من سليمان الخالدي
عمان (رويترز) - قالت مصادر من المعارضة إن متشددين في شمال غرب سوريا انتزعوا السيطرة على أراض من مقاتلين إسلاميين منافسين تدعمهم تركيا خلال اشتباكات يوم الخميس لليوم الثاني على التوالي.
وأدى الاقتتال الداخلي إلى إضعاف المعارضة السورية منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في عام 2011. وساعدت المعارك بين جماعات المعارضة المختلفة على الأراضي الأسد وحلفاءه على استعادة مساحة كبيرة من الأراضي في الشمال وحول العاصمة دمشق.
وتأججت التوترات بين الفصيلين الأكبر في محافظة إدلب لأسباب على رأسها الخلافات الأيديولوجية بين الفصائل المسلحة الإسلامية المتشددة وتلك التي تميل للقومية. كما تنافسا على الهيمنة في المحافظة السورية الوحيدة التي تخضع بكاملها لسيطرة مقاتلي المعارضة.
وقالت مصادر بالمعارضة إن الاشتباكات استمرت في معظم المدن الكبرى في إدلب بعد يوم ثان من القتال العنيف بين هيئة التحرير الشام، التي تقودها جبهة فتح الشام الجناح السابق لتنظيم القاعدة والتي كانت تعرف باسم جبهة النصرة، وغريمتها حركة أحرار الشام.
ووفقا لمصدر بالمعارضة في شمال سوريا فإنه حتى خارج إدلب فإن فصيلي تحریر الشام وأحرار الشام - اللذين يضمان الآلاف من المقاتلين في أجزاء مختلفة من سوریا - يعززان مواقعھما ويضعان قواتھما في حالة تأهب قصوى.
وأضافت المصادر أن الاشتباكات التي وقعت في الآونة الأخيرة على مشارف مدن محافظة إدلب، والتي وعدت الفصائل المتحاربة المجالس المحلية بأنها ستكون بمنأى عنها، زادت خطر امتداد القتال إلى هذه المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.
ورفضت هيئة تحرير الشام يوم الخميس مبادرة للوساطة من جانب رجال دين مسلمين بارزين. وقالت إن السبيل الوحيد لإنهاء القتال هو إقامة إدارة محلية إقليمية للشمال الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة تساعد في المصالحة بين الفصائل وردع التدخل الأجنبي في الصراع.
وقال مسلح في المعارضة السورية مطلع على الموقف في إدلب لكنه لا ينتمي لأي من الجماعتين إن هيئة تحرير الشام هي المتفوقة في القتال فيما يبدو.
وقال "الأمر سينتهي لصالح النصرة... أحرار (الشام) على وجه خاص انتهت. في الواقع هم يتواجدون في باب الهوى وقريتين أو ثلاث. سيبقون لأن الأتراك في صفهم".
وتفادت مدينة إدلب، عاصمة المحافظة، حيث يسري اتفاق لتقاسم السلطة بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام، حتى الآن ويلات القتال. وأصبحت ملجأ لعشرات الآلاف من النازحين السوريين خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من ست سنوات.
وفي ساحات القتال بإدلب حيث بدأ القتال يوم الأربعاء انسحبت أحرار الشام من مدينة سراقب من أجل المدنيين الذين احتجوا على القتال لكنها دفعت قوات تحرير الشام للتقهقر من بلدات صغيرة المجاورة.
ووفقا لما قاله مسؤولون بالمعارضة فيبدو أن هيئة تحرير الشام أصبح لها اليد العليا في بعض مناطق إدلب إذ أطاحت بأحرار الشام من سلسلة من القرى على الحدود مع تركيا.
وقال مصدر من أحرار الشام إن الحركة انسحبت من بلدتي حارم وسلقين دون قتال، لكنها لم تتخل عن مدينتي سرمدا ودانا الأكبر إلا بعد معارك ضارية.
*منطقة الحدود المتنازع عليها
كانت حركة تحرير الشام ترسل تعزيزات إلى معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا الذي تسيطر عليه أحرار الشام ويمثل بوابة رئيسية للتجارة والمدنيين إلى إدلب. كما توفر الضرائب المفروضة على البضائع التي تمر عبر باب الهوى مصدرا مربحا للإيرادات لأحرار الشام.
وقال اللواء السابق أحمد الحمادي، وهو منشق عن الجيش السوري وانضم للجيش السوري الحر إن هيئة تحرير الشام تقصف نقاط تفتيش في الطريق إلى باب الهوى في محاولة للسيطرة على المنطقة الحدودية الشمالية مع تركيا.
وقال أحد السكان المحليين لرويترز إن تحرير الشام سيطرت على قرية عقربات التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن باب الهوى.
وقالت مصادر إن تعزيزات لجماعات في المعارضة المسلحة تدعمها تركيا دخلت سوريا عبر معبر باب الهوى دعما لأحرار الشام.
وقال مصدر في المعارضة المسلحة إن مجموعة مؤلفة من 150 مقاتلا من عملية درع الفرات التي تدعمها تركيا دخلت إلى باب الهوى. وشنت تركيا عملية درع الفرات العام الماضي لدعم جماعات بعينها من المعارضة المسلحة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية السورية من المنطقة المحاذية لحدودها.
وبعد تصاعد حدة التوتر على مدى شهور بين الفصيلين تحول إلى اشتباكات بالشوارع في بلدات إدلب يوم الأربعاء حيث تتواجد جماعتا أحرار الشام وتحرير الشام. وتبادل الفصيلان الهجمات على نقاط التفتيش التابعة لكل منهما وأسرا عشرات المؤيدين من كل من الجانبين.
واتجه قادة أحرار الشام مؤخرا لتبني موقف أكثر اعتدالا أقرب إلى موقف الجيش السوري الحر القومي العلماني نسبيا.
بل إن أحرار الشام اعتمدت علم الجيش السوري الحر، مما أدى لمناوشات مع الجهاديين في المدن التي رفع فيها العلم.
وعلى النقيض من ذلك، ظل زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني أقرب إلى فكر تنظيم القاعدة، على الرغم من أن جماعته قالت إنها أنهت صلتها بالتنظيم في العام الماضي.
وقال محمد أبو زيد المتحدث باسم أحرار الشام إن الجولاني يريد الهيمنة على شمال سوريا بفرض نفسه على الأرض حتى إن كان هذا بسفك الدماء على حساب مصالح سكان الشمال.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)