاء الفيدرالي والتي توضح أن الأعضاء لا يزالون يؤيدون تشديد السياسة النقدية مع استمرار التضخم أعلى الهدف، وفي هذا الإطار، أفادت عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بولاية دالاس، لوري لوجان، بأنها تعتقد أنه قد يكون من المناسب أن يتخطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة باجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر الحالي.
وكذلك، صرح عضو بنك الفيدرالي الأمريكي ، أوستان جولسبي؛ بولاية شيكاغو، بأن معدل التضخم في الولايات المتحدة لا يزال أعلى من المستوى المستهدف، وتابع حديثه قائلا: لقد رأي الفيدرالي الأمريكي أن التضخم يبدأ في الانخفاض من قبل، لكنه بعد ذلك بدأ في العودة للارتفاع، وأشار إلى أن خفض التضخم دون حدوث ركود ليس مضمونا، لكن هناك ثقة متزايدة على أن الفيدرالي الأمريكي قادر على تحقيق ذلك.
وأيضا، أشار عضو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بولاية نيويورك جون ويليامز إلى أن التضخم يتحرك في الاتجاه الصحيح، ولكن فيما يتعلق بتوقعاته لقرار اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر ، أوضح ويليامز أنه يحتاج إلى مزيد من البيانات قبل اتخاذ القرار.
ثالثا: ما هي توقعات أهم البنوك الكبرى لقرارات الفيدرالي الأمريكي؟
تشير معظم التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيبقي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، وفي هذا السياق، توقع المحللون في ويلز فارجو بنك بأن تظل أسعار الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع، ويرون بأن التوقعات الاقتصادية من أعضاء الفيدرالي الأمريكي قد تعكس توقعات أكثر تفاؤلا للاقتصاد الأمريكي.
وبدروه، قال رئيس قسم المعلومات والرئيس العالمي للدخل الثابت والسلع لدى البنك العملاق جي بي مورجان (NYSE:JPM) بوب ميشيل، بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مستعد للتضحية باقتصاد الولايات المتحدة لصالح كبح التضخم المرتفع على غرار البنك المركزي الأوروبي. وفيما يتعلق بخطوات الفيدرالي الأمريكي بشأن دورة رفع الفائدة، أفاد ميشيل بأن الفيدرالي الأمريكي من المرجح أن يبقي أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول حتى يصل التضخم إلى هدف البنك البالغ 2%.
ومن جانبهم، علق الخبراء لدى كوميرز بنك على بيانات التضخم الأمريكية، ويرون بأنه من غير المرجح أن تتغير التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة، وتابع اقتصاديو المصرف الألماني بأنه رغم ارتفاع التضخم الأمريكي في أغسطس بمقدار 0.5% ليصل إلى 3.7%، إلا أن هذا الارتفاع المرتبط بسعر البنزين كان متوقعا، ومن ثم، فإنه من المحتمل بأن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن رفع الفائدة خلال سبتمبر، ولكنه قد يعطي تلميحا حول مستقبل الفائدة باجتماعاته المقبلة وهو ما سيكون له تأثير واضح على الدولار.
رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الفيدرالي الأمريكي المرتقبة:
في ضوء ما تم ذكره أعلاه، فإن سيناريوهات قرارات الفيدرالي الأمريكي تتمثل في هذه السيناريوهات، السيناريو الأول، يتمثل في إبقاء الفيدرالي الأمريكي على الفائدة دون تغيير خلال هذا الاجتماع وهو السيناريو المرجح حاليا، وقد يتضمن بيان الفائدة والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك والتوقعات الاقتصادية الصادرة عن البنك، تلميحا على أن الفيدرالي الأمريكي قد يرفع الفائدة مجددا إذا استمرت الضغوط التضخمية، وهذا السيناريو في حالة حدوثه، قد يكون له تأثير إيجابي على تحركات الدولار، وسلبي على الذهب والأسهم الأمريكية ومختلف العملات الرقمية.
السيناريو الثاني، وهو قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 25 نقطة خلال هذا الاجتماع، والحديث عن هدوء الضغوط التضخمية مؤخرا وتباطؤ التوظيف الأمريكي، وأنه لن يرفع الفائدة مجددا حتى تصدر المزيد من البيانات الاقتصادية، وهذا السيناريو سيكون له تأثير سلبي واضح على الدولار وإيجابي على الذهب والأسهم والعملات الرقمية، لأنه يعني اقتراب نهاية دورة تشديد السياسة النقدية الأمريكية.
بينما السيناريو الثالث والمستبعد حاليا، يتمثل في قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، والتأكيد على أن التضخم لا يزال مرتفعا وهو ما استدعى رفع الفائدة خلال هذا الاجتماع، وبأنه سيواصل رفع الفائدة مجددا لكبح الضغوط التضخمية، وهذا السيناريو قد يكون له تأثير إيجابي للغاية على الدولار.