القاهرة (رويترز) - رغم إغراء فن الرواية لأغلب كتاب السرد في العالم العربي وخصوصا من بدأوا حياتهم كتابا للقصة القصيرة ظل الكاتب المصري سعيد الكفراوي مخلصا للقصة منذ نحو 50 عاما توجت يوم الخميس باحتفال يعيد الاعتبار لفن ينصرف عنه كتابه.
والكفراوي الذي بدأ نشر قصصه في منتصف الستينيات صدرت أولى مجموعاته القصصية (مدينة الموت الجميل) قبل أكثر من 30 عاما وأصدر بعدها إحدى عشرة مجموعة قصصية.
ويعنى الكفراوي في قصصه بالقبض على الذاكرة واستدعاء الزمن البعيد وإلقاء أضواء على تفاصيل لا تكاد الأجيال الجديدة تعرف عنها شيئا حتى أنه كتب في مدخل مجموعته الأولى "مقدر علي أن آتي بالماضي وأثبته على صفحات هذه الحكايا.. هل هو الصوت الذي يأتي من الآماد البعيدة عبر الحلم وكهف الذاكرة؟".
ويتفق مع الكاتب والشاعر الجواتيمالي ميجل أنخل أستورياس (1899-1974) في قوله "من يجعل -وهو يرحل أو يموت- أهله يذكرونه ويستمرون على الإحساس بأنه يعيش معهم لا يكون قد رحل نهائيا. لا يكون مات تماما."
واحتفى مثقفون مصريون مساء الخميس بالكفراوي في حفل توقيع نظمته (لدار المصرية اللبنانية) بالقاهرة بمناسبة إصدارها ست مجموعات قصصية للكاتب في مجلد فخم عنوانه (زبيدة والوحش) يقع في 552 صفحة كبيرة القطع.
والقصص مصحوبة برسوم للفنان التشكيلي المصري عمرو الكفراوي الذي يقدم تجربة بصرية موازية للنص وقال إنه استلهم الرسوم "من عالم القصص التي تعنى بالحكايات الشعبية."
ويضم المجلد مجموعات (مدينة الموت الجميل) و(ستر العورة) و(سدرة المنتهى) و(مجرى العيون) و(بيت للعابرين) و(دوائر من حنين).
وحضر الحفل روائيون منهم محمد المنسي قنديل ومكاوي سعيد وإبراهيم عبد المجيد الذي قال إن الكفراوي يعيد لفن القصة "مجده القديم حين كان أكثر إغراء للكتاب" قبل أن يتجه الكثير منهم إلى كتابة الرواية بعد إطلاق مصطلحات منها "زمن الرواية" فضلا عن تخصيص جوائز مغرية ماديا للرواية دون القصة القصيرة.
وقال الكفراوي لرويترز إن ما كتبه من مجموعات قصصية حظي باهتمام نقاد ومبدعين عرب منهم إدوار الخراط وشكري عياد ومحمد عفيفي مطر وصنع الله إبراهيم وصبحي حديدي ومحمد برادة وإنه سيظل يكتب القصة القصيرة "وهي فن عصي وممتع".
وأضاف أن لديه قيد النشر نصا قصصيا طويلا عنوانه (قمر في حجر الغلام) عكف سنوات على كتابته.
وقال الشاعر المصري عزمي عبد الوهاب لرويترز إن الكفراوي "حارس القصة القصيرة التي تناهبتها الآن فنون أخرى ووقف المشيعون في جنازتها يعلنون موتها لأنها الفن الأصعب مقارنة بالرواية... هو الأكثر إخلاصا لهذا الفن وأدواته تساعده في ذلك وتمنحه خصوصية.. وعلى الشعراء أن يتعلموا من لغة وحالات الكفراوي القصصية ففي بنائه لا تجد لديه مفردة ناتئة عن السياق."
وأضاف أن الكفراوي "حكاء يستمد حكاياته من الخرافة الشعبية في الريف. هو الطفل الذي لا يزال يكتب القصة بعيني البراءة والدهشة ويعتصر الجملة حتى تصفو وتتخلص من الثرثرة لنقف أمام حالة من التكثيف يسعى إليها الشعراء ويقدمها لنا الكفراوي دون جهد" حتى صارت من أبرز سماته الأسلوبية.