Investing.com - قالت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" في تقرير صدر يوم الثلاثاء إن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين والسعودية سيعزز فكرة استخدام اليوان في شراء النفط، لكن الأمر سيستغرق مزيدًا الوقت قبل أن تصبح هذه التعاملات مربحة.
أدت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض في 2022، لأول مرة منذ ست سنوات لحضور القمة الأولى بين الصين والدول العربية وللمشاركة في القمة الصينية الخليجية، إلى تحريك مجموعة واسعة من الإجراءات لتحويل العلاقات السعودية الصينية من علاقات ترتكز على النفط إلى علاقات أشمل.
وأسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية سعودية صينية شاملة، كما تم على هامشها توقيع 34 اتفاقية بقيمة إجمالية 50 مليار دولار بين الجانبين، شملت مجالات السياحة، والترفيه، والتعدين، والطاقة المتجددة، وتنمية الأسواق المالية.
رؤية 2030
أشار تشارلز تشانغ، رئيس قسم الشركات في منطقة الصين الكبرى "إس آند بي"، إلى أن "رؤية السعودية 2030" للتحول الاقتصادي ستجعل العلاقات بين الصين والسعودية "مختلفة جداً عما شهدناه في الماضي" وستزيد من استخدام السعودية لليوان.
وأضاف تشانغ في مقابلة: "يشمل ذلك العديد من القطاعات، وتدفقات مالية أكبر بكثير في الاتجاهين، ومزيداً من الشركات".
وأكد أن "التوافق الاقتصادي والاستراتيجي في خطط التنمية" يمكن أن يعزز من مكانة اليوان في السعودية، رغم التوترات الجيوسياسية الواسعة.
وأشار مؤلفو التقرير إلى أن تضاعف تجارة الصين مع الشرق الأوسط ثلاث مرات خلال العقدين الماضيين يضيف إمكانيات لاستخدام أوسع لليوان بين دول الخليج.
وتروج الصين لليوان كعملة بديلة في التجارة الدولية وكعملة احتياطية للحفاظ على استقرار نشاطها المالي عبر الحدود في مواجهة مخاطر سعر الصرف وإمكانية منع الوصول إلى المؤسسات الأجنبية أو أنظمة الدفع الدولية.
وقد تضاعفت حصة اليوان في التجارة العالمية ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، من 4 في المائة إلى 13 في المائة، وفقاً لما ذكرته "إس آند بي".
وستمكن صفقات شراء النفط باليوان الصين من شراء الوقود دون تهديد من منافسها الجيوسياسي الرئيسي – الولايات المتحدة – التي يُستخدم دولارها كعملة احتياطية عالمية ويمتلك قدراً كبيراً من التأثير الاقتصادي.
ومع ذلك، قالت وكالة التصنيفات إن استخدام العملة الصينية – بما في ذلك لتسوية معاملات النفط كـ "بترويوان" بدلاً من "بترو دولار" – قد يكون محفوفاً بالمخاطر في الوقت الحالي.
عقبات أمام استخدام اليوان
حدد التقرير العقبة الأولى في أن اليوان لا يُستخدم على نطاق واسع في التجارة والتمويل الدوليين. وبناءً على ذلك، فإن تداول النفط باليوان سوف يفرض مخاطر إضافية على مصدري النفط، تتمثل في تدفقات ضخمة بالعملة الصينية. وفي ظل عدم وجود روافد لتصريفه، سوف تحتاج هذه الدول إلى تحويله إلى عملات أخرى، ما يعني تكبد تكاليف إضافية، علاوة على مواجهة مخاطر سعر الصرف.
ما يزيد الأمر تعقيداً، هو حقيقة أن العملة السعودية، شأنها شأن العملات الخليجية الأخرى، مرتبطة بالدولار الأميركي، وإذا ارتفعت قيمة الدولار مقابل اليوان، كما كان الحال خلال العام الماضي، فإن بيع النفط باليوان من شأنه أن يخفض من دخل السعودية بالعملة المحلية.
علاوة على ذلك، لم تضع بكين بعد خارطة طريق لحل قضايا مثل تحرير سعر العملة. وهو ما يترك درجة عالية من عدم اليقين بشأن القدرة على إدارة المخاطر المستقبلية المرتبطة بتبادل النفط باليوان، كما يعوق الاستخدام الأوسع للعملة في التبادل التجاري.
بدأت بعض الدول الشرق أوسطية بالفعل في التحول. فقد سمح العراق بتسوية تجارية باليوان مع الصين لأول مرة في فبراير 2023، وبعد شهر استخدمت الصين عملتها لشراء الغاز الطبيعي المسال المنتج في الإمارات العربية المتحدة.
وقال تشانغ من "إس آند بي" إن معظم دول الشرق الأوسط – خاصة دول الخليج – قد تتبع خطى السعودية في تبني اليوان بدرجة أكبر، ولكن على مدى عقود. وأضاف أن استخدام الدول المنتجة للنفط لليوان سيعتمد إلى حد كبير على مدى قدرتها على إنفاق العملة بفعالية مثل الرياض.
علاوة على ذلك، لم تضع بكين بعد خارطة طريق لحل قضايا مثل تحرير سعر العملة. وهو ما يترك درجة عالية من عدم اليقين بشأن القدرة على إدارة المخاطر المستقبلية المرتبطة بتبادل النفط باليوان، كما يعوق الاستخدام الأوسع للعملة في التبادل التجاري.