من جاريت رينشو وجوزيف تنفاني
(رويترز) - في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتشويه الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بادعاءات لا أساس لها بالتلاعب في الأصوات، أطلق فريق العاملين معه سيلا من الطلبات لأنصاره للتبرع من أجل المساعدة في تغطية تكاليف الطعون القانونية على النتائج.
وتقول إحدى الرسائل "سيحاول اليسار أن يسرق هذه الانتخابات".
غير أن مراجعة أجرتها رويترز للصياغة القانونية لهذه الطلبات تكشف أن أي تبرعات دولارية صغيرة من المتبرعين في القاعدة الشعبية لأنصار ترامب لن توجه لأي نفقات قانونية على الإطلاق.
وتُبين وثائق الإفصاح المقدمة للسلطات لطلب التبرعات أنه يتعين على المتبرع أن يقدم أكثر من ثمانية آلاف دولار لكي يوجه المال إلى "حساب إعادة الفرز" الذي أُنشيء لتمويل الطعون في الانتخابات بما في ذلك إعادة فرز الأصوات والدعاوى الخاصة بمخالفات مزعومة.
وتوجه الطلبات المُرسلة بالبريد الإلكتروني الأنصار إلى موقع على الانترنت اسمه "الصندوق الرسمي للدفاع عن الانتخابات" يطلب منهم الموافقة على تقديم تبرعات "لحماية النتائج ومواصلة الكفاح حتى بعد يوم الانتخابات".
وتوضح التفاصيل الدقيقة أن أغلب هذه التبرعات سيوجه إلى أولويات أخرى.
وسيُخصص جزء كبير من الأموال للجنة مختصة بقيادة ترامب اسمها "انقذوا أمريكا" شُكلت يوم الاثنين وللجنة الجمهورية الوطنية. وبمقتضي قواعد لجنة الانتخابات الاتحادية يُتاح للجنتين مجال واسع لاستخدام هذه الأموال.
ولم ترد حملة ترامب ولا اللجنة الجمهورية الوطنية ولا لجنة انقذوا أمريكا على طلبات للتعليق.
واللجان المختصة بالقيادة مثل لجنة انقذوا أمريكا تستخدمها في الغالب شخصيات سياسية بارزة لإنفاق المال على مرشحين آخرين وتسدد في الوقت نفسه مصروفات شخصية مثل السفر والإقامة في الفنادق.
وتسمح وثائق الإفصاح لترامب واللجنة الجمهورية الوطنية بتحويل التبرعات إلى قضايا سياسية أو حملات دعاية أخرى مثل سباق الإعادة المهم على مقعدي مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا خلال يناير كانون الثاني اللذين قد يُحددان مصير السيطرة على المجلس ومن المرجح أن يكون من أكثر السباقات الانتخابية كُلفة في التاريخ الأمريكي.
وتتصدر الموقع الإلكتروني للمطالبة بالتبرع لترامب عناوين ضخمة تقول "الصندوق الرسمي للدفاع عن الانتخابات" و"ساهموا الآن".
ومن يمعن النظر في التفاصيل أسفل الصفحة يكتشف أن التبرعات تقسم بين صندوق "انقذوا أمريكا" الذي سيحصل على 60 في المئة منها واللجنة الجمهورية الوطنية التي ستحصل على 40 في المئة.
ولا توجه أي أموال إلى حساب لجنة "إعادة الفرز" الرسمية الخاصة بترامب قبل وصول لجنة انقذوا أمريكا الخاصة بإعادة فرز الأصوات إلى حد المساهمات القانونية البالغ خمسة آلاف دولار وفقا لما ورد في وثائق الإفصاح.
وهذا معناه أن صندوق انقذوا أمريكا سيحصل قبل توجيه أي أموال لصندوق إعادة الفرز على 5000 دولار واللجنة الجمهورية الوطنية على حوالي 3300 دولار. وتقتصر التبرعات للجنة إعادة الفرز قانونا على 2800 دولار.
وعلى سبيل المثال إذا قدم أحد المتبرعين من أنصار ترامب 500 دولار فسيخصص منها 300 دولار لصندوق انقذوا أمريكا التابع لترامب ويخصص مبلغ 200 دولار للجنة الجمهورية الوطنية. ولا يحصل صندوق الدفاع عن الانتخابات في هذه الحالة على شيء.
وقال أحد المخططين الاستراتيجيين الجمهوريين إن ترامب يُضلل أنصاره الذين قد يتبرعون بمبالغ صغيرة لأي قضية يقرها هو.
فقد قال مايكل دوهيم المدير السياسي السابق باللجنة الجمهورية الوطنية "من المهم مصارحة الناس. خاصة أولئك الذين يرهقون ميزانياتهم للتبرع بمبلغ 25 دولارا. فإذا قيل لهم إنها ستوجه للرسوم القانونية فيجب حينئذ أن توجه للرسوم القانونية".
ويقول داريل سكوت القس في ولاية أوهايو الذي ساعد في تأسيس تحالف التنوع الوطني لدعم ترامب وكان عضوا في الفريق الانتقالي للرئيس في 2016 إنه لا يرى مشكلة في تحويل التبرعات إلى اللجنتين الأخريين.
وأضاف "أرى هذا مثل جيبين في سروال واحد. فلا يهم إذا دخل المال في الجيب الشمال أو الجيب اليمين. في النهاية سيستخدم المال لغرض مشروع يؤيده أنصاره".
وجاءت المطالبة بالتبرعات بعد رفض ترامب قبول نتائج الانتخابات التي أعلنتها وسائل الإعلام الكبرى يوم السبت وتأكيدها فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن نائب الرئيس السابق.
وقد أيّد معظم الحزب الجمهوري تصريحات ترامب إما بالتزام الصمت أو بالتأييد العلني للطعون في الانتخابات.
وكان فريق إعادة انتخاب ترامب قد بدأ عام 2020 بحصيلة كبيرة بفضل حملة كبرى لجمع التبرعات ومساعي مشتركة مع الحزب الجمهوري. غير أن هذه الميزة تبخرت بعد أن استنفدت حملة الدعاية لترامب 1.4 مليار دولار من الإجمالي البالغ 1.6 مليار دولار خلال العامين الأخيرين.
وبحلول منتصف أكتوبر تشرين الأول لم يتبق لدى فريق الدعاية لترامب والحزب الجمهوري سوى 223.5 مليون دولار واضطر إلى تقليص الإعلانات.
وفي الأسابيع الثلاثة الأخيرة لم يتبق لدى حملة ترامب سوى 43 مليون دولار في حين كان لدى بايدن والديمقراطيين 432 مليون دولار نقدا في المرحلة الأخيرة منها 177.3 مليون دولار لحملة الدعاية لبايدن وحده.
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)