أسعار البنزين تشعل أزمة جديدة في الاقتصاد المقيد بالعقوبات الأمريكية
اندلعت الاحتجاجات في مدن متعددة بجميع أنحاء إيران، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل بعدما رفعت الحكومة أسعار البنزين بشكل غير متوقع.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن الاحتجاجات امتدت إلى العاصمة طهران. وقام سائقو السيارات بإغلاق الطرق السريعة والتقاطعات بسياراتهم، حتى وقت تساقط الثلوج بكثافة.
وكانت الحكومة الإيرانية، قررت في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، رفع أسعار البنزين بما يصل إلى ثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى تقنين وقود السيارات ، دون سابق إنذار.
أوضحت الوكالة الأمريكية، أن هذه الاحتجاجات تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسة الحاكمة في إيران، في الوقت الذى تكافح فيه لوقف التراجع الاقتصادي الناجم عن العقوبات الأمريكية.
يأتي ذلك فى الوقت الذي تتعرض فيه حكومة الرئيس حسن روحاني، إلى ضغوط هائلة، لتعويض تأثير الانخفاض الحاد في صادرات البترول وتجنب حدوث أزمة وطنية.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أن يتوسع العجز الحكومي الإيراني كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من 2.7 % العام الماضي إلى 4.5% فى 2019 ، و 5.1 % في عام 2020.
أوضح صندوق النقد، أن سعر البترول الذي تحتاجه إيران لتحقيق التوازن في ميزانيتها، سيرتفع بأكثر من الضعف خلال الفترة نفسها، إذ إن العقوبات الأمريكية تقيد مبيعات أهم صادرات البلاد.
وعقد المجلس الاقتصادي الأعلى الإيراني، يوم السبت الماضي، اجتماعًا طارئًا استجابة للغضب الشعبي من زيادة أسعار الوقود.
وقال نائب الرئيس علي يوسف نجاد، إن البرلمان الإيراني يخطط لمناقشة مشروع قانون لعكس الزيادة في الأسعار وإلغاء القرار بشكل فعال.
ولكن ليس من الواضح، ما إذا كانت الأصوات البرلمانية يمكن أن تلغي قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى.
وكانت آخر مرة قدمت فيها إيران تقنين دعم الوقود عام 2007 خلال فترة ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد، الثانية.
وتسبب القرار حينها في اندلاع احتجاجات بمحطات البنزين، وأضرم المتظاهرون النار في بعضها.. ولكن أنهت حكومة روحاني، هذه السياسة في عام 2015.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن إيران، هي أحدث دولة في الشرق الأوسط تشاهد غضبًا عامًا على قضايا الخبز والسلع الأخرى مثل نفقات المعيشة والتي تحولت في الأشهر الأخيرة إلى احتجاجات سياسية قوية.
وأجبر المتظاهرون ، القادة في لبنان والجزائر على الاستقالة، وأسقطوا النظام في السودان. وما زال مئات الأشخاص في العراق يلقون حتفهم منذ أن قامت قوات الأمن في بغداد بقمع الاحتجاجات التي دفعت الحكومة إلى حافة الانهيار.
وذكرت “بلومبرج” أن المسؤولين في ايران ، أدانوا المتظاهرين.
وقال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، للتلفزيون الحكومي إن المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق ووقفوا فى وجه قوات الأمن، لديهم بالتأكيد جذور خارج البلاد.. وشاهدنا في اليومين الماضيين أن مواقع التواصل تستخدم لمحاولة استفزاز الناس.
وبموجب التسعير الجديد ستحصل معظم سيارات الركاب على 60 لترًا من البنزين شهريًا بسعر 15 ألف ريال للتر. وسيتم تسعير أي مشتريات تزيد على هذه الكمية بقيمة 30 ألف ريال للتر.
وسيتم تخصيص وقود أكبر لسيارات الأجرة والحافلات والشاحنات، إذ تم تحديد أسعار البنزين لها عند 10 آلاف ريال للتر.
وقال المسؤولون إن الزيادة ضرورية لجمع الأموال، لصالح برنامج الدولة للرعاية الاجتماعية الذي يدعم 18 مليون أسرة.
ومع ذلك ، أثار الإعلان المفاجئ انتقادات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأصدرت الحكومة العراقية، قرارًا بإغلاق اثنين من أكبر المعابر الحدودية أمام المسافرين.. لكن ليس أمام البضائع على طول الحدود الجنوبية مع إيران.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يعاني فيه الاقتصاد الإيراني من ضائقة شديدة ، إذ من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9% العام الحالي وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وكان الهدف من الزيادة في أسعار الوقود، هو توفير مزيد من الدخل للحكومة لشراء السلع الأساسية والأدوية ، ودفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والعمال والمتقاعدين.
لكن الإيرانيين يخشون من أن هذا القرار قد يعرضهم لمزيد من الضغط فى وقت يتجاوز فيه معدل التضخم نسبة 40%.
وجاءت الزيادة في التكاليف، بعد أن نفى وزير البترول بيجان نمدار زنغانة، في وقت سابق ، أنه سيكون هناك أي تغيير في السياسة التسعيرية.
وحذر منتظري، من أن أي تعطيل للنظام العام، مثل إيقاف السيارات في الشوارع أو الهجمات على ممتلكات الدولة، يعد جريمة يحاسب عليها القانون.