من ليزا بارنجتون وديفيد برانستروم
بيروت/جنيف (رويترز) - قالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إنها ستصدر دعوات لمحادثات السلام السورية المقررة هذا الأسبوع لكن جماعات المعارضة أشارت إلى انها لن تشارك إلا بعد ان توقف الحكومة وحلفاؤها الروس الضربات الجوية وانهاء الحصار المفروض على عدد من البلدات.
وكان من المقرر أن تبدأ يوم الاثنين أول محادثات من نوعها خلال عامين لانهاء الحرب الأهلية السورية لكنها تعثرت لأسباب منها مسألة من يمثل الفصائل المعارضة للرئيس بشار الأسد.
وقال مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا إنه ما زال يعمل على اعداد قائمته وتوقع إصدار الدعوات يوم الثلاثاء واجراء المحادثات يوم الجمعة.
ويتمثل الهدف في اجراء محادثات على مدى ستة أشهر تسعى أولا للتوصل إلى وقف اطلاق النار والعمل بعد ذلك على ايجاد تسوية سياسية للحرب التي حصدت أرواح أكثر من 250 ألف شخص وشردت أكثر من 10 ملايين اخرين واجتذبت قوى عالمية.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي في جنيف إن وقف اطلاق النار سيشمل كامل ارجاء البلاد باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
وأقر دي ميستورا بالصعوبات التي تعتري المحادثات. وكان الاثنان اللذان سبقاه في مهمته قد استقالا وسط شعور بالاحباط بعد فشل المؤتمر الذي ترأسه كل منهما في جنيف في تحقيق أي تقدم ملموس.
وستجتمع الوفود في غرف منفصلة في محادثات غير مباشرة يقوم خلالها دبلوماسيون بالتنقل جيئة وذهابا بينهم. وينبغي توقع ظهور تهديدات بالانسحاب.
وأضاف دي ميستورا "لا تندهشوا: سيكون هناك الكثير من المواقف. الكثير من الانسحابات أو المشاركات نتيجة سقوط قنبلة أو قيام شخص بهجوم...يجب عدم الشعور بالاكتئاب أو التأثر لكن من المرجح حدوث ذلك. المهم هو الحفاظ على الزخم."
وقال متحدث باسم احدى جماعات المعارضة في اللجنة العليا للمفاوضات إن من المستحيل مشاركة المعارضة في المحادثات في الوقت الذي تتعرض فيه المناطق الخاضعة لسيطرتها لضربات جوية وتجويع البلدات المحاصرة.
وأضاف أبو غيث الشامي المتحدث باسم ألوية سيف الشام إحدى الجماعات التي تقاتل قوات الحكومة السورية في الجنوب الغربي إن من المستحيل التخلي عن مطالب المعارضة. وقال إن مشاركتهم في ظل الوضع الراهن تمثل خيانة لشهدائهم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه يتوقع اتضاح الرؤية خلال يوم أو يومين وعبر عن دعمه لقرار دي ميستورا التريث بعض الوقت لإعداد القائمة.
وأضاف خلال زيارة إلى لاوس "لا نريد أن نتخذ القرار ثم تنهار (المحادثات) في اليوم الأول. الأمر يستحق يوما أو يومين أو ثلاثة أو أيا كان."
وأضاف أن الأمر يعود إلى الأطراف السورية. وتابع "يجب أن يكونوا جادين. اذا لم يتسموا بالجدية ستتواصل الحرب .الامر متروك لهم. لا يمكن ان تقود حصانا إلى مكان به ماء ولا تدعه يشرب."
وحتى الآن لم تكلل الجهود الدبلوماسية بأي نجاح في إنهاء الحرب الأهلية السورية أو حتى تهدئتها.
ومنذ آخر مؤتمر سلام عُقد في أوائل 2014 أعلن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية الخلافة في أجزاء كبيرة من أراضي سوريا والعراق وانخرطت في الحرب غالبية القوى الدولية. وتقصف الولايات المتحدة أهدافا للدولة الإسلامية منذ 2014 بينما بدأت روسيا العام الماضي حملة جوية منفصلة ضد أعداء حليفها الأسد.
وساعد التدخل العسكري الروسي الجيش السوري وحلفاءه في تحقيق مكاسب عسكرية منها احراز تقدم كبير في الشمال الغربي من البلاد في الأيام القليلة الماضية. وأقر مقاتلو المعارضة بحدوث تحول في قوة الزخم.
وأدى تعاظم نفوذ الدولة الإسلامية والتدخل الروسي في الحرب إلى اعطاء زخم جديد للجهود الدبلوماسية وقاد إلى صدور قرار من مجلس الأمن الدولي في 18 ديسمبر كانون الاول يطالب باجراء محادثات سلام. وأيدت القرار واشنطن وموسكو.
لكن القوى العالمية لا تزال منقسمة حول من ينبغي دعوته لحضور المحادثات.
وتطالب روسيا بمنع رموز من المعارضة تصفهم بالإرهابيين وتريد ضم جماعات كالأكراد الذين يسيطرون على مساحات كبيرة في شمال سوريا لكن تركيا ذات الثقل الإقليمي تعارض بشدة دعوة الأكراد.
وتقول أهم فصائل المعارضة السنية التي تدعمها دول عربية وغربية إنها لن تشارك ما لم يكن لها حق اختيار وفدها. وقال المتحدث سالم المسلط إن الهيئة العليا للتفاوض ستناقش موقفها يوم الثلاثاء.
وكررت الهيئة العليا للتفاوض التي تشكلت في السعودية الشهر الماضي وتجمع معارضين للأسد -بينهم مسلحون وسياسيون- مرات عدة أن المباحثات لا يمكن أن تبدأ إلا إذا توقفت الغارات الجوية وانتهى حصار القوات الحكومية لأراض تسيطر عليها المعارضة وأطلق سراح معتقلين وهي خطوات نص عليها قرار مجلس الأمن الصادر في 18 ديسمبر كانون الأول الماضي.
وقال المسلط لقناة الحدث الاخبارية "أمور إنسانية بحتة نريد تحقيقها هي ليست شروطا مسبقة.. (إنه) قرار دولي أن يطبق ولو جزء منه حتى نرى جدية وحسن نية في هذا الأمر."
وأضاف "مع الأسف لا يمكن الجلوس والتحدث إلى أحد دون أن ترفع المعاناة بالأول."
* تفجير انتحاري
وسيكون مؤتمر السلام- إذا جرت المباحثات- هو الثالث منذ بدأت الحرب والأول الذي ينظمه دي ميستورا الدبلوماسي المخضرم الذي يحمل الجنسيتين السويدية والإيطالية.
وفشلت كل الجهود الدبلوماسية السابقة بسبب دور الأسد في مستقبل سوريا إذ ترفض المعارضة التراجع عن مطلبها برحيل الأسد ويرفض الرئيس التنحي.
وفجر انتحاري يقود شاحنة وقود نفسه عند نقطة تفتيش تابعة لجماعة أحرار الشام الإسلامية المعارضة في مدينة حلب الشمالية يوم الاثنين. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن التفجير أودى بحياة 23 شخصا على الأقل.
وفقدت فصائل المعارضة السيطرة على بلدة الربيعة في محافظة اللاذقية يوم الأحد في ثاني انتكاسة مهمة تتعرض لها قرب الحدود التركية في شمال غرب سوريا خلال الأسابيع الماضية مع سعي القوات الحكومية وروسيا لقطع خطوط الإمداد عن المعارضة من تركيا.
وقال فراس باشا أحد قادة جماعة معارضة من اصل تركماني لرويترز في غازي عنتاب في تركيا قرب الحدود "انه انسحاب تكتيكي بالنسبة لنا لكن الأمر لم ينته. لدينا 17 شهيدا و30 جريحا. ولا توجد أي اصابة جراء أعيرة نارية فجميعها نتيجة شظايا من صواريخ وهو دليل على مدى ما نواجهه للتصدي للضربات الجوية الروسية."
وأضاف "اذا كان الغرب يريد منا الحاق الهزيمة بقوات الحكومة السورية فنحن في حاجة عاجلة إلى قدرات (أسلحة) مضادة للطائرات."
وقال عضو بحركة أحرار الشام وهي واحدة من كبرى جماعات المعارضة إن المعارضة المسلحة تخلت عن استراتيجية الاحتفاظ بأراض وتحولت إلى أساليب حرب العصابات.