من ليلى بسام
دمشق (رويترز) - مثلما احترف رسم البسمة على الوجوه بأعماله الفنية على مدى أكثر من نصف قرن يحاول الممثل والمخرج دريد لحام اليوم رسم البسمة على وجوه أطفال سوريا في زمن الحرب الأهلية عارضا إحدى أغلى مقتنياته الفنية في مزاد خيري لصالح تدفئة أطفال بلده.
ويطرح الفنان السوري الذي اشتهر بتأدية شخصية (غوار الطوشة) السروال الذي أدى به هذه الشخصية سنوات طويلة للبيع في المزاد من أجل توفير الكسوة لأكثر من 300 سوري.
وقال دريد لحام (81 عاما) في مقابلة مع رويترز بمنزله "إذا هذا السروال استطاع أن يمنح الدفء لطفل سوري بردان هنا أصبح له قيمة."
وتحدى في تسجيل مصور نشر على صفحة حملة (دفانا محبتنا) على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي عدة شخصيات سورية للمشاركة في الحملة في مقدمتهم زوجته هالة بيطار وأبناؤه.
وقال في التسجيل المصور "أبحث عن فرصة لكي أستطيع أن أفعل شيئا ووجدت هذا الأمر بأن أقدم لهم السروال. يوجد كلمة جميلة أن من أحلى هبات الله للإنسان هو القدرة على ملامسة قلوب الاخرين. عندما نعطي أحدا كنزة نكون قد لمسنا قلبه وليس جسمه."
وسروال غوار الطوشة ليس قطعة قماش مر عليها الزمن بل هو أقرب إلى خزنة قصص مذهبة تطوي بين خيوطها زمنا من الاحتيال والمقالب ومن بدع تلفزيونية.
ومن غرفة جدته العتيقة داخل منزله في المزة في دمشق استخرج دريد لحام هذا الإرث لتحقيق الهدف الإنساني في لحظات من أصعب ما مرت به سوريا.
وداخل هذه الغرفة توجد مقتنيات يحفظها الفنان السوري المخضرم عن ظهر حب ويتمسك بأواصرها من الشام إلى مشغرة قرية والدته مريم الضاربة في عمق البقاع اللبناني وفي أعماق طفولته.
وقال لحام سفير النوايا الحسنة السابق لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) "هناك من قال لي إن سروالك تراث وتاريخ هل من المعقول أن تستغني عنه؟ قلت لهم إذا كنتم تريدون غوار خذوه. ما قيمته أمام طفل بردان؟ لا قيمة له. يصبح صفرا. قطعة قماش."
وأضاف "قد نسمع في الخارج عن ثياب توم جونز وألبسة ألفيس بريسلي... هم يهتمون بهذه المسائل عندنا لا يهتمون. في العالم العربي كله أين الأدوات أو الثياب التي كان يستعملها هذا العظيم أو هذا العظيم... يهيأ لي عندما يرحل الشخص يرحل معه كل تراثه."
وتعمل مجموعة المتطوعين المشاركين في حملة (دفانا محبتنا) على جمع ألبسة الشتاء وخصوصا للأطفال وتوزيعها على المحتاجين في المناطق الفقيرة.
ويقول رئيس المجموعة عصام حبال في منزله في دمشق حيث كانت بعض الفتيات يقمن بتصنيف الألبسة بين كبير وصغير ووضعها في أكياس إن "هذا العمل هو جزء من تقاليد المجتمع السوري الذي يظهر التفافا لمساعدةالمعوزين".
وتسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات في مقتل حوالي 200 ألف شخص ونزوح الملايين.