من مايكل هولدن
لندن (رويترز) - أشارت استطلاعات الرأي يوم الثلاثاء إلى تنامي التأييد بين البريطانيين للبقاء في الاتحاد الأوروبي لكن نتيجة التصويت في الاستفتاء الذي يجري يوم الخميس وسيكون له آثار بعيدة المدى على بريطانيا وأوروبا مازالت غير محسومة.
ويدلي البريطانيون يوم الخميس بأصواتهم لتقرير ما إذا كانت بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته 28 دولة وسط تحذيرات من جانب قيادات عالمية ومستثمرين وشركات أن قرار الخروج سيقلص نفوذ بريطانيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي وسيتسبب في اضطرابات في الأسواق سيكون لها تأثيرات في مختلف أنحاء العالم الغربي.
وفي الوقت الذي يسعى فيه كل معسكر للاستفادة مما لديه من أوراق أطلقت حملة "بريطانيا أقوى في أوروبا" المؤيدة لبقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي ملصقا جديدا يصور بابا يؤدي إلى فراغ مظلم مع شعار يقول "اخرجوا ولا رجوع".
وأضاف قائد فريق انجلترا السابق لكرة القدم ديفيد بيكام وهو من الشخصيات التي تحظى بشعبية كبيرة صوته يوم الثلاثاء إلى قائمة أنصار معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي. وقال "من أجل أولادنا وأولادهم يجب أن نواجه مشاكل العالم معا لا وحدنا."
من ناحية أخرى صعد أنصار معسكر الخروج تركيزهم على الهجرة التي يقولون إنها غير محكومة وقالوا إنه تم تحذير رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قبل أربع سنوات من أن هدفه بتقليل أعداد الوافدين الجدد مستحيل التنفيذ بسبب قواعد الاتحاد الأوروبي.
وفي حالة خروج بريطانيا سيفقد الاتحاد الأوروبي الذي هزته خلافات على مسألة الهجرة ومستقبل منطقة اليورو ثاني أكبر اقتصاد فيه وأحد أكبر قوتين عسكريتين فيه وكذلك أغنى مركز مالي.
وكتب الملياردير جورج سوروس الذي راهن على تراجع الجنيه الإسترليني عام 1992 مقالا في صحيفة الجارديان قال فيه إن التصويت بالخروج سيؤدي إلى انخفاض أكبر وأخطر في قيمة العملة من الانخفاض الذي شهدته عقب الأربعاء الأسود الذي أرغمت فيه ضغوط السوق بريطانيا على سحب عملتها من آلية ضبط أسعار الصرف الأوروبية.
وارتفع الجنيه الإسترليني في الأيام الأخيرة بفضل استطلاعات أكثر ايجابية للرأي تشير إلى ميل الناخبين لمعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي لكن حتى أنصاره أنفسهم قالوا إن النتيجة غير محسومة.
وقال جريج هاندز وزير الدولة بوزارة المالية للمستثمرين في مؤتمر يوم الثلاثاء "تحسنت الأمور لمعسكر ‘البقاء‘ في الأيام القليلة الماضية لكن من الممكن أن تكون النتيجة متقاربة ... ثقتي زادت عن الأيام القليلة الماضية."
وأوضح استطلاع للرأي أجرته أو.آر.بي لصحيفة ديلي تلجراف ونشر يوم الثلاثاء أن التأييد لمعسكر البقاء بلغ 53 في المئة بزيادة خمس نقاط مئوية في حين تراجع معسكر الخروج ثلاث نقاط إلى 46 في المئة.
وقال لينتون كروسبي خبير الاستراتيجية السياسية الذي كان يقدم المشورة لحزب المحافظين الحاكم في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2015 إن معسكر الخروج "فشل في سحق الانطباع المنتشر أن هذا هو أكثر خيار ينطوي على مخاطرة بين الاثنين."
كما نشر مركز الأبحاث الاجتماعية نات سن استطلاعا توصل إلى أن 53 في المئة يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي مقابل 47 في المئة يؤيدون الخروج وذلك باستخدام أسلوب أخذ في الاعتبار توصيات تحقيق رسمي في الأسباب التي أدت إلى خطأ استطلاعات الرأي في انتخابات العام الماضي وذلك رغم أن الاستطلاع أجري في الفترة من 16 مايو أيار إلى 12 يونيو حزيران.
ومع ذلك أظهر استطلاع إلكتروني أجرته يو جوف لحساب صحيفة التايمز أن معسكر الخروج تقدم نقطة مئوية بنسبة تأييد تبلغ 44 في المئة مقابل 42 في المئة لمعسكر البقاء الذي تراجع نقطتين.
وعلقت حملات المعسكرين لمدة ثلاثة أيام بعد مقتل النائبة جو كوكس المؤيدة للاتحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي.
ومن المتوقع أن يكون حجم الإقبال على التصويت عاملا حاسما للنتيجة إذ وجد استطلاع أو.آر.بي أن أنصار معسكر البقاء يزدادون اقتناعا بأهمية التصويت بعد أن كانوا يقفون موقف اللامبالاة.
وقبل مقتل كوكس كانت استطلاعات الرأي تشهد تحولا لصالح معسكر الخروج وعززت المؤشرات إلى احتمال فوز معسكر البقاء الجنيه الإسترليني والأسهم.
فقد قفز مؤشر فايننشال تايمز 100 ثلاثة في المئة يوم الاثنين بينما سجل الجنيه الإسترليني يوم الثلاثاء أعلى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع أمام الدولار.
ويبدو أن الرسالة التي يرددها أنصار الخروج أن عضوية الاتحاد الأوروبي منحت بروكسل القيادة السياسية وأدت إلى هجرة بلا ضوابط قد مست وترا حساسا لدى كثير من البريطانيين.
وبرزت تلك القضية مرة أخرى يوم الثلاثاء عندما قال ستيف هيلتون وهو من المساعدين المقربين السابقين لكاميرون إن موظفين عموميين قالوا لرئيس الوزراء قبل أربع سنوات أن هدفه بالحد من الهجرة لتقتصر على عشرات الآلاف فقط غير قابل للانجاز.
وقال هيلتون الذي يؤيد الخروج من الاتحاد الأوروبي في صحيفة ديلي ميل "قيل لنا مباشرة وصراحة أن من المستحيل أن تفي الحكومة بهدفها فيما يتعلق بالهجرة ما دمنا أعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي يصر بالطبع على حرية انتقال الناس داخله."
أما الراغبين في البقاء في الاتحاد الأوروبي ومنهم كاميرون فقد ركزوا على ما يصفونه بالمزايا الاقتصادية للعضوية في الاتحاد ومخاطر الخروج.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية -تحرير ليليان وجدي)