من ليلى بسام وتوم بيري
بيروت (رويترز) - قال أمين عام حزب الله حسن نصر الله يوم الثلاثاء إن المملكة العربية السعودية دفعت لبنان الى مرحلة جديدة من الصراع السياسي منذ قرارها وقف مساعدات للجيش اللبناني لكنه أكد أن البلاد ليست على حافة حرب أهلية.
وقال نصر الله أيضا إن السعودية تسعى إلى "الفتنة" بين السنة والشيعة في الشرق الاوسط متهما إياها بإدارة هجمات بسيارات مفخخة في لبنان. ولم يصدر رد فوري من الرياض على هذا الاتهام.
وعلقت السعودية الشهر الماضي مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني بعدما لم تصدر حكومة لبنان بيانات تدين الهجوم على بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين في إيران. لكن نصر الله قال إن الهبة توقفت منذ وفاة الملك عبد الله "وليس بسبب موقفنا".
ويعكس الخلاف صراعا أوسع نطاقا بين إيران والسعودية. وكان لبنان ساحة لهذا الخلاف على مدى العقد الماضي الذي حاول خلاله حلفاء السعودية في لبنان مواجهة النفوذ المتزايد لحزب الله المدعوم من إيران.
وأثار الصراع مخاوف من زعزعة استقرار لبنان السياسي والاقتصادي عبر تفاقم التوترات بين السنة والشيعة. ويخشى الكثيرون في لبنان من تداعيات محتملة على مئات الآلاف من اللبنانيين الذين يعملون في الخليج.
وإمتد التوتر الى الشوارع ليلة السبت الماضي عندما بثت محطة تلفزيونية سعودية برنامجا يسخر من شخصية نصر الله مما دفع أنصاره لقطع الطرق بالاطارات المشتعلة.
وقال نصر الله في كلمة بثها تلفزيون المنار التابع لحزب الله "من الواضح أننا منذ... الإعلان عن وقف الهبات وإجراءات سعودية أخرى دخلنا في مرحلة من الصراع السياسي والإعلامي قامت السعودية بتصعيده."
أضاف قائلا "يظهر أن المناخ العام هو مناخ تصعيدي ... في هذه المعركة حزب الله قادر وجدير ولائق أن يواجه فيها وحده لا نطلب من أي حليف أن يحرج نفسه بكلمة."
ومضى يقول "المشكل معنا نحن.. مع حزب الله. قد يكون في هذا المشكل أنا لي حصة خاصة فيه ونحن نقبل أن نتحمل هذه المسؤولية ومعنيين في هذا الموضوع أن نشرحه للبنانيين ولشعوب المنطقة ...لأنه نعم المعركة موجودة ونحن غير نادمين ولا خجلين ولا محرجين ونحن محقين فيها والحق بين وواضح ونحن نسير خلف هذا الحق حتى لو بقينا وحدنا."
ووصف المعركة بأنها "معركة كبرى موجودة في المنطقة ستحدد مصير المنطقة ومن ضمنها لبنان."
وقال "كل ما يحصل الآن أنه المطلوب من الحكومة اللبنانية ومن القوى السياسية اللبنانية ومن اللبنانيين المقيمين والمغتربين أنهم كلهم يقاتلون حزب الله ويضغطون على حزب الله ويواجهون حزب الله حتى حزب الله يتراجع ... عن موقفه من المملكة العربية السعودية حتى لو كان هذا الأمر يؤدي إلى فتنة في لبنان.. إلى سقوط الحكومة في لبنان.. إلى حرب أهلية في لبنان السعودية.. لا تسأل عن هذا الأمر."
وفيما يتعلق بالحكومة اللبنانية المتعثرة برئاسة تمام سلام قال نصر الله إنه ليس في مصلحة لبنان الوطنية استقالة حكومة الوحدة الوطنية التي تجمع بين خصوم وحلفاء للسعودية مؤكدا أن حزب الله لا ينوي الاستقالة من الحكومة.
وأكد تمسك حزب الله بالحوار بين الفرقاء المتنافسين في البلاد ومن ضمنهم تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري حليف السعودية.
وتتمتع السعودية بنفوذ سياسي كبير في لبنان عبر دعمها الزعيم السني سعد الحريري الذي قال يوم الثلاثاء إن "قطع الطرق وحرق الدواليب (إطارات السيارات) في بعض شوارع العاصمة يندرج في إطار محاولة اثارة الفوضى والفتنة."
وأضاف قائلا "علينا أن لا ننجر إلى أي محاولة من هذا النوع."
وكان التوتر بين جماعة حزب الله والحريري قد أدى الى صراع مسلح في مايو ايار 2008 عندما تحول الصراع السياسي الذي لعب دور فيه التنافس السعودي الايراني إلى صراع أهلي قصير.
لكن نصر الله قال انه لن يكون هناك تكرار لذلك الصراع.
وقال "نحن لا نريد أن نقلب الطاولة على أحد. نحن نريد أن تبقى هذه الطاولة موجودة وكلنا حولها ونحكي مع بعض ونتواصل ونتخاصم وقد نهجم على بعض بالسياسة.. بالإعلام ولكن تبقى الطاولة ونبقى كلنا حول الطاولة."
وعبر نصر الله عن رفضه للنزول إلى الشارع مخاطبا أنصاره "لا حاجة إلى النزول إلى الشارع وأطلب منكم أن لا تنزلوا وأنهاكم أن تنزلوا."
وحذرت السعودية ودول خليجية أخرى مواطنيها من السفر إلى لبنان. وأدرجت أربع شركات وثلاثة لبنانيين في القائمة السوداء لصلاتهم بجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية.
وفي الأسبوع الماضي إتهمت أيضا الحكومة اليمنية المدعومة من الخليج حزب الله بتدريب الحوثيين والقوات المحاربة معهم والتخطيط لشن هجمات في السعودية. وترفض إيران وحزب الله الاتهامات بتقديم المساعدة العسكرية للحوثيين.
ورغم الاضطرابات الإقليمية تجنب لبنان حتى الآن الدخول في حرب شاملة مثل ما يحدث في سوريا التي يحارب فيها حزب الله في صفوف قوات الحكومة السورية ضد مسلحي المعارضة المدعومين من السعودية.
وعبر نصر الله عن سعادته بالهجوم الذي شنه على المملكة إثر "عاصفة الحزم" في اليمن قائلا "بكل العمر الذي أنا عشته إذا قلت لي الان ما هو أشرف شيء فعلته في حياتك... أقول لك هو الخطاب الذي ألقيته في اليوم الثاني من الحرب السعودية على اليمن. هذا أعظم شيء فعلته في حياتي. أشعر أن هذا هو الجهاد الحقيقي. هذا أعظم من حرب تموز" في إشارة إلى الحرب التي نشبت بين حزب الله وإسرائيل في يوليو 2006 .
(اعداد ليلى بسام للنشرة العربية- تحرير وجدي الالفي)