من سكوت مالون
بوسطن (رويترز) - شعر ميلفن بليدسو بأنه بلا حول ولا قوة وهو يشاهد ما طرأ على ابنه من تحول، فقد تباعد واعتنق الإسلام وغير اسمه من كارلوس بليدسو إلى عبد الحكيم مجاهد محمد.
يقول الأب المنتمي للكنيسة المعمدانية إنه تمنى لو وجد شخصا يقدم له النصيحة والتوجيه قبل أن يهاجم ابنه البالغ من العمر 22 عاما مركزا للتجنيد تابعا للجيش الأمريكي في ليتل روك بولاية أركنسو فيقتل جنديا ويصيب آخر عام 2009.
ويضيف بليدسو (61 عاما) الذي يدير شركة للسياحة في ممفيس مسقط رأسه بولاية تنيسي وهو يستعيد الذكريات عبر مكالمة هاتفية في الآونة الأخيرة "لم ألق أي مساعدة. لم أجد من ألجأ إليه، من أتكئ عليه سوى أفراد عائلتي الآخرين."
وعلى أمل إتاحة خيارات أكبر مما كان متاحا له أمام الآباء الذين يجدون أنفسهم في وضع مشابه ويخشون الاتصال بالشرطة أسس بليدسو جمعية "بيرنتس فور بيس" (آباء من أجل السلام) التي لا تهدف للربح ودشن ما تصفه الجمعية بأول خط ساخن يديره مواطنون في الولايات المتحدة للتصدي للأفكار العقائدية التي تقود إلى التطرف والعنف.
ويهدف خط المساعدة، الذي بدأ اختبار تشغيله في ديسمبر كانون الأول على نطاق محدود وبدأ الآن يعلن عن نفسه على نطاق واسع، إلى سد ثغرة في الولايات المتحدة وربما إلى تجنب العنف وذلك من خلال إتاحة وسيلة لتواصل الآباء وغيرهم بشكل أفضل مع من يفكر من الأحبة في التطرف.
وقالت هايدي بيريتش مديرة مشروع الاستخبارات في "مركز ساذرن بوفرتي لو" في مونتجومري بولاية ألاباما والذي يتابع جماعات الكراهية "قد تكون أداة قوية. فالناس لا يجدون ما يلجأون إليه إذا ما كانوا يشعرون بالقلق على أولادهم ولا يريدون اللجوء إلى سلطات إنفاذ القانون."
وتعرض جماعة أخرى اسمها "لايف آفتر هيت" (الحياة بعد الكراهية) ومقرها شيكاجو مساعدة للأشخاص المشاركين بصفة شخصية في مؤسسات تنادي بتفوق البيض على بقية الأجناس ممن يتطلعون للانشقاق عليها.
كما تقدم بعض القيادات الإسلامية في مختلف أنحاء البلاد المشورة لمن يشعرون بإغراءات في التحول للعنف.
ويقتدي خط المساعدة التابع لجمعية بيرنتس فور بيس بخطوط المساعدة في حالات الميل للانتحار وبجماعات أخرى تعالج مثل هذه القضايا كما أنه مفتوح لا للمتعاملين مع الأفكار العقائدية الإسلامية فحسب بل للمؤمنين بتفوق البيض ومظاهر التطرف الأخرى.
وشهدت الولايات المتحدة عشرات الاعتداءات المتطرفة منذ الاعتداء الذي وقع في ليتل روك، من التفجير الذي شهده ماراثون بوسطن عام 2013 ومذبحة ملهى أورلاندو عام 2016 إلى إطلاق النار في كنيسة في تشارلستون بولاية جنوب كارولاينا والتي تشتهر تاريخيا بكثرة السود فيها على يدي رجل أبيض كان يريد إشعال حرب بين الأجناس.
* معتقدات مختلفة ومسارات متشابهة
رغم أن أفكارا عقائدية شديدة التباين هي التي كانت حافزا للمعتدين فقد اتبع كثيرون مسارات متشابهة وصولا للعنف بالانغماس في جماعات إلكترونية يحركها الغضب على الانترنت.
وقالت ميريام نادري المتخصصة في هذه الحالات ولها خلفية فرنسية مغربية ومكتب في بوسطن وتشغل منصب المدير التنفيذي لجمعية "بيرنتس فور بيس" (آباء من أجل السلام) "النازيون الجدد السابقون والجهاديون السابقون يتحدثون عن أشياء متشابهة."
وأضافت "فهم يتحدثون عن تجارب الشعور بالمذلة. ويتحدثون عن مشاعر الغيظ والغضب المستفحلة."
ويرد على المكالمات الواردة على خط المساعدة اثنان من العاملين يعملان في مكتب صغير في بوسطن. وهما يبدآن المكالمات بالاستماع لكل ما لدى المتصلين من مخاوف.
ثم يقدم الاثنان النصح للمتصلين فيما يتعلق بأساليب إقناع الأحبة بالتحدث بصراحة عن أنشطتهم وذلك من أجل التغلب على السرية التي تحث الجماعات المتطرفة وعصابات الجريمة أعضاءها عليها في العادة.
وحتى الآن لم يستقبل الخط سوى بضع مكالمات لكن نادري قالت إنها تتوقع أن تشتد حركة المكالمات مع تزايد الدعاية للخط.
وفي بعض الحالات ربما يتم تحويل المتصلين إلى بليدسو أو أعضاء آخرين في الجمعية فقدوا أحباءهم بسبب التطرف. وقد نجا ابن بليدسو في الهجوم لكنه يقضي حكما بالسجن مدى الحياة غير أن أعضاء آخرين في الجمعية شهدوا مقتل أقارب لهم.
ومن الأعضاء كارول مانسفيلد من بيرتون بولاية ميشيجان التي سافرت حفيدتها نيكول إلى سوريا للمشاركة في الحرب الأهلية ولقيت حتفها في الاشتباكات عام 2013.
وقالت مانسفيلد في مكالمة هاتفية مؤخرا "أخوض معركة مع السرطان وأرجو فقط وأدعو الله أن أعيش بما يكفي لمساعدة أسرة واحدة على الأقل على إنقاذ واحد من أحبائها. تلك هي المهمة التي كرست لها نفسي في الحياة."
ويوضح خط المساعدة للمتصلين الذين يخشون أن يكون في الأمر اعتداء وشيك أن عليهم المبادرة بالاتصال بالسلطات. فيما عدا ذلك سعت الجمعية لتفادي العمل مباشرة مع سلطات إنفاذ القانون ولم تطلب أي تمويل من برنامج "مكافحة التطرف العنيف" التابع للحكومة الأمريكية.
واستهدف هذا البرنامج الذي تديره وزارة العدل وتأسس في عهد إدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما معالجة العوامل التي قد تدفع بالبعض إلى العنف وذلك بتقديم منح وإتاحة موارد أخرى من أجل تطوير وسائل المنع.
والآن يريد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب أن يركز البرنامج فقط على التشدد الإسلامي دون الجماعات المؤمنة بتفوق البيض. وقد أدى ذلك إلى انتقادات من الديمقراطيين في الكونجرس.
وقال بليدسو إن التحول المقترح في السياسة يزيد من أهمية حياد جمعية "بيرنتس فور بيس".
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير ليليان وجدي)