كمبالا (مؤسسة تومسون رويترز) - داخل ثاني أكبر مستشفى يغص بالمرضى في أوغندا تذرع لاجئة صومالية بحذر جناح الولادة جيئة وذهابا لتخفيف آلام المخاض فيما تمر خلال سيرها الوئيد بامرأة من الكونجو تستلقي على سريرها بعد عملية جراحية قيصرية.
وقالت ايثر كابومو من جمهورية الكونجو الديمقراطية "أنا سعيدة لانهم استضافوني هنا. إنهم يساعدون الجميع حتى لو كنت لاجئا وحتى لو لم يكن لديك مال فانها ليست مشكلة".
وفي قارة تشتهر بسوء الرعاية الصحية وبارتفاع معدلات وفيات الاطفال يعد هذا المستشفى الاوغندي استثناء.
وقالت المؤسسة الخيرية (انقذوا الاطفال) إن وفيات الاطفال تراجعت بسرعة تفوق أي مدينة افريقية بين عامي 2006 و2011 على الرغم من تدفق اعداد هائلة من اللاجئين اليها من دول مجاورة تمزقها الحروب.
وخلال السنوات الخمس المنتهية في عام 2011 تراجعت وفيات الأطفال في هذا البلد الواقع في شرق افريقيا الى 65 طفلا لكل ألف طفل يولد حيا من 94 طفلا لكل ألف طفل.
ونجحت أوغندا في خفض معدلات وفيات الأطفال بنسبة 4.3 في المئة سنويا بين عامي 1990 و2013 وهو ما يقل قليلا عن نسبة خفض 4.4 في المئة سنويا لتحقيق هدف الألفية التنموي والخاص بخفض عدد الوفيات للأطفال دون خمس سنوات من العمر.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن جارتي اوغندا وهما رواندا وتنزانيا من بين 12 دولة افريقية تسير على الطريق لتحقيق هذا الهدف.
وقالت كارولين مايلز الرئيس التنفيذي للفرع الامريكي من المؤسسة الخيرية (انقذوا الاطفال) التي تركز على صحة سكان الحضر في تقريرها لحالة الأمهات في العالم عام 2015 "كمبالا تمثل قصة نجاح حقيقية".
وقالت المؤسسة الخيرية (انقذوا الاطفال) إن مركز كيزيني الصحي الذي يباشر 600 عملية ولادة شهريا يقف شاهدا على مدى التحول الذي شهدته اوغندا من خلال استثمار مزيد من الأموال في المنظومة الصحية لتيسير استفادة الفقراء منها.
وقالت المؤسسة الخيرية إن توعية النساء بمدى أهمية اللجوء الى الرعاية الطبية في حالات الحمل والولادة والاطفال حديثي الولادة ساعد في انقاذ حياة الامهات والاطفال على حد سواء.
والرعاية الصحية مجانية في اوغندا منذ عام 2001 وتوضح الملصقات الموضوعة على جدران مركز كيزيني للمرضى عدة أرقام للهواتف للاتصال بها في حالة إذا ما طلب العاملون في الخدمات الصحية مقابلا نظير الخدمات المجانية.
وقالت تريسي نيما تونوموجيزا وعمرها 27 عاما التي شخصت حالة وليدها البالغ من العمر ثلاثة ايام فقط بانها الصفراء حيث نقل الى غرفة حديثي الولادة "من الخطورة بمكان للأم ألا تجد لديها أموالا فيما يتعين عليها دفع الفواتير".
وراقبت طفلها اثناء نومه وعلى وجهه قناع لوقاية عينيه من الأشعة فوق البنفسجية في الحضانة وقالت "دونما مال يمكن ان تموت".
وعزز نجاح اوغندا جهود حكومية دؤوب لتشجيع المواطنين على الاستفادة من الخدمات الصحية وذلك عبر الكنائس والمساجد والاذاعة والزيارات الميدانية الى البيوت التي يقوم بها العاملون في مجال الصحة.
وزادت أعداد النسوة اللائي يلدن في المنشآت الصحية وهو أمر مهم بالنسبة الى صحة الأم والطفل على السواء وارتفعت هذه النسبة من 41 الى 57 في المئة بين عامي 2006 الى 2011.
وفي موقف للحافلات يغص بالناس بوسط العاصمة الاوغندية كمبالا استخدم العاملون في مجال الصحة مكبرات الصوت لحث الناس على التوجه الى المراكز الصحية لإجراء الاختبارات الخاصة بالايدز.
وقالت دورين باكيها وهي استشارية صحية تعرض للناس كيفية استخدام العوازل الطبية وسط الضحكات المجلجلة "كثير من الناس لا وقت لديهم للاستفادة بالخدمات الطبية لذا فاننا نحاول نقل الخدمات اليهم".
أما النسوة اللائي وقفن في طوابير لأخذ عينات دم منهن فقد تلقين تشجيعا لمراجعة العيادات الطبية القريبة المخصصة لاغراض تنظيم الاسرة وخدمات رعاية الحوامل والتطعيم.
* الفقراء في المناطق العمرانية
وقالت المؤسسة الخيرية (انقذوا الاطفال) إن وفيات الاطفال دون الخامسة بين فقراء المناطق الحضرية في اوغندا انخفضت بنسبة 29 في المئة بين عامي 1995 و2006 بالمقارنة بنسبة انخفاض وصلت الى اثنين في المئة بين اطفال الاسر الغنية في المناطق العمرانية.
ونتيجة لذلك فان اطفال المناطق الحضرية الفقراء في اوغندا من المرجح الآن وفاتهم بواقع الضعف عن اطفال الاسر الغنية بالمقارنة باحتمالات وصلت الى ثلاث مرات عام 1995 .
واليوم يعيش 54 في المئة من سكان العالم في مناطق عمرانية ومن المتوقع بلوغ هذه النسبة 66 في المئة بحلول عام 2050 .
وفيما تشير الاحصاءات بوجه عام الى ان من يعيشون في المدن يتمتعون بصحة أفضل ممن يعيشون في المناطق الريفية إلا ان هذه البيانات تخفي في طياتها هوة واسعة بين الاغنياء والفقراء.
وقالت مايلز "في 60 في المئة من الدول النامية التي شملتها دراساتنا المسحية يكون اطفال المدن الذين يعيشون في فاقة أكثر عرضة للوفاة عمن هم في المناطق الريفية".
وتوصلت المؤسسة الخيرية (انقذوا الاطفال) في 50 مدينة الى ان الاطفال الفقراء دون الخامسة من العمر الذين يعيشون في المناطق الحضرية تبلغ احتمالات وفاتهم الى الضعف بالنسبة الى اطفال الأسر الغنية. أما في كمبوديا ورواندا فان هذه الفجوة تصل الى خمسة أمثال.
وغالبا ما يسقط الأطفال الصغار الذين يعانون من سوء التغذية ممن يعيشون في أحياء شعبية فقيرة فريسة للاسهال والالتهاب الرئوي والملاريا وهي الامراض التي قد تجهز عليهم ما لم يتلقوا العلاج الملائم.
وقالت مايلز إنه في حين تراجعت الى النصف تقريبا وفيات الاطفال دون الخامسة من العمر على مستوى العالم منذ عام 1990 من 90 طفلا لكل ألف طفل يولد حيا الى 46 طفلا لكل ألف طفل يتعين ان ينصب التركيز الآن بصورة جلية على المناطق العمرانية الفقيرة.
وأضافت "اذا كنا بصدد القضاء على الأمراض التي يمكن الوقاية منها فعلينا ان ننظر الى من هم أكثر حرمانا".