من روبين إيموت
فاليتا (رويترز) - قال مفوض التوسعة بالاتحاد الأوروبي يوهانس هان إن تركيا تحت رئاسة رجب طيب إردوغان تولي ظهرها حاليا لمسعى الانضمام إلى التكتل وتقترح التعاون الاقتصادي كبديل إذا فشل الجانبان في استعادة علاقات الصداقة.
وبعد سنوات من الجمود في مسعى تركيا للانضمام إلى أكبر تكتل تجاري بالعالم تقول حكومات الاتحاد إن العملية ماتت وتبرر ذلك بحملة إردوغان على المعارضين ووصفه لتصرفات ألمانية بأنها "نازية" واستفتاء على تعديلات دستورية منحه سلطات جديدة تقول جماعة حقوقية إنها تفتقر إلى الفصل بين السلطات.
وقال هان وهو المسؤول عن الإشراف على طلبات الانضمام للاتحاد لرويترز "من الواضح للجميع أن تركيا تبتعد على الأقل حاليا من منظور أوروبي".
وأضاف في مقابلة بعد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد في مالطا وبذل جهود بقيادة فرنسا وألمانيا لبحث اتفاق جديد مع أنقرة يستند إلى علاقات التجارة والأمن "ينبغي أن ينصب تركيز علاقتنا على شيء آخر".
وتابع يوم السبت "علينا أن نرى ما يمكن فعله في المستقبل وما إذا كان بوسعنا استئناف شكل من أشكال التعاون". وقال إنه لم يعقد أي اجتماعات بخصوص الاقتصاد مع تركيا منذ يناير كانون الثاني من العام الماضي وهو موعد محدد ضمن محادثات الانضمام.
وعملية الانضمام للاتحاد الأوروبي ليست متوقفة رسميا لكن نوابا بالاتحاد دعوا الأسبوع الماضي إلى وقف المحادثات بشكل رسمي إذ قال البعض إن تركيا لم تعد تستوفي المعايير الديمقراطية حتى تصبح مرشحة ناهيك عن دولة كاملة العضوية بالاتحاد الأوروبي.
وقال إردوغان في مقابلة مع رويترز الأسبوع الماضي إن بلاده لن تقف على باب الاتحاد الأوروبي إلى الأبد وإنها ستنسحب عن محادثات الانضمام إذا استمر ما وصفه بأنه تصاعد الخوف من الإسلام والعداء من جانب بعض الدول الأعضاء في الاتحاد.
وتماشت المفاوضات، التي انطلقت في 2005 بعد عقود من سعي أنقرة لبداية رسمية لمحاولة دخول الاتحاد الأوروبي، مع الإصلاحات الاقتصادية الأولى التي أنجزها إردوغان منذ توليه رئاسة الوزراء في 2003.
ويقول مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إن الإصلاحات التركية لدخول الاتحاد الأوروبي جلبت الاستقرار وجذبت الاستثمار الأجنبي وجعلت تركيا اقتصادا ناشئا مهما إذ تجوب القطارات فائقة السرعة البلد ذي الموقع الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا.
ولا يزال هذا النجاح الاقتصادي جزءا من شعبية إردوغان في أوساط الفقراء الأتراك المتدينين الذين ارتفعت مستويات معيشتهم لكن هان أشار إلى تردي حالة الاقتصاد التركي في الوقت الحالي.
والاتحاد الأوروبي هو أكبر مستثمر أجنبي في تركيا وأكبر شريك تجاري لها وللبلاد حدود مع العراق وسوريا وروسيا عبر البحر الأسود.
* من المسؤول؟
قال هان إنه سيقدم تقريرا إلى حكومات الاتحاد الأوروبي بحلول مطلع العام المقبل لتوضيح وضع تركيا. وقال دبلوماسيون إن عدم الاستعجال في تقديم التقرير يعكس عزوف بعض الدول الأوروبية عن إثارة استياء أنقرة في ضوء اعتمادها على تركيا لمنع المهاجرين من التوافد على أوروبا.
لكن هان قال إن فرض تركيا قيودا على حرية الصحافة والاعتقالات الجماعية وتراجع حقوق الإنسان فيها يجعل من المستحيل انطباق معايير الانضمام للاتحاد الأوروبي عليها حاليا.
وأضاف أن قواعد الاتحاد الأوروبي "غير قابلة للتفاوض" وأن التكتل لن "يفصل وضع حقوق الإنسان" عن المناقشات.
وتابع هان الذي زار وفد بقيادته معارضين في سجون تركية "ليس هناك نسخة تركية من الديمقراطية. هناك الديمقراطية فحسب. للشعب التركي نفس الحق في العيش بحرية كالأوروبيين".
وفي أبريل نيسان أيد الناخبون الأتراك بأغلبية طفيفة بلغت 51.4 بالمئة منح الرئيس سلطات جديدة واسعة وذلك في أكبر تغيير للسياسة التركية منذ تأسيس الجمهورية الحديثة وسط اتهامات من المعارضة بتزوير الأصوات.
وردا على سؤال عما إذا كان الاتحاد الأوروبي يتحمل بعض المسؤولية عن تحول الأمور في تركيا باتجاه نظام أكثر مركزية قال هان إن دافع التغيير نبع من داخل البلاد.
وقال "لا يمكن لأحد التنصل من المسؤولية لكن (تغيير السياسة) يكون القرار السيادي للدولة دائما... إذا كان لديك رؤية معينة في ذهنك فمن الصعب التدخل بطريقة ذات مغزى".
وأضاف "كل جهود الإصلاح هذه ليست من أجل الاتحاد الأوروبي بل من أجل المواطنين" في إشارة إلى العملية التي ساعدت على تحويل دول شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا إلى ديمقراطيات مزدهرة وذلك في سبيل الانضمام للاتحاد.
وقال "ليست لخدمة الأوروبيين".
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)