من بابك دهقان بيشه
دبي (رويترز) - دعا الإيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء لمظاهرات جديدة بعد أسبوع من إسقاط طائرة ركاب ساعين إلى تحويل الاحتجاجات التي أعقبت التحطم إلى حملة مستمرة على القيادة الإيرانية.
وينظم متظاهرون أغلبهم من الطلاب احتجاجات يومية في طهران ومدن أخرى منذ يوم السبت عندما اعترفت السلطات، بعد نفيها على مدى أيام، بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية الأسبوع الماضي مما أودى بحياة 176 شخصا كانوا على متنها.
وأفاد منشور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي "قادمون إلى الشوارع" وحث الناس على الانضمام للمظاهرات على مستوى البلاد احتجاجا على "حكومة سارقة وفاسدة".
وأغلب ضحايا الطائرة من الإيرانيين أو أصحاب جنسية مزدوجة، وكثيرون منهم طلاب كانوا عائدين لمواصلة دراساتهم في الخارج بعد زيارة أسرهم في العطلة.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت الاحتجاجات ستقود إلى عنف مستمر. فبعد عدة أيام من الاضطرابات، أظهرت خلالها صور منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي الشرطة تضرب المتظاهرين وتصعقهم بالعصي الكهربائية، بدت الاحتجاجات أهدأ يوم الثلاثاء. وقتلت السلطات مئات المتظاهرين قبل شهرين في حملة لقمع احتجاجات تفجرت بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وأسقطت الدفاعات الجوية الطائرة يوم الثامن من يناير كانون الثاني عندما كانت القوات المسلحة في حالة استنفار تحسبا لرد أمريكي بعد ضربات عسكرية متبادلة في أحدث تصعيد لأزمة مستمرة منذ سنوات بسبب برنامج إيران النووي.
ورفضت إيران فكرة التفاوض على اتفاق جديد لحل الخلاف النووي وهو ما اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفه رئيس الوزراء البريطاني بأنه "اتفاق ترامب".
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن ترامب، الذي انسحب في عام 2018 من الاتفاق النووي القائم، لم يف بعهوده.
واعتذر الجيش وكبار المسؤولين بشدة عن إسقاط الطائرة الذي وصفوه بأنه "خطأ لا يغتفر" وقالوا إنهم سيحاكمون المسؤولين عنه، في محاولة لتهدئة حالة الغضب العام.
وأظهرت تسجيلات مصورة آلاف المتظاهرين يتجمعون في الأيام الأربعة الماضية في مختلف المدن الإيرانية، واحتشد عدد كبير منهم أمام جامعات. وكان ميدان أزادي في وسط طهران مركزا للاحتجاجات كذلك. لكن من الصعب تقدير نطاق الاحتجاجات والاضطرابات بسبب القيود المفروضة على التغطية الإعلامية المستقلة.
ولم تورد وسائل الإعلام المرتبطة بالحكومة سوى القليل من التفاصيل عن الاحتشادات.
* غضب
نفت الشرطة إطلاق النار على المتظاهرين وقالت إن الضباط تلقوا تعليمات بضبط النفس. وقالت الهيئة القضائية إنها اعتقلت 30 شخصا لكنها ستبدي تسامحا مع "الاحتجاجات القانونية".
وذكرت وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية للأنباء أن الحرس الثوري احتجز شخصا نشر مقطع فيديو على الإنترنت الأسبوع الماضي عن صاروخ يضرب الطائرة. واعترف الحرس الثوري بأن أحد أفراده أسقط الطائرة.
وسادت موجة غضب في البلاد بسبب تأخر الجيش أياما قبل اعترافه بإسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية. ويتساءل الناس لماذا سُمح للطائرة بالإقلاع في وقت يشهد توترات شديدة.
وشنت إيران ضربات صاروخية على أهداف أمريكية في العراق قبل ساعات من تحطم الطائرة ردا على قتل قائد عسكري بارز في ضربة أمريكية بطائرة مسيرة في العراق يوم الثالث من يناير كانون الثاني.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الثلاثاء أن لقطات سجلتها كاميرا أمنية أظهرت أن صاروخين، انطلقا بفارق 30 ثانية، أصابا الطائرة بعد إقلاعها. وقال مسؤولون بالمخابرات الأمريكية إن بصمة حرارة لصاروخين سطحجو رُصدت في التاسع من يناير كانون الثاني.
وكثفت كارثة الطائرة والاضطرابات التي أعقبتها الضغوط على حكام إيران الذين يواجهون صعوبات في الحفاظ على اقتصاد البلاد من الانهيار تحت وطأة عقوبات أمريكية صارمة فرضتها واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع قوى عالمية.
واعتقلت السلطات السفير البريطاني لدى طهران واتهمته بحضور احتجاج. وقال السفير إنه كان يشارك في وقفة لتأبين ضحايا الطائرة الأوكرانية.
وحث مسؤولون من السلطة القضائية السلطات على طرد السفير وذكرت مواقع للتواصل الاجتماعي أنه غادر البلاد. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنه في رحلة مقررة مسبقا ولم يغادر بشكل دائم.
وقالت أوكرانيا إن لندن استضافت يوم الخميس اجتماعا ضم ممثلين عن كندا وأوكرانيا وبريطانيا ودول أخرى لها رعايا ضمن ضحايا الطائرة لبحث اتخاذ إجراء قانوني ضد إيران.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن كندا، التي قتل 57 من مواطنيها في تحطم الطائرة، أرسلت محققين إلى إيران حيث تفقدوا موقع التحطم يوم الثلاثاء.
(شارك في التغطية باريسا حافظي - وإعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)