من كريستينا تان
بودابست (رويترز) - ينتظر أحمد وهو رجل سوري وزوجته مع مئات من المهاجرين في محطة للسكك الحديدية بوسط العاصمة المجرية بودابست يحدوهما أمل العثور على مهرب يساعدهما في دخول ألمانيا .. المحطة الأخيرة في رحلة مضنية محفوفة بالمخاطر.
غادر المدرس البالغ من العمر 27 عاما بلدة أريحا في شمال سوريا هربا من الحرب لكنه يقول إن لحظات عصيبة مرت عليه خلال الرحلة التي استمرت عشرة أيام قطعها سيرا على الأقدام ثم في قارب مطاطي وأخيرا في قطار حيث واجه مخاطر جمة جعلته يتمنى لو لم يغادر بلاده.
وأضاف "كانت رحلة .. من الموت إلى الموت لأننا كنا نمر عبر الغابات والبحار والمافيا والمهربين وما هو أكثر من ذلك."
وصل أحمد وزوجته إلى محطة السكك الحديدية في وقت مبكر يوم الجمعة بعد عبور الحدود زحفا تحت سياج من الأسلاك الشائكة أقامته المجر على طول حدودها الجنوبية مع صربيا.
وفي منطقة مفتوحة أمام محطة القطار تحاول الأسر التي لديها أطفال رضع وصغار الحصول على قسط من الراحة حيث ينامون على ما لديهم من أغطية في خيام بدائية.
وعلى مقربة يلعب الأطفال الكرة الطائرة غير مدركين لما يجري حولهم من مراسم صامتة على الدرج المؤدي إلى محطة القطار لتأبين 71 مهاجرا لاقوا حتفهم على متن شاحنة مهربين عثر عليها قرب فيينا يوم الخميس. ووضع مجريون وبعض اللاجئين الشموع والأزهار على الدرج مع ورقة كتبوا عليها "أوروبا.. يداكي ملطخة بالدماء".
ويحاول مئات الالاف من المهاجرين الوصول إلى الاتحاد الأوروبي هربا من العنف والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا. وضبطت الشرطة المجرية 140 ألف مهاجر على الحدود الصربية حتى الآن هذا العام.
الطريق إلى أوروبا محفوف بالمخاطر. ومن المعتقد أن أكثر من 2600 مهاجر غرقوا بالفعل هذا العام وهم يحاولون عبور البحر المتوسط. وحتى داخل الاتحاد الأوروبي فإن المحطة الأخيرة لمهاجرين مثل أحمد عن طريق شبكة من المهربين تنطوي ايضا على مخاطر.
ولا يعرف أحمد كم سيستغرق من الوقت للعثور على سيارة أو شاحنة إلى ألمانيا من أجل رحلة ستكلفه هو وزوجته نحو 500 يورو لكل منهما. ويقول إنه لو كانت الرحلة إلى فيينا فإنها ستتكلف نحو 350 يورو.
وأضاف "لو عثرت على مهرب فإنني سأذهب معه. لا يهمني شئ. لا مشكلة. هذا أفضل من الجلوس هنا."
وتابع "بعض أصدقائي في ألمانيا سيرسلون لي بعض الأرقام على برنامج واتس آب. كل الاتصالات هنا تتم عن طريق واتس آب... لا نعلم إلى أين سيأخذنا (المهرب)."
واعتقلت الشرطة المجرية قرابة 800 شخص هذا العام حتى الآن فيما يتصل بتهريب البشر.
*المهربون والمافيا
سار أحمد وزوجته لأكثر من 12 ساعة طوال الليل من سوريا إلى تركيا قبل أن يتمكنا من ركوب زورق مطاطي للمهربين على متنه 40 أو 50 شخصا آخرين في طريقهم إلى جزيرة ساموس اليونانية.
وحالفهما الحظ لأن البحر كان هادئا. وقال إن الرحلة تكلفت نحو 1200 دولار لكل شخص.
وقال "رحلتنا على المركب كانت حوالي ساعتين من التوتر والخوف الشديدين."
وأمضيا يومين هناك في مخيم قبل أن يركبا قاربا إلى آثينا.
وشعرا بالارتياح للوصول إلى مقدونيا بعد نهاية الاشتباكات العنيفة بين المهاجرين والشرطة التي حاولت أن تمنع آلاف الأشخاص من الدخول عبر حدودها للوصول إلى صربيا.
وقال "لم يكن هناك عنف لأنهم كانوا أشخاصا من الأمم المتحدة. قدموا لنا الغذاء والمياه والأدوية والملابس."
واستقل أحمد وزوجته القطار إلى صربيا بعد ذلك.
وقال أحمد إن الشرطة الصربية عاملتهما بشكل سئ مشيرا إلى انهما لم يتعرضا للضرب لكن كان التعامل معهما بأسلوب خشن.
وأضاف أن المخيم الذي كان بانتظارهما في الجانب المجري قرب الحدود كان مكتظا بالمهاجرين حيث لم يكن لدى الكثيرين أغطية يناموا عليها.
ثم جرى نقلهما إلى مخيم آخر لأخذ البصمات وهو إجراء يحاول الكثير من المهاجرين تفاديه خوفا من إعادتهم للمجر لأنها أول نقطة دخول لمنطقة شينجن في الاتحاد الأوروبي التي لا تتطلب التنقل بجوازات سفر.
وقال أحمد "قال لي شرطي .. اسمع إذا لم تكن تريد موضوع البصمات فليست هناك مشكلة. عليك أن تختار. إما أن تمضي ما بين شهر وستة أشهر في السجن أو تقدم بصماتك."
ولا تنتظر الغالبية العظمى من المهاجرين الذين يعبرون إلى المجر حتى يتم الانتهاء من طلبات اللجوء حيث ينتقلون إلى الدول الأكثر ثراء في الاتحاد الاوروبي بمنطقة غرب أوروبا.
وبحلول مساء السبت لم يكن هناك أثر لأحمد أو زوجته في محطة السكك الحديدية. قالت أسرة كانت تجلس بجوارهما إنهما انطلقا بالفعل لاستكمال الرحلة.