Investing.com - تشهد القارة العجوز أزمات متلاحقة من حين لآخر، خاصة في ظل تداعيات الحرب الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم أجمع، ولكن تأثيرها الأكبر كان على القارة الأوروبية التي تعاني وستعاني من أزمة طاقة قد تعصف باقتصادات القارة مع حلول الشتاء القادم.
سقط اليورو لما دون مستوى التعادل مع الدولار أمس الاثنين ويحوم حول أدنى مستوى في خمسة أسابيع بفعل مخاوف متعلقة بتوقف إمدادات الغاز الأوروبية لمدة ثلاثة أيام هذا الشهر مما قد يفاقم أزمة الطاقة. حيث يتوقع الخبراء أن هذه هي البداية فقط وسيتبعها مزيدًا من الانهيار للعملة الموحدة.
وشهد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية المنافسة، ارتفاعا حادا ليصل لأعلى مستوى منذ منتصف يوليو مع تكرار مسؤولي الفيدرالي الأمريكي لموقفهم المتعلق بتشديد السياسة النقدية قبل ندوة جاكسون هول المقررة هذا الأسبوع.
وتعرض اليورو لضغط غير مسبوق ناشئ عن عمليات البيع مقابل الدولار بعد أن أعلنت روسيا في وقت متأخر من مساء الجمعة وقف إمدادات الغاز لأوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 لمدة ثلاثة أيام في نهاية هذا الشهر.
عاجل: الدولار يدفع اليورو نحو الهاوية.. الأعلى والأدنى في عقدين
سقوط مدو
هبط اليورو إلى أدنى مستوى له في عقدين من الزمن متأثرًا بقوة الدولار المنتعش بآمال الفيدرالي التشددية، وأيضًأ باحتمالية شتاء صعب على المنطقة. ووفقًا للخبراء، فإن انخفاض اليورو هو مجرد بداية هبوط أعمق للعملة.
انخفضت العملة الموحدة الآن لتسجل 0.9928، وذلك بعد أن هبطت أمس الاثنين بنسبة 1.1٪ إلى 0.9920 لأقل من أدنى مستوى في عقدين سابقين عند 0.9952 تم الوصول إليه في يوليو - مبتعدة عن فترة وجيزة من الراحة التي دفعت اليورو إلى حوالي 1.03 دولار في وقت سابق من هذا الشهر. وتم تداول العملة يوم الاثنين عند مستويات شوهدت آخر مرة في عام 2002، بعد سنوات قليلة من ظهور العملة.
ويتوقع مورجان ستانلي (NYSE:MS) أن ينخفض اليورو إلى 0.97 دولار هذا الربع، وهو مستوى لم نشهده منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فيما تستهدف شركة "نومورا إنترناشيونال" مستويات الـ 0.975 دولار مع نهاية سبتمبر المقبل، وعلى إثر ذلك ربما يبحث السوق عن مستوى 0.95 دولار أو أقل، حيث تزيد الضغوطات على إمدادات الطاقة من مخاطر انقطاع التيار الكهربائي ومن المحتمل أن يرفع واردات اليورو.
خضوع اليورو
كتب كيت جوكس، خبير استراتيجي بوحدة صرف العملات الأجنبية لدى بنك "سوستيه جنرال" في رسالة للعملاء: "ستشهد نهاية الصيف عودة اليورو للخضوع للضغوط، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن سعر الدولار مناسب للشراء وجزئياً لأن سيف المخاطر المسلط على اقتصاد أوروبا لم يختف".
ستكون الأسواق في حالة تأهب لمزيد من الوضوح بشأن استجابات البنك المركزي للقوى المتضاربة من مخاطر الركود وارتفاع الأسعار في ندوة جاكسون هول هذا الأسبوع. ومن المتوقع أن يكرر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول التزام الفيدرالي بمكافحة التضخم، وسينضم إليه أيضًا مسؤولون من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.
عاجل: الخوف من التضخم يقلب توقعات الفائدة.. متى ينتهي تشدد الفيدرالي؟
مزيد من التدهور
قد يكون التراجع في مقاييس الظروف المالية الأمريكية خلال الصيف، على الرغم من الوتيرة القوية لرفع أسعار الفائدة، دافعًا آخر لمزيد من التشدد في بنك الاحتياطي الفيدرالي، وفقًا للمحلل الاستراتيجي في مورجان ستانلي ديفيد آدامز، مما يجعل نبرة باول في جاكسون هول حافزًا مهمًا محتملاً للدولار.
قد تأتي فرص المتداولين لمطاردة انخفاض اليورو خاصة مع تسجيل بيانات مديري المشتريات الأوروبية هذا الأسبوع نسب سلبية. وتواجه المنطقة مصاعب بشأن أسعار الغاز الطبيعي التي وصلت لمستويات قياسية، مع زيادة ضغط الإمدادات الشحيحة بالفعل جراء تعطل النقل بواسطة السفن للسلع الأساسية عقب صيف جاف بصورة غير اعتيادية.
عاجل: بعد سبع جلسات من الخسائر.. صعود مفاجئ للذهب رغم قسوة الفيدرالي
انكماش
أوضحت بيانات مديري المشتريات الخدمي والصناعي أن منطقة اليورو دخلت في منطقة الانكماش الاقتصادي، مع بيانات دون مستوى الـ 50 والتي تعد إشارة على تراجع النمو.
وأظهرت بيانات شركة ” ستاندرد آند بورز جلوبال ” انخفاض مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو -الذي يُنظر إليه على أنه دليل للحالة الاقتصادية- إلى 49.2 نقطة في أغسطس مقارنة مع 49.9 نقطة في يوليو، وهو الانخفاض الثاني على التوالي بعدما نما لفترة بلغت 16 شهرًا.
كما أظهرت بيانات الشركة تباطؤًا في مؤشر مديري المشتريات بألمانيا، مع تراجع الطلب نتيجة ارتفاع التضخم وزيادة سعر الفائدة بالإضافة إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي، كما انكمش الاقتصاد الفرنسي للمرة الأولى منذ عام ونصف.
وتراجع مؤشر مديري المشتريات الخدمي في منطقة اليورو من 51.2 نقطة في يوليو إلى 50.2 نقطة في أغسطس وهو أقل مستوى في 17 شهرًا.
كما تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي في أغسطس إلى أدنى مستوى منذ يونيو 2020 إلى 49.7 نقطة مقارنة بـ 49.8 نقطة في يوليو.
ويقول محللو إس آند بي جلوبال: "بيانات مؤشرات مديري المشتريات ترسم صورة قاتمة للاقتصاد الألماني خلال الربع الثالث، موضحة تعمق الهبوط في نشاط قطاع الأعمال الخاص،" "ويستمر الضعف في قطاع التصنيع، مع تباطؤ في القطاع الخدمي، مع تقارير توضح قيود على الطلب بسبب التضخم المرتفع، ومعدلات الفائدة المتزايدة."