من لمين شيخي
الجزائر (رويترز) - عمد الجيش الجزائري إلى تحويل تركيزه من محاربة الإسلاميين المتشددين في البلاد إلى التصدي لعمليات التهريب التي تغذيهم بما يحتاجون إليه عبر الحدود الجنوبية وذلك خوفا من آثار الفوضى المسلحة التي تضرب أطنابها في ليبيا وتجدد الصراع في مالي.
ويقول الجيش الجزائري إنه ألقى القبض منذ الشهر الماضي على أكثر من 650 شخصا يشتبه أنهم يعملون بالتهريب على الحدود مع ليبيا ومالي والنيجر في حملة لتشديد الرقابة على منطقة الحدود الصحراوية القفر التي تربطها بمنطقة الساحل في الجنوب.
وقال المحلل والكاتب أنيس رحماني إن الجيش الجزائري يدرك أن محاربة الإرهاب في الساحل غير مجدية إذا لم تشمل محاربة المهربين.
وتمكنت الجزائر وهي من الدول الرئيسية المصدرة للنفط والغاز من القضاء على تمرد المتشددين الاسلاميين بعد سقوط الالاف من القتلى في التسعينات وأصبحت من حلفاء الولايات المتحدة في محاربة الفصائل المسلحة في منطقة الساحل.
وأصبحت هجمات المتشددين في الجزائر الآن نادرة بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عشر سنوات أو أكثر لكن يبدو أن السلطات تتخذ احتياطات اضافية لمنع امتداد الاضطرابات المتزايدة في الدول المجاورة إليها.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى إذ تتنافس فيها حكومتان ومجموعة من الفصائل المسلحة على السيطرة على البلاد منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 وأثارت هذه الفوضى اهتمام الجزائر وغيرها من دول شمال أفريقيا بالمناطق الحدودية النائية المترامية الأطراف.
وأثارت عودة الاشتباكات في شمال مالي حيث يضعف نفوذ الدولة وينشط انفصاليون وفصائل اسلامية قلق جيران باماكو منذ انسحاب القوات الفرنسية في العام الماضي بعد عملية لطرد المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة.
وأرسلت الجزائر الاف الجنود إلى الجنوب منذ أغلقت حدودها التي يتجاوز طولها ستة الاف كيلومتر مع موريتانيا ومالي والنيجر وليبيا في مايو ايار عام 2014.
لكنها صعدت عملياتها الجنوبية في الأشهر الأخيرة وعززت التعاون مع تونس على حدودها الشرقية حيث يعمل المتشددون في الجبال الحدودية.
وقال مصدر أمني جزائري إن العمليات الجنوبية تركزت في جانب منها فيما يبدو على كسر شبكات التهريب التي يديرها المتشدد الجزائري المعروف مختار بلمختار الذي يتزعم تحالفا للمقاتلين الاسلاميين يتعامل في تهريب البضائع.
وكان بلمختار استخدم جنوب ليبيا كنقطة انطلاق لتنفيذ هجوم على محطة إن اميناس الجزائرية للغاز في عام 2012 احتجز خلاله المسلحون العاملين الأجانب وبدأوا حصارا اسفر عن سقوط 40 من الأسرى قتلى.
وقال المصدر الأمني إن بعض المهربين الذين سقطوا في قبضة رجال الأمن في الآونة الأخيرة كانوا مسلحين ببنادق كلاشنيكوف بينما كان آخرون يعملون كأفراد استطلاع تسللوا عبر الحدود الليبية لحساب فصائل مسلحة.
كما اكتشف الجيش مخابيء للسلاح قرب الحدود مع ليبيا كان آخرها في ابريل نيسان عبارة عن مدفعي مورتر وقاذفي صواريخ و45 صاروخا و225 كيلوجراما من المتفجرات والألغام حسب ما أعلنته وزارة الدفاع.
* أسلحة وبنزين وطعام .. ومهاجرون
ومن المواد التي يتم تهريبها أسلحة وبنزين ومواد غذائية مما تدعمه الحكومة الجزائرية.
لكن تهريب المهاجرين يمثل تجارة مربحة على وجه الخصوص يستفيد منها المتشددون من القادمين من دول جنوبي الصحراء الافريقية والسوريين الذين يحاولون التسلل عبر الحدود مع ليبيا من أجل القيام برحلة بحرية محفوفة بالمخاطر من الساحل الليبي على البحر المتوسط إلى أوروبا.
وفي وقت سابق من الصيف الماضي ألقت قوات الأمن الجزائرية القبض على 200 سوري بالقرب من الحدود مع ليبيا وهم يحاولون الوصول إلى ايطاليا بمساعدة اسلاميين ليبيين وعدوهم بتهريبهم إلى ايطاليا في قارب.
ورغم أن الجماعتين المسلحتين الرئيسيتين اللتين مازالتا تنشطان في الجزائر - وهما تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي والفرع المحلي من تنظيم الدولة الاسلامية المسمى جند الخلافة - تعملان في مناطق نائية في شمال البلاد فقد تزايد قلق الجيش إزاء التهديدات التي تواجهها الحدود الجنوبية.
وقال جيف بورتر الخبير في شؤون شمال أفريقيا بمركز مكافحة الارهاب في وست بوينت بالولايات المتحدة "الجزائر هي البلد الوحيد في المنطقة الذي يمتلك القدرة على مراقبة حدوده بفاعلية."
وأضاف "حتى مع وجود قوات أجنبية في شمال مالي لا يمكن لباماكو أن تفرض الأمن على امتداد الحدود مع الجزائر ولن تفعل ذلك. وبالمثل فإن ليبيا دولة فاشلة ليس لها أي اهتمام بالأمن الحدودي."