موسكو، 24 ديسمبر/كانون أول (إفي): شهد العام المنصرم تصاعد حدة التوتر بين روسيا والغرب حيث وصل إلى أعلى مستوياته على مدار الـ 15 عاما من "حقبة بوتين"، وذلك بسبب الأزمة الأوكرانية وضم شبه جزيرة القرم، الأمر الذي جعل من الرئيس الروسي يلعب دور "الشرير" على الساحة الدولية.
وبدأ فلاديمير بوتين العام وهو لايزال يتذوق طعم النجاح الذي حققه أواخر عام 2013 حين أثمرت مساعيه الدبلوماسية عن كبح نوايا الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتدخل العسكري في سوريا.
وارتفعت مؤشرات بوتين العالمية حين أبهرت روسيا العالم بتنظيم أوليمبياد سوتشي الشتوية في فبراير/شباط الماضي على الرغم من نبوءات المتشائمين والحملات الإعلامية الغربية التي سلطت الضوء على رهاب الأجانب في روسيا.
كان كل شىء يسير على مايرام باستثناء ماجرى في العاصمة الأوكرانية كييف التي اشتعلت باحتجاجات "الميدان" ولم تهدأ حتى 22 من فبراير/شباط حين تمكنت المظاهرات من إسقاط الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، الأمر الذي مازالت روسيا تعتبره "انقلابا عسكريا غير دستوري".
وتزامن سقوط النظام الموالي لروسيا في أوكرانيا مع عشية ختام أوليمبياد سوتشي لتعكر بذلك صفو النجاح الجديد الذي حققه بوتين.
ومنذ ذلك الحين، بدأت شعبية الرئيس الروسي في أعين مواطنيه في الارتفاع بنفس مقدار تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذين أصبحوا الداعمين الأساسيين للنظام الجديد في أوكرانيا.
ووصلت شعبية بوتين إلى مستويات غير مسبوقة بعد ضم شبه جزيرة القرم في مارس/أذار الماضي من خلال استفتاء مثير للجدل، أقيم وسط انتشار عسكري روسي، ولاقى دعم غالبية سكان شبه الجزيرة "لإعادة التوحيد" مع روسيا.
وقررت دول مجموعة السبع (الولايات المتحدة وكندا واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا) تعليق مشاركتها في التحضيرات لقمة مجموعة الثماني (جي 8) التي كان من المقرر عقدها في مدينة سوتشي ليستبعدوا بذلك مشاركة روسيا ردا على ضم شبه جزيرة القرم، مشيرين إلى أن القانون الدولي يمنع ضم أراضي دولة أخرى عن طريق الإكراه أو القوة.
ولم يتوقف الأمر على استبعاد روسيا من قمة الدول الثمانية، بل بدأت دول الغرب في فرض عقوبات اقتصادية على الدب الروسي فيما انهارت أسعار النفط، ما أثر سلبا على حالة الاقتصاد.
وفي الوقت الذي تزايدت فيه حدة الاتهامات الموجهة لموسكو من دول الغرب بدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، طالبت روسيا من جانبها بالتعامل معها كقوة عظمى تحمي مصالحها.
وقال بوتين في خطاب ألقاه في أحد المنتديات "الدب (الروسي) لن يطلب إذنا من أحد"، مطالبا بنظام عالمي جديد بدون وصاية الولايات المتحدة.
وصرح الرئيس الروسي من خلال حوار أجراه مع وكالة (تاس) "علينا مواصلة التقدم في هدوء وفقا لمصالحنا الخاصة. عندما تقول روسيا أنها تريد حماية مواطنيها ومصالحها يحاولون إظهارها كمجرمة".
وبعيدا عن الاعتبارات السياسية، لاشك أن روسيا تنهي هذا العام على أعتاب الركود الاقتصادي نتيجة للعقوبات الدولية وانخفاض أسعار النفط الذي يعد المصدر الرئيسي للعملة الصعبة ما جعل الروبل يخسر أكثر من 50% من قيمته منذ يناير/كانون ثان الماضي.
وأشار بوتين في 4 ديسمبر من خلال خطاب ألقاه حول وضع البلاد "هذا العام مررنا معا بتجارب لاتتحملها سوى الأمم الناضجة والمترابطة، الدول القوية والسيادية حقا".
وعلى الرغم من ذلك، حذر بعض الخبراء والسياسيين من أن الشعبية الكبيرة التي يحظى بها بوتين في روسيا بدأت في التدهور في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض الرواتب فضلا عن عدم وجود أحداث مدوية جديدة قد يعتمد عليها الرئيس الروسي لتعزيز شعبيته في الداخل ودغدغة المشاعر القومية والوطنية لشعبه مثل ضم شبه جزيرة القرم إلى الوطن الأم. (إفي)