أديس أبابا (رويترز) - روى جنديان حوصرا نحو عشرة أيام في قاعدة عسكرية بإقليم تيجراي الإثيوبي كيف استخدم جنود منشقون دبابات حكومية للهجوم على زملائهم السابقين بالقاعدة في الأيام الأولى من معارك استمرت شهرا في الإقليم.
قال الجنديان إن القوات التي كانت لا تزال موالية للحزب الحاكم السابق في الإقليم وهو الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي طوقت قاعدة سيرو قرب الحدود الشمالية للبلاد مع إريتريا في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني. وخلال أيام، بدأت إمدادات الغذاء والماء تتناقص مما أجبر المحاصرين في الداخل على تقسيمها إلى حصص.
وأضافا أن الحصار بلغ ذروته في اليوم العاشر عندما وصلت تعزيزات لقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي مزودة بدبابات وقذائف مضادة للطائرات وقذائف هاون في محاولة للسيطرة الكاملة على القاعدة العسكرية. ووصفا محنة استمرت نحو ست ساعات حاول خلالها بعض الجنود الهرب من جدار خلفي لكن تم اعتقالهم.
وقال أحد الجنديين ويدعى تاقلي أمبايي "حتى بعد أن استسلمنا، طعنوا أحد رفاقنا دون سبب" مضيفا أنه شاهد جثث 15 جنديا من رفاقه، تنوعت إصاباتهم ما بين جروح قطعية وإصابات بالرصاص.
والرواية التي قدمها الجنديان تاقلي أمبايي ومولا كاسا لرويترز تدعم رواية الحكومة عما تسبب في بدء الصراع. كما تتسق أيضا مع تفاصيل صرح بها ضابط كبير في الجيش في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون في العاشر من نوفمبر تشرين الثاني.
لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تنفي أنها كانت البادئة بإشعال فتيل الصراع.
وقال زعيم الجبهة دبرصيون جبرمكئيل لرويترز في رسالة نصية الشهر الماضي "لم نبدأ أي هجوم"، لكنه قال إن بعض الجنود "انضموا لنا في رفض معاملة الحكومة الاتحادية لتيجراي".
ولم يتسن لرويترز التواصل مع مسؤولين آخرين من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي للحصول على المزيد من التعليق.
كما لم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من رواية الجنديين إذ أن الاتصالات (SE:7010) في هذا الجزء من تيجراي مقطوعة كما تفرض الحكومة قيودا مشددة على الدخول للمنطقة. ولم يستجب مسؤولون من الحكومة والجيش لطلبات للحصول على تعليق.
وتقول الحكومة إن قواتها استعادت حاليا السيطرة على المدن والبلدات الكبرى في تيجراي وإن إدارة انتقالية جديدة تعمل لإعادة النظام للإقليم.
لكن المواقف التي رواها الجنديان توضيح سبب استمرار الانقسامات المريرة حتى بعد توقف المعارك.
قال مولا "أقسى ما في الأمر هو أنني بقيت هناك (في تيجراي) لمدة 21 عاما وهي مدة أطول من التي قضيتها مع أمي التي ربتني... أي نوع من الحيوانات هم؟".
وتحدثت رويترز مع تاقلي ومولا عبر الهاتف هذا الشهر قبل أن يعلن متحدث باسم الجيش حظرا على تحدث الجنود مع وسائل الإعلام. قال الجنديان إن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أسرتهما بعد استسلامهما مع زملائهما في عدة مواقع قبل أن تطلق سراحهما مع نحو مئتي جندي من سيرو ووصلوا في النهاية لسيكوتا في إقليم أمهرة المجاور.
وقال مسؤولون في الحكومة لرويترز إن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي نقلت آلاف الأسرى من الجنود في شاحنات للحدود مع أمهرة وأطلقت سراحهم. ولم يحدد المسؤولون إن كان جنود من سيرو من بين هؤلاء. وحررت القوات الاتحادية جنودا آخرين لدى تقدمها صوب مقلي عاصمة تيجراي وفقا لما قالته الحكومة.
* بداية الصراع
قالت الحكومة إن مقاتلين موالين للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي هاجموا قواعد عسكرية اتحادية في عدة مواقع في تيجراي في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني بعد قطع الاتصالات عنها. وأضافت أن مقاتلي الجبهة سيطروا على مقر القيادة الشمالية للجيش في مقلي وأغاروا على مستودعات القوات الاتحادية.
وذكر تقرير أمني من الأمم المتحدة، اطلعت عليه رويترز، يحمل تاريخ السادس من نوفمبر تشرين الثاني إن قوات تيجراي استولت على أسلحة ثقيلة من عدة مستودعات.
وقال رضوان حسين المتحدث باسم لجنة الطوارئ الحكومية المعنية بالصراع في تيجراي لرويترز من قبل إن المقاتلين كان من بينهم أفراد من قوة الدفاع الوطني وقتلوا جنودا من زملائهم في أسرتهم واستولوا على أسلحتهم.
وفي مؤتمر صحفي في العاشر من نوفمبر تشرين الثاني، قال اللفتنانت جنرال باتشا ديبيلي إن الاتصالات اللاسلكية قطعت في كل القواعد العسكرية في أنحاء تيجراي في العاشرة من مساء الثالث من نوفمبر تشرين الثاني بالتوقيت المحلي وفي اليوم التالي تعرضت مجموعة من كبار الضباط للاختطاف أثناء عشاء مع مسؤولين في تيجراي بينما جرى حصار الجنود في مواقع أخرى.
وتابع قائلا دون أن يقدم أدلة "قتل العديد من الجانبين". وأضاف "دفنوا جثث قتلاهم بينما جردوا جثث جنودنا من ملابسهم العسكرية وتركوها تحت الشمس الحارقة لتأكلها النسور".
* انقسامات مريرة
قال الجنديان لرويترز إن قذائف أطلقت على قاعدة سيرو التي تضم ما بين 250 و300 جندي حكومي في الخامسة من صباح الرابع من نوفمبر تشرين الثاني ثم تراجع المهاجمون عندما بدأ جنود القوات الحكومية في الرد عليهم.
وأشارا إلى أنهما سألا سكان المنطقة عن المسؤولين عن هذا الهجوم وقيل لهما من مسؤول في الجبهة إن قادة الجيش وافقوا على الاستسلام وتسليم أسلحتهم للجبهة وإن على الجنود داخل القاعدة الانصياع لذلك.
وقال مولا "قلنا لم نتلق على الإطلاق مثل تلك الأوامر من القيادة وأبلغناهم أننا لن نسلم أسلحتنا. الأسلحة ملك الدولة".
وروى الجنديان كيف حاصرت قوات الجبهة القاعدة في الأيام التالية مما أجبر من في داخلها على تقسيم حصص الغذاء لترشيد الإمدادات لكن بعد اليوم الثامن نفد الغذاء من القاعدة.
وقال مولا "هاجمونا مثلما تأكل القطة وليدها فور ولادته".
وقال الجنديان إن الخيانة التي جاءت من رفاق سابقين رسخت رغبتهم في الانتقام لزملائهم واعتقال القيادات الفارة من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
قال تاقلي "لم نتمكن حتى من دفن رفاقنا وإخوتنا. منعونا من دفنهم... أريد أن أنضم لأصدقائي وأقاتل".
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)