🔥تغلب على السوق مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

مسيحيو العراق حائرون بين البقاء والرحيل

تم النشر 26/02/2021, 15:15
© Reuters. مسيحيو العراق حائرون بين البقاء والرحيل

من جون ديفيسون

الموصل (العراق) (رويترز) - لا تزال عبارة "الدولة الإسلامية باقية"، مكتوبة بأحرفها كاملة على باب منزل المسيحي العراقي ذنون يحيى. كتبها المتشددون الذين احتلوا منزله في الموصل بشمال العراق لثلاث سنوات عندما كانوا يحكمون المدينة.

يرفض يحيى محو العبارة انطلاقا من رغبته في إظهار التحدي للمسلحين الذين هزمتهم القوات العراقية في نهاية المطاف وللتذكير أيضا بأن وجود الطائفة المسيحية التي يتوزع أفرادها في أنحاء مختلفة من العراق بأعداد آخذة في التضاؤل لا يزال مهددا.

قال الرجل البالغ من العمر 59 عاما، في المنزل الذي استرده بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية في 2017 "لقد ذهبوا. لم يعد بإمكانهم إيذاؤنا. لكن لم يبق منا كثيرون. جيل الشباب يرغبون في الرحيل".

سيكون الخيار الذي يواجه الكثير من مسيحيي العراق بين البقاء والرحيل حاضرا بقوة أثناء أول زيارة يقوم بها بابا الفاتيكان للعراق على الإطلاق. تستمر رحلة البابا فرنسيس من الخامس إلى الثامن من مارس آذار وستكون الموصل إحدى محطاتها.

باع يحيى ورشة أشغال معدنية تملكها العائلة كي يدفع فدية عن شقيقه الذي خطفه مسلحو تنظيم القاعدة في 2004 عندما كان المسيحيون يتعرضون للخطف والإعدام.

ومنذ ذلك الحين، تحول يحيى إلى شاهد على الرحيل، إذ رأى أشقاءه يسافرون إلى دول أجنبية فيما يتراجع العمل ويشح الدخل في العراق.

ومن بين 20 من الأقارب كانوا يعيشون في الحي، لم يبق سوى يحيى وعائلته المكونة من ستة أفراد.

عصفت اضطرابات بمسيحيي العراق على مدى قرون، لكن موجة النزوح الجماعي لم تبدأ إلا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 وتسارعت وتيرتها في عهد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي لم تفرق وحشيته بين الأقليات والمسلمين.

وغادر مئات الآلاف إلى المناطق المجاورة وإلى الدول الغربية.

وعبر سهول نينوى في شمال العراق، وهي موطن لبعض من أقدم الكنائس والأديرة في العالم، يعيش أغلب المسيحيين الباقين نازحين في قرى سقطت بسهولة في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في 2014 أو داخل جيوب بمدن أكبر مثل الموصل والمنطقة الكردية القريبة.

انتهى حكم المتشددين، الذين اتخذوا الموصل عاصمة لهم، على ما يقرب من ثلث أراضي العراق في 2017 بعد معركة مدمرة مع قوات الأمن.

* "العون من الرب وحده"

لا يزال الدمار المادي والخراب الاقتصادي ماثلا للعيان. وتواجه السلطات العراقية صعوبات في إعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب، وتتنافس جماعات مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة على الأرض والموارد، بما في ذلك في معاقل المسيحيين.

يقول المسيحيون إنهم أمام معضلة - إما العودة إلى منازلهم المدمرة، أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى في العراق، أو الهجرة من بلد أثبتت التجارب أنه لا يستطيع حمايتهم.

قال الكاردينال لويس ساكو، رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق "في 2014، اعتقد المسيحيون أن نزوحهم سيستمر بضعة أيام فحسب. لكنه استمر ثلاث سنوات. فقد كثيرون الأمل وهاجروا. لا أمن ولا استقرار".

يقدر عدد المسيحيين في العراق بنحو 300 ألف، أي 20 في المئة فحسب من مليون ونصف المليون مسيحي الذين كانوا يعيشون في البلاد قبل الغزو الذي أطاح بالزعيم السني صدام حسين في 2003.

كانوا ينعمون بالتسامح وحسن المعاملة في ظل حكم صدام، لكنهم أصبحوا أهدافا لعمليات خطف وقتل في العنف الطائفي الذي تفجر منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ومن المقرر أن يقوم البابا فرنسيس بزيارة تاريخية للعراق استعصت على أسلافه السابقين. وسيصلي على ضحايا الصراع في موقع بالموصل دُمرت كنائسه القديمة، التي اتخذ منها تنظيم الدولة الإسلامية مقرا لمحاكمه.

يرحب المسيحيون بزيارة البابا، لكنهم لا يعتقدون أنها ستتمخض عن الكثير لتحسين أوضاعهم.

وقال يحيى "البابا لا يستطيع مساعدتنا.. العون من الرب وحده".

* نازحون وقلقون

عائلة يحيى، التي فرت إلى إقليم كردستان في شمال العراق خلال حكم تنظيم الدولة الإسلامية، واحدة من بضع عشرات من الأسر التي عادت إلى الموصل من السكان المسيحيين البالغ عددهم حوالي 50 ألفا حسب تقديرات رجال دين محليين.

يقدم ابناه المراهقان المساعدة في الكنيسة المحلية، وهي الكنيسة الوحيدة التي رُممت بالكامل في الموصل، والتي يصل عدد الحاضرين فيها إلى نحو نصف طاقتها الاستيعابية في أيام الأحد.

لا يجد ابنه الأكبر فراس عملا أكثر من يوم واحد في الأسبوع ولا يرى لنفسه أي مستقبل في الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق.

وقال "لو أردت الزواج، سأضطر للرحيل. فالمسيحيات هنا نزحن إلى مناطق أخرى ولا يرغبن في العودة. أفضل شيء هو السفر للغرب".

تركت تجربة تنظيم الدولة الإسلامية، التي خيّرت المسيحيين بين تغيير الديانة أو دفع الجزية أو القتل، وعجز قوات الأمن العراقية والكردية عن منع التنظيم من اجتياح بلداتهم، كثيرا من المسيحيين مرتابين في الكل، لا يثقون سوى بأنفسهم.

وتفخر بلدة الحمدانية المسيحية القريبة بوجود فصيل مسلح من أبنائها يقول مسؤولون محليون إن وجوده ضرورة بسبب انتشار فصائل شيعية شبه عسكرية تسعى للسيطرة على الأرض ومقاتلي الدولة الإسلامية الذين ما زالوا يكمنون في مخابئ بشمال العراق.

وقال زعيم للفصيل المسلح المحلي طلب عدم نشر اسمه "لولا وجود فصيل مسيحي مسلح هنا، ما عاد أحد. لماذا نعتمد على قوات خارجية لحمايتنا؟".

عاد ما يقرب من 30 ألف مسيحي، يمثلون نصف سكان الحمدانية، بينهم عدد قليل عادوا من خارج البلاد، وبدأوا في إصلاح البنية التحتية بفضل المساعدات الأجنبية.

في القرية المجاورة، قال الكاردينال ساكو إن معظم المسيحيين عاجزون عن العودة أو غير راغبين فيها لها خوفا من الفصائل الشيعية المحلية، ولأن ممتلكاتهم اشتراها آخرون غير مسيحيين في غيابهم.

وأبدى البعض رغبة في الاستقرار في الحمدانية، لكن مسؤولين محليين يرفضون هذا بشكل عام، خشية أن يترتب عليه إضعاف وجود المسيحيين في العراق.

وقال قائم مقام قضاء الحمدانية عصام دعبول "إذا انتقل الناس إلى هنا من قراهم، فإن ذلك يفرّغ تلك المناطق من المسيحيين".

© Reuters. مسيحيو العراق حائرون بين البقاء والرحيل

وأضاف "هذا يهدد وجودنا في مناطق عشنا فيها على مر الأجيال".

(إعداد أيمن سعد مسلم للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.