مدريد، 24 ديسمبر/كانون أول (إفي): شهد عام 2014 وصول ملك جديد لعرش إسبانيا هو فيليبي السادس، وسط تساؤلات عديدة حول النظام السياسي الساري منذ ثلاثة عقود، والقائم على الثنائية الحزبية، إضافة إلى بروز التطلعات الانفصالية للقوميين الكتالونيين.
ففي الثاني من يونيو/حزيران فاجأ العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس الجميع بإعلان تنازله عن العرش، بعد 38 عاما ونصف العام ليخلفه نجله الملك فيليبي السادس.
وأكد الملك خوان كارلوس (76 عاما) أنه ارتأى بالتنازل عن العرش للملك فيليبي السادس (46 عاما)، من أجل "بدء مرحلة أمل" يتم خلالها مزج الخبرة والحراك الذي يتمتع به "الجيل الشاب ذو الطاقات الجديدة" الذي يبدو عازما على "إجراء وبكل تصميم" الإصلاحات التي تحتمها الظروف الحالية.
لكن هذا القرار يأتي مسبوقا بأعوام عصيبة بالنسبة للملكية في إسبانيا، حيث تعرض الملك خوان كارلوس لانتقادات عدة رغم أنه تاريخيا محبوب من الجميع، إضافة إلى تدهور حالته الصحية.
وقد تم تتويج فيليبي السادس ملكا لإسبانيا في 19 يونيو/حزيران الماضي، حيث أكد استعداده للعمل وتعهد بتولي مهام منصبه بشكل أمين وشفاف.
وربما تمكن قراءة هذه العبارة الأخيرة على أن الملك فيليبي السادس يتطرق إلى (قضية نوس)، التي يحقق فيها القضاء حول الشقيقة الثانية للملك، كريستينا، وزوجها إنياكي أوردانجارين، بتهمة الفساد.
وكانت الأميرة كريستينا وزوجها قد أسسا شركة "ايزوون"، ويمتلك كل منهما 50% من أسهمها، والتي يشتبه في أنه تم من خلالها تبديد الاموال العامة بشكل غير قانوني، عبر الاحتيال على المالية العامة.
على أن الملك فيليبي السادس نجح بشكل كبير في تغيير صورة الملكية مقارنة بالأعوام الأخيرة الماضية، فضلا عن إضفاءه جانبا كبيرا من النشاط على أجندته خلال الأشهر الحالية.
وقد زار الملك الجديد عددا من الأماكن للظهور في أحداث عامة كان من بينها إقليم كتالونيا حيث نفذت أحزاب قومية هذا العام محاولة لإجراء استفتاء لتقرير مسألة استقلالية الإقليم.
وقضت المحكمة الدستورية الإسبانية في مناسبتين اثنتين ببطلان محاولة إجراء استفتاء من هذا النوع، رغم أن القوميين الكتالونيين نجحوا في دعوة 2.3 مليون مواطن في استفتاء التاسع من نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وهو الإجراء الذي لم يكن له أي طابع قانوني ملزم.
فيما رفضت حكومة مدريد التي يقودها الحزب الشعبي (يمين وسط)، وكذلك الحزب الاشتراكي أبرز فصائل المعارضة، هذا الاستفتاء باعتبار أن ليس له أساس في الدستور.
بالمثل، تم استدعاء الدستور في أكثر من مناسبة خلال 2014 خاصة أنه شهد وفاة أحد واضعيه وهو أدولفو سواريث، الرجل الذي أشرف على مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية في إسبانيا.
كما أن هذه الفترة والدستور نفسه تعرضا لانتقادات وأصبحا تحت منظور الحكم خاصة من جانب القوميين الكتالونيين أو حزب (بوديموس) الذي دخل المعترك السياسي من أجل إنهاء الثنائية الحزبية.
وفجر (بوديموس) مفاجأة قوية خلال انتخابات البرلمان الأوروبي التي عقدت في مايو/آيار الماضي حين حصل على 8% تقريبا من الأصوات، بفضل استراتيجية تعتمد على نقد الحزبين التقليديين، الشعبي والاشتراكي.
إلا أن استطلاعات الرأي التي أجريت بنهاية العام الجاري تشير إلى أن الحزب قد يحصل على 20% أو أكثر في الانتخابات، وهي نفس النسبة التي يتمتع بها الحزبان الشعبي والاشتراكي، الأمر الذي يعني "حراكا" في المسرح السياسي، بحسب رؤية زعيم الحزب بابلو إجليسياس.
ورغم أن جانب لا بأس به من مبادرات (بوديموس) يمكن تصنيفها بأنها يسارية التوجه، إلا أن الحزب نجح في توسيع قاعدة شعبيته بين الناخبين المعتدلين خاصة هؤلاء الذين سأموا من الفساد الذي تكشفت بعض حالاته ووقائعه على مدار العام.
بالمثل، يواجه الاشتراكيون مشكلات أخرى في معقلهم الرئيسي إقليم الأندلس حيث يجرى تحقيق قضائي حول شبهات فساد تتعلق بالمال العام.
كما شهد القوميون الكتالونيون كيف اعترف زعيمهم ورئيس الإقليم السابق بامتلاكه حسابات في الخارج، بينما تجرى عمليات ضد وقائع فساد في البلديات والاقاليم التي تتمتع بالحكم الذاتي، بناء على عمولات غير مشروعة مقابل تعاقدات. (إفي)