يطل أسبوع اقتصادي جديد على القارة العجوز التي لا تزال تعاني و تعاني من تداعيات ازمة الديون الأوروبية، و هذا الأسبوع سوف تعلن اقتصاديات منطقة اليورو عن بيانات النمو خلال الربع الثاني من العام الجاري و التي من المتوقع ان تشير لانكماش الاقتصاد الأوروبي وسط تفاقم أزمة الديون الأوروبية و الهشاشة الكبيرة في أداء القطاعات الاقتصادية، وسط تسلط الاضواء على منطقة اليورو سوف تقوم المملكة المتحدة بالإعلان عن بيانات التضخم و تقرير العمالة و محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني.
منطقة اليورو
سنبدأ مقالتنا ببيانات النمو في منطقة اليورو إذ من المقرر أن تعلن الاقتصاديات عن القراءة المتقدمة ( الأولى ) للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام الجاري، و تتزايد التوقعات بانكماش القراءة لتسجل في منطقة اليورو -0.2% مقارنة بالربع الأول عند 0.0% ، و في ألمانيا يتوقع تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد الأكبر في منطقة اليورو ليسجل 0.1% من الربع الأول بنمو بنسبة 0.5% ، و من فرنسا يتوقع ان ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% مقارنة بمستويات النمو الصفرية التي سجلت خلال الربع الأول .
الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو باتت سيئة جدا من جميع النواحي وسط تفاقم أزمة الديون السيادية و التي دفعت حتى الآن خمس بلدان اوروبية لطلب خطة مساعدة خارجية لكي تستطيع الوقوف على أقدامها من جديد، إذ تشهد المنطقة موجه من الهشاشة الكبيرة في أداء كافة الأنشطة الاقتصادية بعد أن قامت الحكومات الأوروبية بإقرار سياسات تقشفية صارمة لتخفيض العجز في الميزانية العامة و احتواء الازمة المتفاقمة و التي باتت تهدد مستقبل الانتعاش الاقتصادي العالمي .
أضف لذلك الانهيار الكبير جدا في مستويات الثقة في الاسواق المالية بعد ارتفاع العائد على السندات الأسبانية و الايطالية لمستويات قياسية مع التوقعات بطلب أسبانيا خطة إنقاذ شاملة بعد ان طلبت خطة لإعادة رسملة البنوك هي و قبرص .المعضلة الأساسية التي تواجه الاقتصاديات الأوروبية ارتفاع العائد على السندات الأوروبية خاصة الأسبانية و الايطالية للارتفاع لمستويات تاريخية جديدة نظراً لقتم النظرة المستقبلية لهذه الدول وسط ارتفاع دينها العام بشكل كبير إلى جانب تكاليف الاقتراض الباهظة التي تتكبدها كل منها، أضف إلى ذلك تعثر اقتصادياتها و وجودها ضمن دائرة الخطر .
أكد البنك المركزي الأوروبي خلال قرار الفائدة المرجعي الماضي بأنه على أتم الاستعداد للتدخل في أسواق السندات لاحتواء الارتفاع الكبير في العائد على السندات الأوروبية للبلدان التي تواجه صعوبات في الحصول على التمويل الكافي من أسواق السندات، إلا أن هذه الوعود لا تكفي الأسواق انها بحاجة لتحركات فورية .الاقتصاديات في منطقة اليورو تعيش مرحلة صعبة جدا، فمعدلات البطالة في المنطقة عند 11.2% خلال أيار الماضي بعد السياسات التقشفية الصارمة التي أقرتها الحكومات الأوروبية لمواجهة الارتفاع الكبير في الديون العامة، و الذي بات يهدد بقاء نظام العملة الموحدة و قدرة صناع القرار على احتواء الأزمة التي باتت بالنيران التي تأكل الهشيم .
عزيزي القارئ، أن جميع المعطيات الاقتصادية في منطقة اليورو حاليا تدعم التوقعات بوقوع منطقة اليورو بركود اقتصادي عميق ثاني خلال الثلاثة السنوات الماضية، إلا أن المخاوف بان تشير القراءات لانكماش بوتيرة أكبر من التوقعات سوف يصيب الأسواق بصدمة جديدة.
المملكة المتحد ة
يواصل الاقتصاد البريطاني تقديم الإشارات السلبية للأسواق المالية بوقوع البلاد في ركود اقتصادي عميق خلال الفترة القادمة، فبعد تقرير التضخم المحبط و المتشائم الذي تم فيه تخفيض التوقعات المستقبلية للنمو في المملكة المتحدة بوتيرة عميقة ، سيعلن الاقتصاد الملكي هذا الأسبوع عن بيانات التضخم و تقرير العمالة و محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي .
تخافت حدة الضغوط التضخمية التي تواجه المملكة المتحدة بعد انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ( الذي يعد المقياس الأول للتضخم ) في البلاد إلى مستويات 2.4% خلال حزيران و هذا الأسبوع يتوقع أن تنخفض لمستويات 2.3% قريبة من المستويات المقبولة للبنك المركزي البريطاني عند 2.0%.
أن استمرار انخفاض في معدلات التضخم البريطاني سمح للبنك المركزي بتوسيع برنامج شراء الأصول خلال تموز و سوف يسمح للبنك خلال الفترة القادمة بمزيد من التيسير النقدي ضمن المساعي لدعم وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة بعد وقوع البلاد في ركود اقتصادي عميق للربع الثالث على التوالي إذ سجلت القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي انكماش بنسبة 0.7%.
ضمن حديثنا عن قرار الفائدة البريطاني الماضي، يتوقع هذا الأسبوع أن يكشف لنا محضر اجتماع البنك عن ماهية التصويت أعضاء لجنة السياسة النقدية التي قررت في الثاني من الشهر الجاري إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% الأدنى منذ تأسيس البنك، كما أن البنك أبقى على برنامج شراء الأصول ثابتاً عند 375 مليار جنيه استرليني بعد أن قام بتوسيع البرنامج في اجتماعه السابق بخمسين مليار جنيه .
يتوقع أن يبقى جميع اعضاء اللجنة عند موقفهم الماضي، فقد صوت الأعضاء بالاجماع على ابقاء سعر الفائدة عند أدنى مستويات للبنك 0.50% في سبيل دعم الاقتصاد الملكي، و لكن اختلف الأعضاء على قرار توسيع البرنامج فقد كانت نتيجة التصويت عند 2-7 ، أي تصويت سبعة أعضاء هم محافظ البنك ميرفن كينج، تشارليز بين، باول فيشر، دايفد مايلز، أدام بوسين على توسيع برنامج شراء الأصول بخمسين مليار اضافية، في حين صوت كل من سبينسر دالي و بين برودبانت على الحفاظ على البرنامج دون توسيعه عند 325 مليار جنيه .عزيزي القارئ، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار و خاصة بعد تقرير التضخم البريطاني بأن يكون أعضاء اللجنة قد قاموا بتغيير وجهة نظرهم تجاه السياسة إذ من المحتمل ان يكون الاعضاء التسعة قد صوتوا بالإجماع لتثبيت برنامج شراء الأصول عند المستويات الجديدة 375 مليار جنيه .
أخيرا، سيعلن الاقتصاد الملكي عن تقرير الوظائف خلال الشهر الماضي و الذي من المتوقع ان يبقى مؤشر ILO لمعدل البطالة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في حزيران عند 8.1% مع ارتفاع اعداد طلبات الإعانة و هذا بعد أكبر تخفيضات في الإنفاق العام في الحرب العالمية الثانية و التي تضمنت تسريح أعداد من موظفين القطاع العام .