من جوش سميث
كابول (رويترز) - فاق عدد الضربات الجوية الأمريكية التي نفذت في أفغانستان هذا العام إجمالي عدد الضربات في 2015 بفارق كبير فيما يمثل مؤشرا واضحا على الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة لإخراج نفسها من الصراع والالتزام بمهمتها "غير القتالية" المعلنة.
يقول مسؤولون عسكريون أمريكيون إن الطائرات الحربية الأمريكية نفذت نحو 700 ضربة جوية حتى الآن في العام الحالي مقارنة بنحو 500 في المجمل العام الماضي وهو ما يشير إلى دور أعمق للقوات الأمريكية يتوقع أن يستمر في المستقبل المنظور.
وكان إنهاء المشاركة الأمريكية في أفغانستان أحد الوعود التي قطعها الرئيس باراك أوباما على نفسه وقد أعلن انتهاء المهمة القتالية في أواخر عام 2014.
لكن في العام الأخير من حكمه دفع تزايد العنف أوباما للإبقاء على المزيد من القوات الأمريكية للمشاركة في القتال لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية في ظل تزايد وجوده ولمساندة القوات الأفغانية التي تواجه صعوبات.
نجح كبار القادة العسكريين الأمريكيين في أفغانستان في إقناع أوباما بالتراجع عن القيود التي كانت مفروضة فيما سبق على استخدام الضربات الجوية وهو ما أفسح المجال لزيادة الهجمات على أهداف الدولة الإسلامية وطالبان.
وقال البريجادير جنرال تشارلز كليفلاند المتحدث باسم الجيش الأمريكي في تصريح لرويترز "ترجع الزيادة في الضربات إلى الصلاحيات الإضافية التي حصلت عليها القوات الأمريكية وإلى تغير الاستراتيجية الأفغانية للتعامل مع العمليات الهجومية."
وأضاف "سمحت الصلاحيات الجديدة للولايات المتحدة بأن تكون أكثر استباقية وتأنيا في دعم العمليات الهجومية الأفغانية هذا العام وفي استهداف (الدولة الإسلامية) بقوة."
وفي غياب نهاية تلوح في الأفق لواحدة من أطول الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة فإن أي قرارات بشأن مستقبل الضربات الجوية ونحو تسعة آلاف جندي أمريكي سيبقون في أفغانستان ستكون في يد الفائز بانتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.
وكتب 12 قائدا عسكريا وسفيرا أمريكيا في أفغانستان سابقا في تقرير صدر في أكتوبر تشرين الأول يحدد التحديات التي سيواجهها الرئيس القادم يقولون "سيكون من المهم أن نسأل عما إذا كان تخفيف قواعد الاشتباك التي حددها الرئيس أوباما للقوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان عام 2016 يجب أن يذهب إلى أبعد من ذلك بما يسمح بمزيد من الاستخدام للقوة الجوية ضد طالبان."
* استهداف الدولة الإسلامية
وقال كليفلاند إن من بين 700 ضربة جوية وقعت بين الأول من يناير كانون الثاني و20 أكتوبر تشرين الأول نفذت نحو 240 بموجب القواعد التي أقرها أوباما في يونيو حزيران والتي سمحت للقوات الأمريكية بتقديم مزيد من الدعم للقوات الأفغانية خلال العمليات القتالية الاستراتيجية.
وأضاف أن عددا مماثلا نفذ ضد أهداف تندرج تحت "مكافحة الإرهاب" منها نحو 50 ضد القاعدة و190 ضد الدولة الإسلامية.
ومن الممكن تنفيذ ضربات جوية أخرى دفاعا عن المستشارين العسكريين الأمريكيين والدوليين وكذلك بعض القوات الأفغانية.
وعزي الفضل للضربات الجوية الأمريكية في المساعدة في منع طالبان من اجتياح مدن بالكامل مثل لشكركاه عاصمة إقليم هلمند لكن المتشددين ما زالوا يسعون للسيطرة أو يسيطرون بالفعل على ما يصل إلى ثلث البلاد.
وخلصت مؤسسة ستراتفور الخاصة للمعلومات في تقرير أصدرته في الآونة الأخيرة إلى أن "المخططين العسكريين الأمريكيين كانوا يتوقعون في البداية أن تتمكن القوات الأفغانية من تنفيذ ضربات جوية بنفسها بعد مرور عشر سنوات على الغزو الأمريكي."
وأضافت "لكن في ظل الاضطراب الذي يشهده شمال وجنوب وشرق أفغانستان فإنها تعتمد على القوة الجوية الأجنبية والمساعدات كما كان الحال حين بدأت عملية الحرية الدائمة."
ويقول مسؤولون أمريكيون إن القوات الجوية الأفغانية زادت ضرباتها إلى المثلين تقريبا لكنها لم تتمكن بعد من تولي الحملة الجوية على طالبان وغيرها من الجماعات المتشددة بالكامل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية دولت وزيري "الضربات الجوية (الأمريكية) مهمة جدا ونحن نحتاجها لفترة أطول للتعامل مع أعدائنا."
وللقوات الجوية الأمريكية في أفغانستان سرب واحد من مقاتلات إف-16 ووحدة من الطائرات بلا طيار ومجموعة من الطائرات من طراز إيه سي-130 للعمليات الخاصة. كما ينشر الجيش الأمريكي طائرات هليكوبتر أباتشي هجومية وقد رصدت وهي تدعم القوات الأفغانية في أماكن مثل قندوز.
وللمرة الأولى منذ عام 2006 حلقت قاذفات قنابل من طراز بي-52 أقلعت من قطر في مهمتين في أفغانستان على الأقل خلال الصيف حين استخدمت لقصف أهداف للدولة الإسلامية استعدادا لهجوم بري للقوات الأفغانية في ننكرهار.
وتقول القوات الجوية إنها قد تستخدم أي عدد من أكثر من 750 طائرة منتشرة في أنحاء مختلفة من المنطقة لضرب أهداف في أفغانستان.
وقالت المتحدثة باسم القوات الجوية كايلي دوهيرتي "القوة الجوية للتحالف تضعف قدرة الأعداء وتحرمهم من ملاذاتهم وتقضي على قدرتهم على السيطرة على الأراضي أو الاحتفاظ بها."
قال رايدر وهو قائد طائرة إف-16 اكتفى بذكر المقطع الأول من اسمه إن في حين أن الضربات بهدف "مكافحة الإرهاب" وحماية قوات التحالف لا تزال هي المهمة الأساسية للطيارين العسكريين الأمريكيين فإن العمليات الجديدة غيرت الأوضاع قليلا.
وقال رايدر في مقابلة أجريت في قاعدة باجرام الجوية مؤخرا إن إلى جانب تغير الأهداف المسموح للطائرات الحربية الأمريكية بمهاجمتها فإن الجيش الأمريكي الآن يتمتع بعلاقة "أكثر نضجا" مع الأفغان تسمح باستدعاء الضربات الجوية بمزيد من الفعالية لمساندة القوات الحكومية.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)