من توم أرنولد ومارك جونز
لندن (رويترز) - قد يحتاج لبنان إلى دعم من البنوك المحلية أو حتى دول الخليج الصديقة للإكتتاب في إصدار جديد لسندات دولية بينما يبدو المستثمرون الأجانب عازفين عن الشراء، مشيرين إلى قائمة طويلة من المشاكل لبلد مثقل بالديون.
ويستعد لبنان هذا الشهر لطرح سندات بالعملة الأجنبية بقيمة ملياري دولار تقريبا، على أن تُخصص الأموال التي ستُجمع من البيع لإعادة تمويل الديون المستحقة وتدعيم المالية العامة الهشة للبلاد.
لكن الاستجابة الدولية تبدو فاترة، حيث يميل مديرو الصناديق إلى الاحتراس في وضع أموال في دولة مثقلة بأحد أكبر أعباء الديون في العالم وتسعى جاهدة للتغلب على العديد من مواطن الخطر المحلية والجيوسياسية.
وقال فيكتور سابو مدير محفظة أبردين ستاندرد "يبدو أنهم يقتربون أكثر فأكثر من انهيار داخلي".
كما تبدو الآمال ضعيفة في أن تتدخل صناديق الثروة السيادية أو حلفاء إقليميون آخرون للإنقاذ. وحتى الآن لم تعلن السعودية أو غيرها من الدول الخليجية الثرية الداعمة للبنان أنها تخطط للإكتتاب.
ومع وصول نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 140 بالمئة، فإن لبنان في حاجة لسد عجز متزايد في ميزان المدفوعات وتعزيز احتياطياته من النقد الأجنبي المنخفض بشكل ينذر بالخطر. ومما يفاقم محنته تباطؤ تدفقات رأس المال من الخارج، والتي اعتمدت عليها بيروت لوقت طويل للمساعدة في تلبية حاجاتها التمويلية.
ووفقا لبيانات رفينيتيف، يواجه لبنان جدولا زمنيا مشحونا لسداد ديون بعملات أجنبية، حيث من المقرر سداد ديون بقيمة 1.5 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني وديون أخرى بقيمة 2.5 مليار دولار في الفترة من مارس آذار ويونيو حزيران في العام القادم.
وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هذا الأسبوع إن البنك المركزي مستعد لسداد هذه المدفوعات، لكن مراقبين متشككون بشأن قدرة لبنان على مواصلة سداد ديونه بدون ضخ أموال من الخليج أو إجراء إصلاحات.
وتبلغ احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي نحو 50 مليار دولار، لكن محللين يقولون إنه مع استبعاد الأموال المخصصة لأغراض محددة، فإن المبلغ المتاح للاستخدام يصبح أقل بكثير.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد هذا العام، هوت أسعار سنداتها الدولارية بنحو 16 بالمئة، وتجاوزت تكلفة التأمين على ديونها ضد مخاطر التخلف عن السداد نظيراتها في معظم البلدان مع استثناء الأرجنتين. وقال مديرو صناديق إن لبنان ربما يتعين عليه دفع سعر فائدة يبلغ حوالي 15 بالمئة للنفاذ إلى السوق.
وقال ياكوف أرنوبولين، كبير مديري محافظ الدين الخارجي للأسواق الناشئة لدى بيمكو "مع تداول السندات الحالية بخصم كبير عن القيمة الأسمية، قد يكون من الصعب اجتذاب اهتمام من الخارج للسندات الجديدة".
وفي غياب دعم من المؤسسات الاستثمارية لإصداره الجديد من السندات الدولية، فإن لبنان ربما يضطر للاعتماد على البنوك المحلية التي تحوز بالفعل الكثير من دينه الحالي.
وساعدت البنوك المحلية في تلبية حاجات لبنان التمويلية لسنوات من خلال إيداع المزيد من الدولارات لدى البنك المركزي في عملية وصفها محللون بأنها هندسة مالية.
وقال نديم المنلا، كبير مستشاري رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لرويترز إنه يأمل بأن رحلات يعتزم الحريري القيام بها إلى دولة الإمارات العربية والسعودية ستثمر عن "شيء ما ملموس" بعد "علامات مشجعة" على استعداد حلفاء خليجيين لإيداع أموال في لبنان.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان الشهر الماضي إن المملكة تناقش دعما ماليا مع بيروت.
وقال المنلا إن الأمر سيكون بيد الدول المعنية لتقرر شكل مثل هذه المساعدة لكنها ستكون إما ودائع لدى البنك المركزي أو "في الأغلب" اكتتاب في السندات الدولية اللبنانية. ولم يذكر ما إذا كان يشير إلى الإصدار الدولي الجديد المزمع أو إصدار آخر.
وأي دعم أجنبي من المرجح أن يكون مرتباطا بتسريع إصلاحات هيكلية طال انتظارها، مثل إصلاح قطاع الطاقة ومحاربة الفساد.
ونال لبنان تعهدات بمساعدات بقيمة 11 مليار دولار في مؤتمر للمانحين عقد في باريس العام الماضي. لكن حكومات أجنبية بما في ذلك فرنسا تريد أولا أن ترى بيروت تنفذ إصلاحات.
وينطبق الشيء نفسه على الكثير من المؤسسات الاستثمارية.
وقال ليو خه كبير مديري المحافظ لدي إن.إن انفستمنت بارتنرز "إذا اتفقت الحكومة على ميزانية للإصلاح المالي قابلة للتنفيذ، فإنها قد ترسل إشارة إيجابية جدا إلى السوق، وذلك يساعد البلاد على النفاذ إلى أسواق رأس المال".
(إعداد أحمد السيد للنشرة العربية- تحرير وجدي الالفي)