من إيهاب فاروق
القاهرة (رويترز) - اتخذ القائمون على إدارة البلاد في مصر قرارات وصفها محللون بأنها غير مسبوقة لدعم وتحفيز الاستثمار من أجل إنعاش الاقتصاد الواهن وذلك عبر إعفاءات ضريبية وطرح أراض بأسعار مغرية وسرعة فض منازعات الاستثمار.
وقال شريف سامي رئيس الرقابة المالية في مصر "القرارات بالتأكيد جريئة وإيجابية جدا وتتعامل مع عدة مشكلات قائمة أو ملفات مطلوب تنشيطها. وبعض تلك القرارات يحتاج لتعديل تشريعي لإمكان تفعيلها."
وشملت القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للاستثمار ليل الثلاثاء في أول اجتماع له تخصيص الأراضي الصناعية المزودة بمرافق في الصعيد مجانا وفقا لضوابط تضعها هيئة التنمية الصناعية بجانب تمديد العمل بقرار تجميد ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة ثلاث سنوات أخرى حتى مايو أيار 2020 وزيادة عدد الشركات المتوقع طرح حصص منها تصل إلى 24 بالمئة في سوق المال.
ووصف محمد عمران رئيس البورصة المصرية القرارات بأنها "مفاجأة سارة" لسوق المال ورأى أنها ستساعد في جذب مستثمرين جدد ونجاح الطروحات المقبلة.
وقال هاني جنينة من بلتون المالية "الهدف من القرارات مالي أكثر منه لتشجيع الاستثمار. القرارات بها تضحية بالحصيلة المتكررة من خلال الضرائب مثلا على عدد من الأنشطة من أجل الحصول على عائد أكبر وأسرع في الأمد القصير من خلال بيع أراض سواء في الصعيد أو العاصمة الإدارية."
واعتبر جنينة أن القرارات تستهدف أيضا تمويل عجز الموازنة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على السندات وإلغاء بعض عطاءات أذون الخزانة في الاونة الأخيرة.
وقال إن التحرك الأخير للدولة "يشجع حائزي الدولار من المضاربين على فكه والاتجاه لشراء الأراضي ولذا كانت قرارات خصم 25 بالمئة من أسعار الأراضي لمدة 3 شهور في أكثر من مكان."
وقرر المجلس الأعلى للاستثمار الليلة الماضية طرح أراض في العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة في شرق بورسعيد والعلمين والجلالة والاسماعيلية الجديدة بخصم 25 بالمئة عن التسعير المحدد لمدة 3 أشهر من تاريخ الطرح.
ويواجه الاقتصاد المصري صعوبات في ظل تباطؤ النمو بعد ما يزيد عن خمس سنوات منذ انتفاضة يناير كانون الثاني 2011.
كما يعاني الاقتصاد من أزمة في العملة الصعبة تفاقمت بفعل تقويم الجنيه بأعلى من قيمته الحقيقية حسبما يرى كثير من الاقتصاديين.
وقال هاني توفيق عضو لجنة إدارة أصول الدولة "القرارات مفاجئة وتؤكد أن المجلس ينوي التعامل بجدية مع مشكلات الاستثمار في مصر. لكني كنت أفضل في جزئية الإعفاءات الضريبية أن تكون مرتبطة بالتشغيل وليس بالمكان الجغرافي."
إلا أن توفيق أضاف "لم يقل لنا أحد ما أثر تلك الإعفاءات الضريبية على الموازنة."
ومن ضمن قرارات المجلس الأعلى للاستثمار الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضي الزراعية التي تنتج محاصيل رئيسية وأيضا إعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج.
وقال محسن عادل من بايونيرز المالية إن القرارات "خطوة جيدة وتحتاج إلى تدعيمها الآن للاسراع بتقديم القوانين المرتبطة بها إلى مجلس النواب وهي قانون الاستثمار الجديد وقانون التراخيص الصناعية وقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الجديد وقانون الافلاس."
ووافق المجلس الأعلى للاستثمار على التصالح الضريبي بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي ليس لها ملفات ضريبية حتى يكون لدى تلك الشركات سجل ضريبي يسمح لها بالاستفادة من مبادرة البنك المركزي للتمويل بفائدة خمسة بالمئة.
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرح مبادرة في يناير كانون الثاني الماضي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 200 مليار جنيه على 4 سنوات.
وقال توفيق "القرارات ستشجع المستثمرين المحليين والأجانب. القرارات في صالح العملة المحلية وتخفيض الطلب على العملة الأجنبية."
وتتصاعد الضغوط على البنك المركزي المصري من أجل تخفيض قيمة العملة في الوقت الذي تصارع فيه مصر من أجل إنعاش الاقتصاد الذي تضرر من اضطرابات سياسية وأمنية أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران مهمان للعملة الصعبة.
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه بينما يبلغ السعر للجمهور في البنوك 8.88 جنيه.
وجرى تداول الدولار في السوق الموازية يوم الأربعاء بأسعار بين 16.50 و 17 جنيها مقارنة مع 18 و18.20 جنيه في بداية الأسبوع الجاري وفقا لمتعاملين.
وقالت ريهام الدسوقي من أرقام كابيتال "القرارات خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح وتستلزم استكمالها بخطوات العملة وإعادة هيكلة الدعم. لا شيء سيشجع الاستثمار بدون حل أزمة العملة."
(تغطية صحفية إيهاب فاروق - تحرير نادية الجويلي - هاتف 0020223948031)