Investing.com - في ظل الجهود المستمرة لتحقيق التوازن بين خفض التضخم ودعم استقرار سوق العمل، أدلى كبار مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتصريحات هامة حول السياسة النقدية بعد قرار خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس الشهر الماضي. يعكس هذا القرار نقطة تحول في الاستراتيجية التي اتبعها الفيدرالي على مدى العامين الماضيين، حيث واجه معدلات تضخم مرتفعة وارتفاع تكاليف الاقتراض.
وفي غضون ذلك، أكد فيليب جيفرسون، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، أن قرار خفض الفائدة الأخير بمقدار 50 نقطة أساس كان "في الوقت المناسب" ولم يكن رد فعل أو خطوة استباقية.
وأضاف جيفرسون خلال تصريحاته في كلية ديفيدسون بولاية نورث كارولينا أن القرار جاء متسقًا مع أهداف الفيدرالي المتمثلة في تحقيق تضخم بنسبة 2% وضمان الحد الأقصى من التوظيف. وبيّن أن نجاح الفيدرالي في خفض التضخم سمح له بالتركيز بشكل أكبر على تحقيق استقرار في سوق العمل.
وأوضح جيفرسون أن التصويت الذي جرى في سبتمبر، والذي وافق فيه على خفض معدل الفائدة، كان بمثابة نقطة تحول في المعركة المستمرة منذ عامين ضد التضخم، حيث وصلت تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياتها منذ عقود. وأكد أن هدف الفيدرالي خلال هذه الفترة كان خفض التضخم دون التسبب في زيادة كبيرة في معدلات البطالة. وأضاف: "لهذا السبب حافظنا على معدل الفائدة عند مستوى عالٍ لفترة طويلة، لأن سوق العمل كان في حالة جيدة للغاية."
وأشار جيفرسون إلى أن البطالة بقيت ثابتة تحت مستوى 4% معظم الوقت، رغم الزيادات في أسعار الفائدة، مما أعطى الفيدرالي الفرصة للاستمرار في السياسة النقدية المتشددة. ومع ذلك، أوضح أن الزيادة الأخيرة في معدل البطالة إلى 4.1%، مع انخفاض التضخم إلى مستويات قريبة من هدف الفيدرالي، جعلت من الضروري إعادة تقييم السياسة النقدية.
سوق العمل ما زال قويًا
من جانبه، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، إلى أن سوق العمل الأمريكي لا يزال قويًا رغم تباطؤه، حيث بلغت نسبة البطالة 4.1%، وهي تعتبر قريبة من التوظيف الكامل. وأوضح بوستيك أن معدل نمو الوظائف في الولايات المتحدة تجاوز ما هو مطلوب لمواكبة النمو السكاني، حيث أضافت الشركات الأمريكية 254,000 وظيفة في سبتمبر.
وأكد بوستيك أن انخفاض نمو الوظائف الشهري إلى أقل من 100,000 وظيفة سيثير قلق الفيدرالي بشأن إمكانية تخفيض أسعار الفائدة بشكل أسرع مما هو مخطط له. وأضاف أن التضخم لا يزال مرتفعًا جدًا، ويجب أن يعود إلى هدف 2% الذي يسعى الفيدرالي لتحقيقه.
نهج حذر
في سياق متصل، صرحت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، سوزان كولينز، بأن صناع السياسات يجب أن يتخذوا نهجًا حذرًا يعتمد على البيانات أثناء تخفيض أسعار الفائدة للحفاظ على قوة الاقتصاد الأمريكي. وأشارت كولينز إلى أن سوق العمل الأمريكي في وضع جيد بشكل عام، وأعربت عن ثقتها بأن التضخم سيعود إلى هدف الفيدرالي في الوقت المناسب مع استمرار صحة سوق العمل.
وأكدت كولينز أن الحفاظ على الظروف الاقتصادية المواتية يتطلب تعديلات في السياسة النقدية لتجنب وضع قيود غير ضرورية على الطلب، مشددة على أهمية اتباع نهج يعتمد على البيانات في عملية تطبيع السياسة النقدية مع مراعاة المخاطر من الجانبين. وأضافت أن الاقتصاد الأمريكي أصبح أكثر عرضة للصدمات في ظل تباطؤ سوق العمل وتراجع النمو الاقتصادي.
وفي الختام، شددت كولينز على زيادة ثقتها في مسار خفض التضخم، لكنها حذرت من مخاطر تباطؤ الاقتصاد بأكثر مما هو ضروري لاستعادة الاستقرار السعري.