من باريسا حافظي
دبي (رويترز) - وصفت إيران يوم الأحد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "إرهابي يرتدي بذلة" بعد أن هدد باستهداف 52 موقعا إيرانيا إذا هاجمت طهران أمريكيين أو أصولا أمريكية ردا على قتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وبينما تخوض الدولتان حربا كلامية، حث الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان وبريطانيا الطرفين على خفض تصعيد الأزمة.
وقُتل سليماني يوم الجمعة في ضربة بطائرة أمريكية مسيرة على موكبه عند مطار بغداد في هجوم نقل العداء طويل الأمد بين واشنطن وطهران إلى مستوى آخر لا مثيل له وزاد من احتمالات نشوب صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.
وخرج مئات الألوف من المشيعين في أنحاء إيران ينتحبون ويضربون بأيديهم على صدورهم تعبيرا عن ألمهم لفقد سليماني الذي وصل جثمانه إلى الوطن.
وقال محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني في تغريدة على تويتر "ترامب إرهابي يرتدي بذلة شأن داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) وهتلر وجنكيز خان! إنهم يكرهون الحضارات. سيتعلم من التاريخ قريبا أن أحدا لا يستطيع هزيمة ’الأمة والحضارة الإيرانية العظيمة’".
وكان سليماني بحكم منصبه مهندس العمليات السرية والعسكرية لطهران في الخارج. وتعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الجمعة بانتقام قاس لمقتله.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إنه في حالة تعرض أي أهداف أمريكية للهجوم، فسوف يكون من حق الولايات المتحدة الرد بضربات تستهدف صناع القرار الذين دبروا لمثل هذه الهجمات.
وأضاف بومبيو خلال مقابلة مع برنامج (ذيس ويك) على قناة (إيه.بي.سي) "تقديرات المخابرات أوضحت أن التقاعس، بما يسمح لسليماني بمواصلة تدبيره وتخطيطه، لحملته الإرهابية يمثل خطرا أكبر من التحرك الذي أقدمنا عليه الأسبوع الماضي".
وقال منتقدون ديمقراطيون للرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب إن الهجوم الذي صدّق ترامب على تنفيذه طائش وينذر بالمزيد من إراقة الدماء في منطقة خطيرة.
وذكر ترامب في تغريدة يوم السبت أن إيران "تتحدث بجرأة كبيرة عن استهداف أصول أمريكية بعينها".
وأضاف أن الولايات المتحدة "حددت 52 موقعا إيرانيا لاستهدافها" وأن بعضها يعد "على درجة عالية من الأهمية لإيران وللثقافة الإيرانية وأن تلك الأهداف وإيران نفسها ستُضرب بسرعة كبيرة وبقوة كبيرة".
وقال إنه تم تحديد هذا العدد من الأهداف في إشارة إلى 52 أمريكيا احتُجزوا رهائن داخل السفارة الأمريكية في إيران عام 1979 خلال الثورة الإسلامية.
* ’تصريحات عدائية’
قال التلفزيون الرسمي الإيراني إن إيران استدعت السفير السويسري الذي يمثل المصالح الأمريكية فيها يوم الأحد للاحتجاج على تصريحات ترامب "العدائية".
ودعا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خوسيب بوريل إلى العمل على خفض تصعيد التوتر في الشرق الأوسط خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ودعاه لزيارة بروكسل لبحث سبل الحفاظ على الاتفاق النووي مع طهران.
وأطلق قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في 2018 وإعادة فرض العقوبات على طهران شرارة دوامة أخرى من التوتر بين البلدين بعد تقارب وجيز شهدته العلاقات بعد توقيع الاتفاق النووي.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي قوله إن طهران ستقرر يوم الأحد خطوتها التالية في إطار تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية عام 2015.
وقال موسوي "الليلة سيكون هناك اجتماع مهم للغاية للبت في خطوتنا النووية التالية وتنفيذ الاتفاق... بالنظر إلى التهديدات الأخيرة (من قبل واشنطن) يجب التأكيد على أنه في السياسة كل التطورات والتهديدات مرتبطة ببعضها البعض".
* نواب عراقيون يريدون طرد القوات الأمريكية
أبدى العديد من العراقيين، حتى من يعارضون سليماني، غضبهم إزاء واشنطن لقتلها سليماني وأبو مهدي المهندس القيادي بالحشد الشعبي العراقي على الأراضي العراقية وجر بلادهم المحتمل إلى صراع جديد.
وعقد البرلمان العراقي جلسة استثنائية يوم الأحد ووافق على قرار يطالب الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق.
وقال عمار الشبلي وهو نائب شيعي وعضو باللجنة القانونية بالبرلمان "ليس هناك حاجة لوجود القوات الأمريكية بعد هزيمة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)".
ورغم العداء المستمر منذ عقود بين إيران والولايات المتحدة، حارب مقاتلون مدعومون من إيران إلى جانب القوات الأمريكية أثناء حرب العراق على تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2014 و2017.
وجرى دمج مقاتلي الفصائل المدعومة من إيران في القوات الحكومية تحت مظلة قوات الحشد الشعبي التي كان المهندس من قادتها.
وبقيت قوات أمريكية قوامها نحو خمسة آلاف جندي في العراق وأغلبها تقوم بمهام استشارية.
* لا تملك الشجاعة
نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن قائد الجيش الميجر جنرال عبد الرحيم موسوي قوله يوم الأحد إن الولايات المتحدة لا تملك الشجاعة لخوض مواجهة عسكرية مع بلاده.
وقال حسن نصر الله الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران إن مقتل سليماني يمثل بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد ليس فقط بالنسبة لإيران أو العراق بل للمنطقة برمتها. وخاضت الجماعة صراعات متعددة مع إسرائيل حليفة الولايات المتحدة منها حرب لمدة شهر في عام 2006.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية يوم الأحد أن السلطنة تدعو الولايات المتحدة وإيران إلى "تغليب لغة الحوار" لتهدئة التوتر بينهما. وتوسطت عمان من قبل بين الدولتين إذ تربطها علاقات ودية بالطرفين.
كما حثت بريطانيا على خفض التوتر في المنطقة.
وبينما احتشد كثيرون تعبيرا عن الحزن على مقتل سليماني الذي يعد ثاني أقوى شخصية في البلاد بعد خامنئي، عبر آخرون عن مخاوفهم من أن يؤدي مقتله إلى الزج بالبلاد في أتون حرب مدمرة مع دولة عظمى.
(شارك في التغطية كايلي مكليلان من لندن وأحمد رشيد من بغداد وبابك دهقان بيشه من دبي وفرانسيسكو جواراسيكو من بروكسل وتوم بيري من بيروت ودافني ساليداكيس ودوينا شياكو من واشنطن وعتيق شريف من بنجالورو - إعداد محمد فرج للنشرة العربية - تحرير محمد اليماني)