🌎 انضم إلى 150+ ألف مستثمر من 35+ دولة يمكنهم الوصول إلى اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع عوائد تفوق السوقفعِل الآن

النزع الأخير للمعارضة السورية في حلب

تم النشر 20/12/2016, 13:46
© Reuters. النزع الأخير للمعارضة السورية في حلب

من سليمان الخالدي وإيلين فرانسيس

عمان/بيروت (رويترز) - حاول محمود عيسى طمأنة أطفاله المذعورين مع تكثيف قصف حلب في الأيام التي سبقت انهيار جيب المعارضة السورية في المدينة.

وقال لرويترز "بنتي الصغيرة بتنام دايما حاطة ايديها على أذنيها كل طول الليل تسمع صوت الطائرات بقول لها بابا ما تخافي أنا بجبنك ... ايش بعني جنبها أكيد عشان نموت كلنا سوى حتى ما يظل حد فينا يزعل على التاني."

وعانى الآلاف المحاصرون في شرق حلب مرارة البرد والجوع والحرمان والانتظار القلق لمغادرة مدينتهم كنازحين مع سيطرة القوات الحكومية على آخر جيب للمعارضة مما يمثل جائزة كبرى في الحرب السورية.

ومع انتشار تقارير -نفتها دمشق- عن عمليات قتل نفذتها القوات الحكومية ومقاتلو الجماعات المسلحة المتحالفون معها اصطدم الكثيرون بالحقيقة المؤلمة وهي أنهم قد لا يعودوا إلى ديارهم أبدا.

بدأت معركة حلب في 2012 أي بعد عام من بدء الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الأسد لكن الجيش السوري والجماعات الشيعية المسلحة المتحالفة معه لم تتمكن من محاصرة المنطقة الشرقية الخاضعة للمعارضة سوى هذا الصيف بدعم من سلاح الجو الروسي.

وفي 24 نوفمبر تشرين الثاني حقق المهاجمون تقدما مفاجئا دفع مقاتلي المعارضة إلى تراجع انتهى بقبولهم لوقف إطلاق النار واتفاق على الانسحاب يوم الثلاثاء.

ورغم إجلاء نحو عشرة آلاف شخص لا يزال الكثيرون عالقين بعد انهيار الاتفاق ويتوقف مصيرهم على مفاوضات معقدة بين الجماعات المسلحة لكل طرف.

وأظهرت صور من داخل آخر منطقة للمعارضة في الأيام القليلة الماضية حشودا من الناس يجتمعون حول نيران للتدفئة وقد شدوا ملابسهم على أجسامهم لتحميهم من البرد القارص باحثين عن مأوى بين أكوام من الأنقاض والمعادن الملتوية.

* "لم يكن هناك أحد ليدفنهم"

وقال رجل في الأربعينيات من عمره تم إجلاؤه من المدينة لرويترز "حشر كل السكان في ثلاث أو أربع مناطق. كان الناس في الشوارع لذا كانت أي قذيفة مورتر تسقط تحدث مذبحة. كان القتلى بحاجة لمن يدفنهم. لم يكن هناك أحد ليدفنهم."

وكغيره ممن جرت مقابلات معهم لكتابة هذا التقرير طلب الرجل عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام.

ويوم الأربعاء دكت المنطقة بالضربات الجوية ونيران المدفعية ووصل القصف إلى ذروته قبل منتصف الليل.

وقال مضر شيخو وهو ممرض قتل والده وشقيقه بالقنابل في الأسبوعين الماضيين "كانت القذائف تسقط علينا مع كل نفس." وفر شيخو من حلب الأسبوع الماضي في قافلة للانضمام إلى أسرته في الريف الخاضع لسيطرة المعارضة خارج المدينة.

وعلقت منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة باسم "الخوذ البيضاء" والتي تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة خدماتها المنتظمة بعد أن تقطعت السبل بمتطوعيها أثناء التراجع وفقد الكثير من معداتها أو اعتبار دون فائدة بسبب نقص الوقود.

وقال إبراهيم أبو ليث وهو مسؤول في الدفاع المدني إن المتطوعين يعملون بأياديهم لإخراج الناس من تحت الأنقاض فحسب.

وقال سكان إن الجثث كانت ملقاة في الشوارع.

وأظهرت صور أرسلها مسعف رجلا في مستشفى ميداني يتلمس طريقه بين أشخاص متناثرين على الأرض وقد غطت أجسادهم في ممر بينما لطخت الدماء جدارا.

* أسر تفرقت أثناء الفوضى

لم يكن بحوزة معظم الناس سوى حقيبة أو حقيبتين من الأمتعة.

وقال عدنان عبد الرؤوف وهو موظف سابق "كل واحد فينا نزح شي عشر بيوت كل ما بننتقل على بيت بنقعد فيه بنقصف."

وفي خضم الفوضى تفرقت أسر.

ووصف وضاح قدور الذي كان رئيس عمال في مجال البناء كيف حمل رجل زوجته وهي تنزف بحثا عن المساعدة ولم يدرك أن ابنتهما لم تكن تتبعهما. وكانت هذه واحدة فقط من بين الأسر التي تفرقت أثناء الفوضى.

وقال "ألحقت البنت بدار للأيتام."

وأظهرت صورة لرويترز امرأة تحمل طفلها في غطاء وتجلس على جانب طريق بجوار أنقاض.

وقال شيخو الممرض الذي قتل والده وشقيقه "حل الظلام في الخارج. جلس الناس في الشوارع وبدأوا يشعلون النيران للتدفئة. احتمى معظم الناس من البرد بالمحلات المفتوحة. نامت آلاف الأسر في الشوارع في انتظار عودة الحافلات."

وحاولت حشود الوصول إلى الحافلات يوم الخميس عندما تمكنت ثلاث قوافل على الأقل من مغادرة حلب باتجاه مناطق ريفية خاضعة لسيطرة المعارضة إلى الغرب من المدينة.

وعندما وصلت الحافلات في منتصف الليل هرع الجميع لحجز مكان. وقال شيخو "حمل كل منا أغراضه وانطلقنا في التو. كانت آلاف الأسر تتدافع إلى داخل الحافلات."

ونجح شيخو في مغادرة حلب. لكن الآلاف مازالوا عالقين وتصل تقديرات عددهم إلى عشرات الآلاف.

وقال ممرض آخر في حلب "كانوا لا يزالون ينتظرون في الشوارع وأصبح الجو باردا للغاية وتأخرت الحافلات."

* تقارير عن قتل

وتركز الفزع المتزايد على تقارير غير مؤكدة عن إعدامات ميدانية واتهامات أخرى بانتهاكات ارتكبها الجيش وحلفاؤه في المناطق التي سيطروا عليها.

وحكى خمسة أشخاص لرويترز نفس الواقعة عن شبان في حي الكلاسة الذي يقطنوه فروا إلى قبو مستشفى. ولم ترد أنباء عن الشبان مرة أخرى وأيقن جيرانهم السابقون أنهم قتلوا أثناء تقدم القوات الحكومية.

وقال ستة أشخاص آخرون من حي بستان القصر إن أناسا ظلوا في الحي قالوا لهم إنه تم العثور على جثث تسعة من أفراد عائلة تدعى العجمي في منزل.

ونفت دمشق وحلفاؤها -ومن بينهم جماعة حزب الله اللبنانية وحركة النجباء العراقية- أي اعتقالات جماعية أو إعدامات ميدانية.

وقال رجل مسن لرويترز إنه تمت مصادرة بطاقة هويته في نقطة تفتيش حكومية وقيل له إن عليه الذهاب إلى مدرسة لاستعادتها.

وعندما ذهب إلى هناك وضع مع شبان في غرفة. وقال لهم جنود إنهم سيقتلون لكنهم أخرجوه هو وآخرين في اللحظة الأخيرة. وذكر أنه سمع بعد ذلك صوت إطلاق نار من داخل الغرفة.

ولم يتسن لرويترز التحقق من الروايات بشكل مستقل.

* خيارات صعبة

وكان الخوف على الأسر والمدنيين الآخرين يثقل كاهل مقاتلي المعارضة وهم يفكرون في ما يجب عمله في وجه الهزيمة.

وبعد أن تعهدوا بعدم الرحيل أبدا أقر مقاتلو المعارضة بأنه ما من بديل أمامهم مع استمرار قصف الأحياء السكنية.

وقال مسؤولون في المعارضة إن المقاتلين قبلوا بشروط انسحاب نص عليه اقتراح أمريكي روسي وضمن لهم الخروج الآمن من المدينة بعدما قدمه لهم مسؤولون أمريكيون. لكن بمجرد تقبلهم لفكرة الاستسلام أعلنت روسيا عدم وجود اتفاق.

وقال قائد جماعة الجبهة الشامية المعارضة إن القادة المعارضين قرروا أن الخيار الوحيد هو القتال حتى الموت.

وأضاف من شرق حلب أنها كانت أياما صعبة للغاية لأنهم كانوا مسؤولين عن المدنيين.

وفي وقت لاحق في هذه الليلة حقق الجيش وحلفاؤه تقدما خاطفا آخر فسيطروا على منطقة الشيخ سعيد بعد قتال عنيف ودفعوا مقاتلي المعارضة للتراجع إلى جيب أخير صغير في اليوم التالي.

وأدت محادثات جديدة بين روسيا وتركيا أكبر داعم من الخارج لمقاتلي المعارضة إلى اتفاق إجلاء جديد لكن تنفيذه لن يكون سلسا في أفضل الظروف مما يعني أن مصير آلاف الأشخاص سيظل معلقا في ظل درجات حرارة شديدة البرودة.

وتلقى يوسف الراغب وهو مقاتل في جماعة فاستقم المعارضة أوامر من قادته بتمزيق أكوام من المستندات والتخلص من معدات في مقر.

© Reuters. النزع الأخير للمعارضة السورية في حلب

وبعد سماعه أنباء صمود وقف إطلاق النار قضى عبد الله الاسطنبولي وهو محتج تحول إلى مقاتل ساعات في حرق أمتعته وتحطيم أثاثه حتى لا يتعرض للسرقة عندما يغادر. وقال "بنحرق ذكرياتنا. لا ما حدا بسكن بيتي من بعدي."

(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير لبنى صبري)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.