من ستيفن كالين
كوكجالي (العراق) (رويترز) - سار محقق بالشرطة العراقية جيئة وذهابا أمام 12 رجلا من الموصل كانوا يجلسون القرفصاء على طريق ترابي بعد الفرار من منطقة في المدينة استعادتها القوات مؤخرا من تنظيم الدولة الإسلامية.
وسأل الملازم أول قيصر محمد الرجال في قرية كوكجالي يوم الجمعة قائلا "قوات الأمن ستحرر المدينة الآن. فكيف من الممكن أنكم لا تعرفون من يكون هؤلاء الجرذان؟" وطالبهم بإعطائه أسماء وأرقام الهواتف الخاصة بمن يعرفونهم من المتشددين الذين يسيطرون على بقية الموصل.
وتعول القوات الحكومية على معلومات من الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم أو من المصادر التي لا تزال داخل المدينة في حملتها لاستعادة الموصل من الدولة الإسلامية التي سيطرت على ثلث البلاد في 2014.
وتحرص السلطات كذلك على فحص الأشخاص الذين يغادرون المدينة لمنع المقاتلين من التسلل من الخطوط الأمامية متنكرين والتخفي لاستئناف تمردهم.
واعترف نجاح (25 عاما) الذي فر من منزله في الموصل قبل ساعات بأنه يعرف بعض الجيران الذين كانوا مع الدولة الإسلامية.
لكنه يقول إن معلوماته محدودة لأن المتشددين ظلوا يغيرون أماكن إقامتهم وزرعوا الخوف في نفوس الناس العاديين لدرجة أن أحدا لم يجرؤ على قضاء كثير من الوقت معهم أو توجيه أسئلة كثيرة لهم.
وفر أكثر من 45 ألف مدني من منازلهم منذ بدء عملية الموصل قبل أقل من شهر وهم يمثلون جزءا بسيطا من مليون شخص حذرت الأمم المتحدة من أنهم قد يفرون من المدينة في نهاية المطاف.
قال محمد الذي سبق أن عمل في حي بغرب الموصل كان مرتعا للقاعدة التي سبقت الدولة الإسلامية في العراق إن معظم السكان تعاونوا مع السلطات.
وكان البعض أقل دعما.
وقال "الرعب يملأ قلوبهم بعد عامين تحت (حكم) داعش (الدولة الإسلامية. رد فعلهم هو الخوف. ربما يعتقدون أن القوات العراقية لا تستطيع تحرير الموصل ومن ثم سيعودون (مقاتلي الدولة الإسلامية). هم يفكرون بهذه الطريقة."
وتبذل العملية العراقية -التي تضم تحالفا من 100 ألف من الجنود وقوات الأمن ومقاتلي البشمركة الكردية وأعضاء الفصائل الشيعية المسلحة بدعم من الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة- كل ما في وسعها للتأكد من عدم حدوث ذلك لكنها حتى الآن لم تظفر سوى بموطئ قدم محدود في المدينة.
* الفرار من قذائف المورتر
تعد نقطة التفتيش في كوكجالي التي تحرسها قوات مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية أول توقف للسكان الذين يغادرون شرق الموصل.
فالمركبات المحملة بالمدنيين تتوقف للخضوع لعملية تفتيش وجيزة عن الأسلحة قبل أن تواصل رحلتها صوب المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
وسالت الدموع على وجه امرأة تجلس في سيارة لتكشف عن مزيج من مشاعر الخوف والارتياح التي عبر عنها كثيرون.
وتستجوب الشرطة أحيانا الأشخاص الذين يصلون إلى كوكجالي راجلين بينما ينتظرون الحافلات الحكومية. ثم ينقلون إلى نقطة تفتيش أخرى حيث يجري إدخال أسمائهم في قاعدة بيانات لقائمة أسماء المشتبه بأنهم أعضاء الدولة الإسلامية.
ويتوجه الأشخاص الذين يخلى سبيلهم في الأغلب إلى مخيمات في حين يُحتجز الآخرون لمزيد من التحقيق.
وتبعد نقطة التفتيش التي يخدم عندها محمد أكثر من كيلومتر عن الجبهة داخل الموصل لكنها ليست آمنة.
وقال محمد أن مقاتلا من الدولة الإسلامية انسل في وقت سابق هذا الأسبوع بين المدنيين في موقع مشابه شمال الموصل وفجر نفسه. وبعد أيام قليلة فعل شخص يرتدي نقابا ويحمل طفلا الشيء نفسه على الجبهة الجنوبية الشرقية.
وإلى جانب هجمات انتحارية من هذا القبيل بدأ المتشددون المتقهقرون قصف المناطق المكتظة بالسكان بقذائف المورتر.
وقال رجل عمره 54 عاما من حي الزهراء في المدينة إنه فر وابناه بعد ليلة كانت الأوضاع فيها تشبه الجحيم. وقال إن الدولة الإسلامية أطلقت القذائف على نحو عشوائي وأطلقت وابلا من الرصاص لدرجة "أنه كان مثل المطر."
(إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)