من طارق فهمي ونوح براونينج
دبي (رويترز) - تذيع قناة تلفزيونية مملوكة لسعوديين مسلسلا دراميا يظهر وحشية الحياة تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية في مسعى للتصدي للدعاية التي يمارسها التنظيم وساعدته في تجنيد عناصر في أجزاء مختلفة من العالم.
ويعكس المسلسل الذي تكلف إنتاجه عشرة ملايين دولار ويذاع في أنحاء العالم العربي على شاشة قناة (إم.بي.سي) الدور الذي قررت المملكة الاضطلاع به للتصدي للتطرف والذي برز خلال زيارة للسعودية يومي 20 و21 مايو أيار قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويظهر مسلسل (غرابيب سود) شكل الحياة التي يعيشها نساء وأطفال تحت حكم المتشددين وهو أول عمل تلفزيوني يتناول موضوعات مثل عمليات القتل والاغتصاب الجماعية وهو ما يتناقض تناقضا صارخا مع الصورة البطولية المثالية للجهاد التي تقدمها الدولة الإسلامية في دعايتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال مازن حايك المتحدث باسم (إم.بي.سي) لرويترز في مقابلة "الجمهور الهدف الأهم والأخطر هو اللي عنده قابلية أن يتبنى أو أن يقبل أو أن يسهل كي لا نقول إن يكون جزء من منظومة الإرهاب. هذا اللي بدنا نفرجيه (نظهر له) حقيقة التنظيمات الإرهابية ونقول له إن ها دول ليسوا أبطال كما يصورون أنفسهم هم مجرمون".
وتابع قائلا "إذا هم بيستعملوا الإعلام بشكل صار لهم من وقت نشئت داعش وإلى اليوم الإعلام جزء من الاستراتيجية الهجومية تبعيتهم كي لا نقول دفاعية. فيحق للمؤسسات الإعلامية بل من واجبها أن تواجه هجمة إعلامية من ها النوع مموله وموجودة على شبكات التواصل والانترنت وتستعمل كل الوسائل أن تواجه ذلك بمسلسل.. وراح روح أبعد من هيك وقول لك من واجباتنا كإعلام أن ننتج عشرات المسلسلات كغرابيب سود".
وقال ممثلون وموظفون في المحطة لوسائل إعلام محلية إنهم تلقوا تهديدات بالقتل عبر الإنترنت من مؤيدين للدولة الإسلامية بسبب المسلسل.
وصور المسلسل في لبنان وبدأ عرضه يوم السبت مع بداية شهر رمضان ويروي قصة أرملة قيادي في الدولة الإسلامية أصبحت قائدة لقوة شرطة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة بالنساء. ويحتوى المسلسل على مشاهد لمنازل تعرضت للتخريب ومقابر جماعية وتفجيرات ضخمة ومسلحين يلوحون بأعلام سوداء.
وتشمل أحداث مسلسل (غرابيب سود) قصص نساء يزيديات أسرهن التنظيم واستعبدهن جنسيا وجنود أطفال وامرأة فشلت في حياتها العاطفية تنتقل إلى أراض خاضعة لسيطرة التنظيم لتمارس ما يسمى "نكاح الجهاد".
ومنذ شن الدولة الإسلامية لهجومها الخاطف في العراق وسوريا وتنفيذها عمليات قتل بقطع الرؤوس ونشرها أفلاما أنتجتها بعناية لاجتذاب المزيد من المجندين لصفوفها، سعت حكومات عربية وغربية للتصدي لرسالتها.
* محاربة التطرف
خلال زيارة ترامب للرياض كشف العاهل السعودي الملك سلمان عن مركز عالمي لمكافحة التطرف لمراقبة ودحض المواد المتطرفة على الإنترنت كما تضم وزارة الدفاع السعودية حاليا مركزا جديدا للحرب الفكرية.
وقالت نجاة السعيد وهي محللة سعودية ألفت كتابا عن المحطات الفضائية العربية "وسائل الإعلام وحدها ليست كافية. نحتاج لمؤسسات دينية ورجال دين ومساجد للعمل مع وسائل الإعلام لمكافحة التطرف... هناك تقدم لكنه بطيء وليس كافيا بالنسبة للإصلاحيين أو المجتمع الدولي".
ويهدف المسلسل للوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين المسلمين لدى إفطارهم في رمضان وهو موسم رواج الدراما التلفزيونية.
ويختلف موضوع المسلسل كثيرا عن موضوعات تقليدية ركزت على فترات في تاريخ الشرق الأوسط أو القصص الاجتماعية الرومانسية.
وتقول الممثلة السورية ديمة الجندي التي تلعب دور قائدة قوة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النسائية في التنظيم إن الفن وحده هو الذي بوسعه الكشف عن عمق المعاناة الإنسانية التي تسبب فيها التنظيم بالطريقة التي يحتاج المشاهدون لرؤيتها تماما.
وقالت "يعني أنت مثلا إذا بدك تفتح على (اليوتيوب) تفتح وتشوف عمليات قتل مثلا عمليات انتحارية إلى آخره. بس أنت تفاصيل حياتهم اليومية ما بتعرفها. ما تعرف كيف بيجندوا الأطفال ما تعرف كيف بيستغلوا النساء ما بتعرف أصلا كيف بيتعاملوا مع بعض".
ويؤيد كبار رجال الدين السعوديون الإعدام بقطع الرأس عقابا على جرائم تشمل الإلحاد والزنا والشعوذة ويرفضون قيادة النساء للسيارات أو عملهن.
وسحقت السعودية موجة من هجمات القاعدة في الفترة بين عامي 2003 و2006 لكنها شهدت تفجيرات نفذتها الدولة الإسلامية على مدى العامين الماضيين. وتراقب الشرطة السعودية عن كثب سعوديين يشتبه بصلتهم بمتشددين واعتقلت أكثر من 15 ألف مشتبه به في السنوات الماضية منذ بدء القاعدة لحملتها ضد المملكة.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير دينا عادل)